الجمعة، 31 يوليو 2015

أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ



ذِكْرَ الله عز وجل طمأنينةٌ للقلوب، وكشفٌ للكروب, وشعار المحبين لربهم, وهو سمةُ المقربين, وشأن أولي الألباب،{الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ..}
يقول الله عز وجل:{ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }.
وأعظم الذكر وأجلّه: الذكر الحكيم الذي أنزله الله هدىً ورحمةً للمؤمنين, وشفاءً لما في الصدور.
وأفضل الذكر بركةً بعد القرآن العظيم ما صَحَّ من أذكار رسول الله  صلى الله عليه وسلم في سنته. فإن نبي الله  صلى الله عليه وسلم أكملُ الخلق تعلقاً بربه, وأعظمهم له خشية وأعلاهم عنده منزلة, وهو أكثرهم له ذكراً. وإنه ليذكر الله في كل أحيانه. وقد شرع لكل حال ذكره المناسب.
أوجب ما يكون على الذاكر أن يجمع بين حضور قلبه وذكر لسانه: فذلك انجح للمسألة. وأجدر بالإجابة.
فإذا عرضت له غفلة ايقظ قلبه بذكر الله وعكف عليه. وإن ألمَّ بمعصية, ذكر عظمة الله وعلمه, وما أعد لمن عصاه؛ فاستغفر ربه وتاب إليه.
وخير أعمال  المؤمن وأزكاها ذكر الله. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم يوماً لأصحابه:" ألا أخبركم بخير أعمالكم, وأزكاها عند مليككم, وأرفعها في درجاتكم, وخيرٍ لكم من إنفاق الذهب والفضة, وأن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم, ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: ذكر الله عز وجل".
وبشَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم الذاكرين بهذه البشارة العظيمة فقال صلى الله عليه وسلم ": قال الله تعالى في الحديث القدسي: من ذكرني في نفسه؛ ذكرته في نفسي. ومن ذكرني في ملأٍ؛ ذكرته في ملأٍ خيرٍ منهم ".
وقد سنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً من الأذكار المباركة يحسن بالمسلم الإتيان بها, والمحافظة عليها.
فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:" من قال في يوم مئة مرة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له, الملك وله الحمد, وهو على كل شيء قدير؛ كانت له عدلَ عشرُ رقابٍ, وكتبت له مائة حسنةٍ, ومحيت عنه مائة سيئةٍ, وكانت حرزاً له من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي. ومن قال: سبحان الله وبحمده مائة مرةٍ؛ حُطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر ".
وقال صلى الله عليه وسلم:" سيد الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني, وأنا عبدك, وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت. أعوذ بك من شر ما صنعت. أبوّء لك بنعمتك عليَّ. وأبوء بذنبي، فاغفر لي. فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. من قالها حين يمسي فمات من ليلته دخل الجنة. ومن قالها حين يصبح، فمات من يومه دخل الجنة ".
وقال صلى الله عليه وسلم: كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن. سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ".
وقال صلى الله عليه وسلم لأم المؤمنين جويرية رضي الله عنها:" لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات، لو وزنت بما قلتِ منذ اليوم لوزنتهُنَّ: سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله زِنةَ عرشه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله مداد كلماته ".
وقال صلى الله عليه وسلم:" إذا دخل الرجل بيته، فذكر الله تعالى عند دخوله، وعند طعامه قال الشيطان ألا لا مَبِيتَ لكم ولا عشاء. وإذا دخل فلم يذكر الله تعالى عند دخوله، قال الشيطان: أدركتم المبيت. وإذا لم يذكر الله تعالى عند طعامه، قال: أدركتم المبيت والعشاء....".
وقال صلى الله عليه وسلم:" إذا  سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول: ثم صلوا عليّ, فإنه من صلى عليّ صلاةً؛ صلى الله عليها عشراً. ثم سلوا لي الوسيلة فإنها منـزلةٌ في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله, وأرجو أن أكون أنا هو. فمن سأل لي الوسيلة؛ حلت له الشفاعة ".
وكان يقول صلى الله عليه وسلم بعد تكبيرة الإحرام وقبل القراءة : اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المغرب والمشرق، اللهم نقني من خطاياي كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس. اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد".
وقال صلى الله عليه وسلم:" إذا فرغ أحدكم من تشهده فليتعوذ بالله من أربع :من عذاب جهنم, ومن عذاب القبر, ومن فتنة المحيا والممات, ومن شر فتنة المسيح الدجال ".
وكان صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده:" اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك, وبعافيتك من عقوبتك, وبك منك, لا نحصي ثناءً عليك, أنت كما أثنيت على نفسك ".
وقال صلى الله عليه وسلم:" من قال حتى يمسي وإذا أصبح :" رضيت بالله رباً, وبالإسلام ديناً, و بمحمدٍ رسولاً؛ وجبت له الجنة ". وفي روايةٍ:" إلا كان حقاً على الله أن يرضيه" .
ومن الأذكار ذلكم الذكر العظيم الذي رواه الصديق رضي الله عنه حين قال يا رسول الله  علمني دعاء أدعو به في صلاتي. فقال صلى الله عليه وسلم:" قل: " اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم " .
وأرشد صلى الله عليه وسلم إلى فضل ذكر الله عقب الصلاة فقال صلى الله عليه وسلم:" من سبح دُبُر كُلِ صلاة ثلاثاً وثلاثين وكبر ثلاثاً وثلاثين وحمد الله ثلاثاً وثلاثين وقال تمام المئة لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. غفرت له خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر ".
وأخبرنا صلى الله عليه وسلم أنه لقي إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء فقال:" يا محمد! أقرئ أمتك مني السلام, وأخبرهم أن الجنة: طيبة التربة, عذبة الماء , وأنها قِيعانٌ, وأن غِراسها: سبحان الله, والحمدُ لله, ولا إله إلا الله, والله أكبر ".

 

هناك تعليق واحد:

وقلّ من جدّ في أمر يحاوله..

  استمعت ذات مرة لأحد الأدباء وهو يلقي كلمة ترحيبية أشاد فيها ببعض أساتذته وأصدقائه، وكان بليغاً فصيحاً. فأعجبت ببلاغته وبيانه، مع ماعلِمتُ ...