الأحد، 20 مارس 2016

وقفة مع قول الله تعالى:{حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا...}.

وقفة مع قول الله تعالى:{حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا...}.
 الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله, وبعد:
ففي هذه الآية قراءتان : في كلمة :كُذِبوا ، بتشديد الذال مع كسرها," كُذِِّبوا". وبالتخفيف" كُذِِبوا. " .
قرأ بالأول نافع وابن كثير وابن عامر وأبي عمرو ، وقرأ بالتخفيف عاصم وحمزة والكسائي.
فقراءة التشديد فيها لأهل التفسير قولان : الأول :حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يؤمنوا لهم ويصدقوهم، وتيقن الرسل أنهم قد كّذبوهم أممهم ، جاء نصرنا، يكون الضمير في قوله وظنوا عائد إلى الرسل وفي قوله" كَذبوا" عائد إلى القوم . والظن هنا يعني اليقين .
وإلى هذا القول ذهبت عائشة رضي الله عنها وكانت تقرأ بالتشديد ،وتنفي قراءة التخفيف .
والثاني : إن الظن هنا قد يكون على ظاهره قال ابن عطية : ويحتمل أن يكون على بابه، والضميران للرسل ، والمكذبون مؤمنو من أرسل إليهم ، أي : لما طالت المواعيد حسب الرسل أن المؤمنين قد كذبوهم ، وارتابوا بقولهم . (المحرر 5/164)
وإليه ذهب السمعاني(3/13) وابن جزي في التسهيل (ص:323 )
وفي البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت:" والله ما وعد الله رسوله من شيء قط, إلا علم أنه كائن قبل أن يموت, ولكن لم يزل البلاء بالرسل حتى خافوا أن يكون من معهم يكذبونهم, فكانت تقرأها(ظنوا أنهم قد كذّبوا ) مثقلة.(4525 ) وعامة المفسرين على قولها, وهو أن الضمير يرجع إلى المرسل إليهم, مع خلافهم لها في إنكار القراءة المتواترة, أي: المخففة.(كُذِبوا) .وإلى هذا ذهب ابن عباس وابن مسعود  وسعيد بن جبير, في روايات أخرى عنهم, ورجحه الطبري وابن كثير  وابن عطية والقرطبي وغيرهم.
وأما قراءة التخفيف ( كذبوا) فيها أيضا قولان :
الأول : في إذا استيأس الرسل من النصر أو إيمان قومهم وظن القوم أن الرسل قد كذبوهم فيما ادعوه من النصر والعذاب لطول مدة العذاب.
وهذا أحد قولي ابن عباس ، وابن مسعود ,وذهب إليه سعيد بن جبير ومجاهد ، وأعادوا الضمير في "كذّبوا" إلى اتباع الرسل من المؤمنين, ومنهم يعيده إلى الكافرين ، أي: وظن الكفار أن الرسل قد كذَبوا - مخففة- فيما وعدوا به من النصر .
الثاني : أن المراد حتى إذا استيأس الرسل من النصر وظنوا أنهم قد أُخلِفوا الوعد من الله بالنصر، جاءهم نصرنا .
وهو موافق للقول الأول لكن الضمير في (كذبوا) يعود على الرسل لا على الأقوام . وهو أشهر قولي ابن عباس ورواية عبدالله بن مسعود ورواية أيضا سعيد بن جبير .
قال ابن أبي مليكة قال لي ابن عباس: كانوا بشراً, وتلا :"حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله..".( البخاري4524) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية عن قول ابن عباس: وظاهر الآية معه".( الفتاوى15/179)

وروى الطبري عن مسروق أن رجلا سأل ابن مسعود عن هذه الآية, فقال: هو الذي تكرهه, مخففة.(16/306)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بطلان تأويل آيات صفات الله تعالى

       بطلان تأويل الصفات.  فائدة قيّمة من درر ابن القيم . قال رحمه الله:  " من تأمل كيفية ورود آيات الصفات في القرآن والسنة علِم قطعاً...