الأحد، 4 مايو 2025

توجيهات قرآنية

           توجيهات قرآنية

كثيراً ما يأمر الله عباده بالأخلاق الحسنة والآداب السامية ويدعوهم إليها، و يرغبهم في بالتحلي بها، كما ينهاهم عن ضدها من الأعمال السيئة..

 ومن ذلك ما اشتملت عليه الآية التالية من التوجيهات القرآنية الكريمة. 

 يقول الله تعالى:{ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱجۡتَنِبُوا۟ كَثِیرࣰا مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعۡضَ ٱلظَّنِّ إِثۡمࣱۖ وَلَا تَجَسَّسُوا۟ وَلَا یَغۡتَب بَّعۡضُكُم بَعۡضًاۚ أَیُحِبُّ أَحَدُكُمۡ أَن یَأۡكُلَ لَحۡمَ أَخِیهِ مَیۡتࣰا فَكَرِهۡتُمُوهُۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابࣱ رَّحِیمࣱ }.

ينادي الله عباده بوصف الإيمان تشريفاً لهم وتنبيهًا لهم للعناية بما يُومرون به ويدعون إليه ، ليحققوا مراد ربهم منه بامتثال الأمر واجتناب النهي. 

وأنا هنا أريد  التنبيه- ولو على سبيل الإيجاز- و تذكير نفسي وإخواني بموعظة الله لنا في هذه الآية الكريمة. 

فأول ذلك:  

 قوله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن..}..

ولما كان مبعث الظن غالبا من التصوّر الخاطئ والاستعجال في الحكم كان كان أكثر ما يقع منه في دائرة الخطأ، أو الانتصار للنفس.. لهذا قال الله تعالى:{إِنَّ بَعۡضَ ٱلظَّنِّ إثم} تحرزاً من التهاون به، فللسلامة من ذلك يلزم تجنب أكثره. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "

إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ ؛ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ..".[البخاري: ٥١٤٣]

وثانياً: النهي عن التجسس في قوله تعالى: { وَلَا تَجَسَّسُوا۟ }.

والتجسس تتبع العورات، والبحث عن المعايب.. وكما نهى الله عنه في الأية، فكذلك جاء النهي عنه على لسان النيي صلى الله عليه وسلم في قوله"وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَسَّسُوا ، وَلَا تَبَاغَضُوا..". [البخاري:٥١٤٣]

فمن الأسباب الجالبة للبغضاء والفرقة التجسس وهو تتبع 

عورات المسلمين وتلمس أخبارهم وأسرارهم.

وثالثاً: النهي عن الغيبة في قوله سبحانه:{وَلَا یَغۡتَب بَّعۡضُكُم بَعۡضًاۚ} وهي ذكر الإنسان بماهو فيه من الصفات أو الأمور التي يكرهها.فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:" أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟ " قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ:" ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ ". قِيلَ : أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ ؟ قَالَ: " إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ ".[مسلم :٢٥٨٩]

فمتى  رأيت إنساناً مولعاً بالتنقيب عن أخطاء الآخرين، وتتبع عوراتهم، فاعلم أنّ من أبرز عيوبه هو: الجهل والظلم. 

فأما جهله ففي غفلته عن إصلاح نفسه وتقويمها. 

وأما ظلمه في عدوانه على إخوانه بتتبع عوراتهم، وإشاعة أخطائهم.. 

وقد أنكر الله ذلك على هذا الصنف من الناس فقال الله عزوجل: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}. وقال تعالى:{ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفۡعَلُونَ • كَبُرَ مَقۡتًا عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُوا۟ مَا لَا تَفۡعَلُونَ} وقال النبي صلى الله عليه وسلم :"يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه،لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من اتبع عوراتهم، يتّبع الله عورته.. ".

[أبو داود:  ٤٨٨٠، والترمذي: ٢٠٣٨]

وقال الشاعر: 

يا أيها الرجل المعلم غيره

          هلاّ لنفسك كان ذا التعليم

ابدأ بنفسك فانهها عن غيها

       فإذا انتهت عنه فأنت حكيم

لا تنه عن خُلق وتأتي مثله

        عار عليك إذا فعلت عظيم. 

  وقد شدد الله عز وجل في الإنكار على هذه الخصلة الذميمة وصوّرها بأبشع  صورة حين جعل فاعلها كمن يأكل لحم أخيه وهو ميت.. فقال تعالى:{ أَیُحِبُّ أَحَدُكُمۡ أَن یَأۡكُلَ لَحۡمَ أَخِیهِ مَیۡتࣰا} فهذا من أبلغ ما يقع من الكراهية فقال:  

سبحانه: {فَكَرِهۡتُمُوهُ} فهذا أشد ما تنفر منه النفوس، فإذا كنتم تكرهون ذلك فالغيبة مثله حقيقة بالكراهية والحذر منها. 

 ورابعاً: وهو التوجيه الأخير في قوله عز وجل: {وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابࣱ رَّحِیمࣱ}.

وفيه الأمر بتقوى الله  بفعل مايجب له من الطاعة والتعظيم وسائر العبادات.

فمن قصّر في شيءٍ من ذلك، أو ارتكب معصية أو اجترح ذنباً فليتب إلى الله من قريب فإنّ الله تواب رحيم.

٦ / ذو القعدة/ ١٤٤٦


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

خذوا زينتكم

 خذوا زينتكم عند كل مسجد..   قال الله عز وجل آمراً بالتزين للصلاة { یَـٰبَنِیۤ ءَادَمَ خُذُوا۟ زِینَتَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدࣲ.. } وهذا الأ...