الأخبار إمّا صدق وإمّا كذب, فما
كان حقيقة فهو الصدق, وما كان خلاف الحقيقة فهو الكذب.
فمن الكذب نسبة الحكايات الواهية
إلى الله ورسله عليهم السلام ، والجزم بأن الله سبحانه قد قال ذلك، بلا حجة ثابتة
بيّنة، وبلا دليل صحيح , فمن فعل ذلك وظن بأن الأمر هينٌ؛ فهو على خطر
عظيم. فإن الله تعالى قد جعل القول عليه بلا علم قرينا للشرك به سبحانه فقال
عز وجل:{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا
بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ
مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا
تَعْلَمُونَ}.
وقد يتساهل الناس في نقل الروايات
الإسرائيلية مما فيه جملة" قال الله , أو قال موسى, أو غيره من الأنبياء.
فليعلم من يتحدث عن الله
تعالى أو عن رسله عليهم السلام بأحاديث غير صحيحة أنه قد عرّض نفسه للوعيد الشديد
في مثل قول الله سبحانه:{قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ
الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ}.وقوله تعالى{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى
اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي
الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ
حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ، فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ ".
صحيح مسلم
وقد يقول أحدهم: معاذ الله أن أكذب
على الله، أو على رسوله صلى الله عليه وسلم, ولكنني وجدت رواية إسرائيلية فنقلتها
لما أرى فيها من الفائدة. وقد يستدل في الرخصة له في ذلك بقول النبي صلى الله عليه
وسلم :"حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج".
فهذه الجملة خاصة بالتحديث عن بني
إسرائيل لا عن الله عز وجل أو أحد رسله عليهم السلام. فهل يصح له الاحتجاج
بذلك, فيتقوّل على الله مالم يقل؟
ثم إنها ليست مطلقة, فلا يحتج بها في الرخصة باستحلال الكذب على بني إسرائيل.
قال الخطابي رحمه
الله:" معناه: الرخصة في الحديث عنهم على معنى البلاغ من غير أن يصح ذلك
بنقل الإسناد. " (معالم السنن 187/4) وقال أيضا:" ومعلوم
أن الكذب على بني إسرائيل لا يجوز بحال فإنما أراد بقول: وحدثوا عني ولا تكذبوا
عليّ, أي: تحرزوا من الكذب عليّ بأن لا تحدثوا عني إلاّ بما يصح عندكم من جهة
الإسناد الذي به يقع التحرز عن الكذب عليّ. "( معالم السنن 188/4).
وقال الطحاوي:" فكان ذلك
عندنا والله أعلم إرادة منه أن يعلموا ما كان فيهم من العجائب التي كانت
فيهم." (مشكل الآثار126/1)
فهذا فيما كان من أحوال بني
إسرائيل للعبرة بها, لما كان فيهم من الأعاجيب. وما صح به الخبر عنهم, وفي الصحيح
غُنية عن الكذب.
معنى ; "حدثوا عن بني إسرائيل".
قال ابن العربي: كثر استرسال العلماء في الحديث عن بني اسرائيل في كل طريق ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج } .( رواه البخاري)
ومعنى هذا [ الخبر ] الحديث عنهم بما يخبرون [ به ] عن أنفسهم وقصصهم لا بما يخبرون به عن غيرهم ؛ لأن أخبارهم عن غيرهم مفتقرة إلى العدالة والثبوت إلى منتهى الخبر ، وما يخبرون به عن أنفسهم ، فيكون من باب إقرار المرء على نفسه أو قومه ؛ فهو أعلم بذلك .
وإذا أخبروا عن شرع لم يلزم قبوله ؛ ففي رواية مالك ، عن { عمر رضي الله عنه أنه قال : رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أمسك مصحفا قد تشرمت حواشيه ، فقال : ما هذا ؟ قلت : جزء من التوراة ؛ فغضب وقال : والله لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي } .
أحكام القرآن _ سورة البقرة الآية (٦٧).
معنى ; "حدثوا عن بني إسرائيل".
قال ابن العربي: كثر استرسال العلماء في الحديث عن بني اسرائيل في كل طريق ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج } .( رواه البخاري)
ومعنى هذا [ الخبر ] الحديث عنهم بما يخبرون [ به ] عن أنفسهم وقصصهم لا بما يخبرون به عن غيرهم ؛ لأن أخبارهم عن غيرهم مفتقرة إلى العدالة والثبوت إلى منتهى الخبر ، وما يخبرون به عن أنفسهم ، فيكون من باب إقرار المرء على نفسه أو قومه ؛ فهو أعلم بذلك .
وإذا أخبروا عن شرع لم يلزم قبوله ؛ ففي رواية مالك ، عن { عمر رضي الله عنه أنه قال : رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أمسك مصحفا قد تشرمت حواشيه ، فقال : ما هذا ؟ قلت : جزء من التوراة ؛ فغضب وقال : والله لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي } .
أحكام القرآن _ سورة البقرة الآية (٦٧).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله:"فالمعنى
حدثوا عن بني إسرائيل بِما لا تعلمون كذبه, وأما ما تجوّزونه فلا حرج فِي التحدث
به عنهم وهو نظير قوله "إذا حدّثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم" ,ولم
يرد الإذن ولا المنع من التحدث بما يقطع بصدقه "(
فتح الباري 499/6)
فهذا ظاهر في أن المراد بجواز
التحديث عن بني إسرائيل على وفق ماسبق بيانه.
وما صح سنده من الأحاديث القدسية جازت روايته. لكن المحذور من ذلك مالم يصح.
فنسبة القول إلى الله ، مثل قولهم: "يروى أنّ الله قال.. "، فهذه الصيغة في الأصل موضوعة للدلالة على ضعف الخبر وعدم صحته. فكيف يستجيز المسلم نسبة ذلك إلى الله سبحانه. فقد قال صلى الله عليه وسلم عقب ذلك:" ومن كذب عليّ
متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" صحيح البخاري. وفي حديث آخر
قال: حدثوا عني ، ولا تكذبوا عليّ" مسند أحمد: ١١٤٢٤ .
فهذا في التحذير من الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف بالكذب على الله عزوجل؟!
وما صح سنده من الأحاديث القدسية جازت روايته. لكن المحذور من ذلك مالم يصح.
فنسبة القول إلى الله ، مثل قولهم: "يروى أنّ الله قال.. "، فهذه الصيغة في الأصل موضوعة للدلالة على ضعف الخبر وعدم صحته. فكيف يستجيز المسلم نسبة ذلك إلى الله سبحانه.
فهذا في التحذير من الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف بالكذب على الله عزوجل؟!
فمن قدر الله تعالى حق قدره فليتحرز من
هذا الأمر, وليُعظّم ربه أن ينسب إليه مالم يقل عز وجل.
اللهم وفقنا للصواب في القول والعمل.
1437/5/10
أحسنت وضح الأمر لا عدمناك
ردحذفالمقصود الحذر من التساهل في نشر مالم يصح من الأحاديث..وتحرى الصحيح منها ، لئلا يقع المسلم في الكذب على الله، عياذاً بالله.
ردحذف