حذر الله عز وجل من الخيانة في سياق التذكير بمنته
على أوليائه بالنصر فقال سبـحانه:{ يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ
وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
وتعوذ النبي
صلى الله عليه وسلم من الخيانة فقال:".. وأعوذ بك من الخيانة، فإنها بئست البطانة".
ومعلوم قبح الخيانة, وعِظم خطرها.!
فمهما أحكمَ الخائن خططه, ووثق بأسياده فلن يجني
إلا الخيبة والخسارة, فإن الله لا يهدي كيد الخائنين.
ومهما فعل الخائن ليُذهِب عن نفسه وصمة العار فلن
يفلح, وسيظل شؤم جريمته يطارده أينما حلّ وارتحل.
فمن الخيانة:
الخيانة في الدين, فلاشك أنها أشد الخيانات جرماً,
وأعظمها عقوبة, كما شنّع الله على امرأتي نوح ولوط عليهما السلام, عندما خانت كلٌ منهما
زوجها في دينه, وفارقته إلى الكفر, فسجل الله عليهما هذه الخيانة في كتابه بقوله:{
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا
تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا
مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ}.
ومن الخيانة:
محبة العدو وموالاته, والتعاون معه بإفشاء الأسرار
العسكرية أو المدنية له, وذلك ما يعرف في عصرنا بالخيانة العظمى, التي تُعدُ من أخطر
الجرائم, وأشدها عقوبة.
ولا شك أنّ هذه الخيانة جديرة بالتحذير منها, والتشنيع
على مرتكبها لقـول الله سـبحانه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي
وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ..}الآية
ومن صور هذه الخيانة:
تزويد العدو
بالمعلومات الاستخباراتية كما تفعل خلايا التجسس,
من الذين اتخذهم الأعداء مطايا لهم, يحققون أهدافهم بما يغرونهم به من مال, أو يخدعونهم
به من أوهام.
والخطر الكبير حين ينجح العدو في النفاذ إلى أشخاص
باعوا ضمائرهم لشهوات عارضة, أو لهم أغراض وهوى فيما فعلوا كالعداوة للدين, أو الحقد
والحسد, والبغض للبلد وأهله.
فمن حق كل مسلم غيور على دينه وبلده أن يهتك
أستار هؤلاء المجرمين؛ معاملةً لهم بالمثل حين تآمروا مع الأعداء, وكشفوا لهم الأسرار
التي تمكنّهم من إلحاق الضرر بالعباد والبلاد.
وبعد:
فالخائن باع أغلى الأشياء بأبخس الأثمان: باع دينه؛
واشترى النفاق بخيانته, وموالاة أعداء بلده, وتنكّر لأهله ومجتمعه.
فالواجب التعاون مع الجهات المسؤولة في الكشف عن
كل عميل للأعداء – سواء كان عميلا لإيران أو
لحزب الله الإرهابي, أو كان من مجرمي داعش ونحوهم- إضافة إلى عملاء الدول الكافرة, الذين يستعدونها
ضد بلادهم.
كلُ هؤلاء ينطبق عليهم مفهوم الخيانة, ويجب إنزال
أفضع العقوبات بهم .
كفى الله المؤمنين شرهم, ورد كيدهم في نحورهم.
محمـد بن
علي الشـيخي 1437/5/22
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق