السبت، 3 أكتوبر 2015

الأحزاب من جديد؟!


يواجه إخواننا في الشام اليوم حملة ضارية، من القوى المجرمة المتحالفة، من الروس والأمريكان وإيران والصين..، يجمعهم العداء للإسلام، والخوف من انتصار المسلمين، وتكوين قوة تهدد وجود دولة اليهود. إلى جانب أطماعهم في فرض سيطرتهم على بلاد الشام. وتدميرها كما فعلت أمريكا بالعراق.  ورغم تفوق الأعداء في العتاد والكثرة، إلا أن ذلك ليس كفيلاً برجحان كفتهم وانتصارهم. فأشبه ما يكون حالهم بحال الأحزاب من قريش وغطفان واليهود الذي قصدوا القضاء على المسلمين في المدينة، فكانت عاقبة ذلك الجمع والحصار الشديد كما قال الله تعالى:{وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا}. وقال عـز وجـل قبل ذلك:{وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا}.
فكأن الزمان قد استدار! أو كما يقال: التاريخ يعيد نفسه.
 وقد جرت العادة أن من يقاتل دفاعاً عن نفسه وعرضه وبلده أن يكون أكثر صبراً، وأشد شكيمةً وحماساً من الغازي المعتدي.
فإخواننا في الشام لديهم من الثقة بالنصر مالا يملك العدو منه شيئاً، ألا وهو وعد الله المؤمنين بالنصر على الأعداء.
ولكن من حكمة الله عز وجل أن ربط الأسباب بمسبباتها، ومن ذلك أنه جعل للنصر أسباباً من استكملها؛ فقد استحق النصر.
فالواجب على الإخوة المجاهدين في سوريا أن يستجلبوا نصر الله بأسبابه الشرعية، وهم يعلمون هذا الأمر ويدركونه جيدا، ولكن من باب التذكير أشير هنا إلى أهم هذه الأسباب:
أولاً: تقوى الله عز وجل، والإيمان به، المتمثل في القيام بكل ما أوجب تعالى على عباده من طاعته، والحذر من معصيته؛ فمتى فعلوا ذلك؛ فقد استحقوا النصر الذي وعد سبحانه في قوله: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} . ثم بيّن سبحانه من هو الموعود بالنصر، وما هي الأسباب التي يستنـزل بـها نصره. "فقال سبحانه :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} فمتى نصروا ربهم؛ نصرهم على أعدائهم، وثبت أقدامهم، وعصمهم من الفرار والهزيمة. كما أوضح هذا المعنى في آيات كثيرة، وبيّن في بعضها صفات الذين وعدهم بهذا النصر كقوله تعالى : { وَلَيَنصُرَنَّ الله مَن يَنصُرُهُ إِنَّ الله لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} ثم بيّن صفات الموعودين بهذا النصر في قوله تعالى بعده{الذين إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأرض أَقَامُواْ الصلاة وَآتَوُاْ الزكاة وَأَمَرُواْ بالمعروف وَنَهَوْاْ عَنِ المنكر وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأمور}).أضواء البيان7/451) والمراد بقوله :{ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ}،أي: "القيام بدينه، والدعوة إليه، وجهاد أعدائه، والقصد بذلك وجه الله، فإنهم إذا فعلوا ذلك، نصرهم الله وثبت أقدامهم، أي: يربط على قلوبهم بالصبر والطمأنينة والثبات، ويصبر أجسامهم على ذلك، ويعينهم على أعدائهم، فهذا وعد من كريم صادق الوعد، أن الذي ينصره بالأقوال والأفعال سينصره مولاه، وييسر له أسباب النصر، من الثبات وغيره..". (تفسير ابن سعدي 4/1654 )
وثاني هذه الأسباب: إعداد القوة، كما أمر الله بذلك في قوله: { وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ } أي: كل ما تستطيعون إعداده من القوة. وفيه إشارة إلى السعي في تحصيل كل ما يمكن من السلاح والمال، ووحدة الصف واجتماع الكلمة.
وثالثها: الصبر، فمتى  صبر المجاهدون في مواطن القتال، وصابروا ورابطوا، جاءهم النصر, فمتى صبر المجاهدون في مواطن القتال , وصابروا ورابطوا؛ جاءهم النصر, قال الله تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. وقال:{كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}.
 ومع ذلك فيجب الثقة بوعد الله  والتوكل عليه مهما كان جمع العدو, فإن الله هو مولى المؤمنين وناصرهم, يقول تعالى:{ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ}, ويقول سبحانه:{ فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ..}, ويقول:{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ* فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.
وأخيراً: فهذه بشارة لأهل الشام يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ".. لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الناس، يُزيغ الله قلوب أقوام فيقاتلونهم: ويرزقهم الله منهم، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك. ألا إنّ عُقْرَ دار المؤمنين الشام..". (النسائي وابن حبان وأحمد . الصحيحة للألباني: 1935.
 محمد بن علي الشيخي 20/12/1436


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق