خذوا زينتكم عند كل مسجد..
قال الله عز وجل آمراً بالتزين للصلاة { یَـٰبَنِیۤ ءَادَمَ خُذُوا۟ زِینَتَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدࣲ.. }
وهذا الأمر من الله تعالى بأخذ الزينة من اللباس والثياب ليقف المسلم بين يدي ربه سبحانه في أكمل هيئة، وأحسن حال.
وأخذ الزينة المأمور بها في هذه الآية هو أمر زائد على ستر العورة، فإن ستر العورة شرط لصحة الصلاة، وأما أخذ الزينة فهو من المستحبات التي ينبغي الاهتمام بها، وهو من المحاسن الدينية وكمال الأدب مع الله تعالى، فإن في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا صلى أحدكم فليلبس ثوبيه، فإن الله حق أن يتزين له ".
وقال عمر رضي الله عنه :"إذا أوسع الله عليكم فأوسعوا على أنفسكم".
وعن قول الله سبحانه وتعالى:{خُذُوا۟ زِینَتَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدࣲ }
قال ابن كثير رحمه الله :" ولهذه الآية وما ورد في معناها من السنة يستحب التجمل عند الصلاة، ولا سيما يوم الجمعة ويوم العيد، والطيب لأنه من الزينة، والسواك من تمام ذلك".
وقال ابن القيم رحمه الله: " كانوا يستحبون أن يتجمل الرجل في صلاته للوقوف بين يدي الله. وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- يقول: أمر الله بقدر زائد على ستر العورة في الصلاة، وهو أخذ الزينة فقال تعالى :{خُذُوا۟ زِینَتَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدࣲ} فعلّق الأمر بأخذ الزينة لا بستر العورة إيذانًا بأن العبد ينبغي له أن يلبس أزين ثيابه وأجملها في الصلاة".
ومعلوم أن الله سبحانه وتعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، كما جاء في الحديث، لا سيما إذا وقف بين يدي ربه عز وجل، فيقف المصلي بأحسن وأجمل ملابسه، مظهراً نعمة ربه عليه، فإنّ في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله جميل يحب الجمال".
فعلى المسلم أن يبادر إلى طاعة الله، واغتنام ما يحبه ربه تعالى ويرضاه، والبعد عن معاصيه وما يكرهه تعالى.
فلا شك أنّ من تعظيم الله تعالى تعظيم قدر الصلاة بالمحافظة عليها، وأدائها في أوقاتها في بيوت الله تعالى، مع القيام بما لها من الأركان والواجبات والشروط والمستحبات، ليكون المسلم ممن نال الشرف العظيم الذي ذكره الله تعالى في قوله تعالى: { فِی بُیُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرۡفَعَ وَیُذۡكَرَ فِیهَا ٱسۡمُهُۥ یُسَبِّحُ لَهُۥ فِیهَا بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡـَٔاصَالِ • رِجَالࣱ لَّا تُلۡهِیهِمۡ تِجَـٰرَةࣱ وَلَا بَیۡعٌ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِیتَاۤءِ ٱلزَّكَوٰةِ یَخَافُونَ یَوۡمࣰا تَتَقَلَّبُ فِیهِ ٱلۡقُلُوبُ وَٱلۡأَبۡصَـٰرُ} .
وليحرص على أن يكون على أتم الأحوال وأكملها تقوًى لله جل وعلا، وإخلاصاً له وخشوعاً وتجملاً، مع كمال الطهارة وحضور القلب، وحُسنِ الهيئة زينةً ولباساً ومظهراً.
وبالله التوفيق.
—----
١- أخرجه الطبراني في الأوسط: برقم: ٩٦٣٨، والبيهقي في السنن: ٣٢٧١، ج٢ص٣٣٣، وصححه الألباني في الصحيحة برقم: ١٣٦٩
٢-صحيح البخاري: ٣٦٥
٣-تفسير القرآن العظيم: ٢٨٦/٦
٤-مدارج السالكين: ٣٨٤/٢
٥-أخرجه مسلم في صحيحه برقم: ٩١
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق