الجمعة، 31 يوليو 2015

دلالة الناظر البصير إلى نسب المشاييخ المناصير.


   دلالة الناظر البصير إلى نسـب المشـاييخ المناصـيـر

من جدهم منصور إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما

المقدمـــة
بسم الله  الرحمن الرحيم
  الحمد لله وحده يخلق ما يشاء ويختار, القائل في محكم تنزيله{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ.}. والصلاة والسلام على من لا نبي بعده, نبينا محمدٍ المصطفى المختار وعلى آله الأطهار وصحبه الأخيار.
وبعد: فهذا بحث موجز حول نسب المشاييخ من بني منصور, يشتمل على ثمان وقفات , أرجو أن أبيّن من خلالها طريق النسب الصحيح ل" منصور بن محمد "جد المناصير, الذي ينتسب إليه جد المشاييخ " الشيخ إبراهيم بن جميع". رحمهم الله.
فالوقفة الأولى: عمود النسب الموثق من عدة مصادر.
والثانية: أخبار ونبذ عن أعلام هذا العمود.
وفي الثالثة: بيان نسب منصور بن محمد. جد المناصير.
والرابعة: حول أصل لقب "الشيخي".
والخامسة: عمود النسب المحرّف في المشجرة.
والسادسة: خطأ نسبة المشاييخ إلى يحي بن منصور
السابعة: تنبيه وتذكير.
الثامنة: في الختام.
                         تـمهيـــد:
·  في هذا البحث عرضٌ مختصرٌ, وتعريفٌ موجز, لنسب قبيلة المشاييخ المناصير, وسرد نسبهم من جدهم منصور بن محـمد بن عبد الله بن عبد الواحد إلى الحسين بن علي رضي عنهما .
·  وهذا العرض لأعلام هذه السلسة إنما هو لبيان اتصالها , واتحاد النسب من كل طريق ورد فيه التعريف بأحد هؤلاء الأعلام. دون التعرض لتوجهاتهم السياسية والمذهبية, أو أمورهم الشخصية, إذ ليس هذا محله.
·  وقد حرصت على توثيق تلك التعاريف والتراجم من عدد من المصادر التي توفرت لي, للتأكد من صحة عمود النسب, وقد يتكرر التعريف ببعض الأسماء والغرض من ذلك كما سبق إثبات الاسم من أكثر من مصدر, وليقف الناظر على صحته مع تعدد مصادره وشخصياته.
·  جعلت النص المنقول محصوراً بقوسين صغريين في أوله وآخره " ", وأرسم النقط هكذا ... للدلالة على كلام محذوف للاختصار.
·    هذه النصوص منقولة بحروفها ومتبوعة بذكر مصادرها.
·    تحسن الإشارة قبل الدخول في صلب البحث إلى التعريج على مسمى قبيلة أو قبائل "المناصير" حيث هذه التسمية -أعني :المناصير- مشتركة بين عدة قبائل, فهنالك أكثر من قبيلة يسمون المناصير في السعودية ودول الخليج ومصر والسودان.
فمنهم المناصير: الذين ينتسبون إلى منصور بن عكرمة ..من قيس بن عيلان, ينتهي نسبه إلى عدنان.
والمناصير: الذين ينتسبون إلى منصور بن جمهور من قحطان.
والمناصير: الذين ينتسبون إلى منصور بن محـمد الذي ينتهي نسبه إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما, ومن عقبه عدة قبائل منها قبيلة المشاييخ , وهذا هو موضوع هذه الرسالة.

                الوقفة الأولى: عمود النسب:
أولاد علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
ولد لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه من فاطمة الزهراء رضي الله عنها من الذكور ثلاثة: الحسن والحسين, ومحسن وقد مات صغيراً.
(البداية والنهاية لابن كثير7/344)
وعقب الحسن ثلاثة عشر من البنين عدا الإناث.
وأما الحسين: فله من الذكور أربعة:
علي الأكبر, وعبد الله وأبو بكر واستشهدوا معه,
وعلي الأصغر المعروف بزين العابدين وعقبه منه.
"قال الزهري: ما رأيت قرشياً أفضل من علي بن حسين"0  
              (سير أعلام النبلاء للذهبي4/387, تهذيب التهذيب لابن حجر 7/305 )
وليس للحسين عقب إلا من ابنه علي.
         (المعارف لابن قتبية1/214, وتاريخ الطبري11/630)
وعقب علي بن الحسين من ستة من بنيه هم: محـمد المكنى بأبي جعفر, وعبد الله, وزيد, وعمر, والحسين الأصغر.
(ينظر المعارف لابن قتبية 1/214)
·  و"الحسين الأصغر بن علي زين العابدين, وإنما لقب هذا بالأصغر، لأنه كان لزين العابدين ولد آخر أكبر من محمد الباقر وكان اسمه الحسين الأكبر، فلهذا السبب لقب هذا بالحسين الأصغر. وعقبه من خمسة من البنين:
عبيد الله الأعرج، وعبد الله العقيقي، وسليمان وعلي، والحسن..
أما عبيد الله الأعرج، فعقبه من أربعة من البنين:
جعفر الحجة، كان إماما من أئمة آل محمد يسمونه بالحجة. ومحمد المعروف بالجواني وكان من أهل الفضل والدين..
أما جعفر الحجة بن عبيد الله الأعرج، فعقبه من رجلين: الحسن أبو محمد بالمدينة، والحسين أبوعبدالله بسمرقند.
فـ الحسن بن جعفر الحجة، فعقبه الصحيح من رجل واحد، وهو السيد العالم النسابة :
يحيى أبو الحسين صاحب التصانيف المنسوبة إليه. وله سبعة من المعقبين:
 طاهر أبو القاسم العالم المحدث النسابة شيخ الحجاز، وكان من أكابر السادات. وجعفر، وعبد الله ومحمد، وإبراهيم ، وأحمد وعلي.
أما طاهر بن يحيى النسابة، فله من المعقبين سبعة: عبيد الله الأمير الرئيس بالمدينة..
أما عبيد الله بن طاهر بن يحيى النسابة، فله من المعقبين ستة:
محمد أبو جعفر سيد الناس في عصره بمصر والحجاز, وكان محدثا كبيراً..
والقاسم بن عبيد الله بن طاهر بن يحيى النسابة، فله من المعقبين أربعة:
داود أبو هاشم الأمير بالمدينة والعقيق...وله أولاد كثير, منهم:
المهنأ الأمير بالمدينة، والحسين أبو محـمد الزاهد الأمير بعد أخيه....".
 ( ينظر الشجرة المباركة في الأنساب الطالبية للفخر الرازي1/43,42وعمدة الطالب لابن عنبة 542
وأنساب الطالبيين للحسيني السمرقندي 157،156،155/)

قلت: عمود النسب ثابت وسأعرض تفصيل ذلك من  خلال المصادر التي نقلت منها ما تضمنته هذه الرسالة.
والمهنأ الأمير المذكور آنفاً  هو: الجد الخامس لمنصور بن محـمد جد المناصير رحمه الله تعالى.


  الوقفـة الثانية: أخبـار  ونُبَذ عـن أعـلام هذا العمـود:
" الحسين الأصغر بن علي بن الحسين رضي الله تعالى عنهم كان عفيفا محدثا عالماً توفي  259ودفن بالبقيع وعقبه عالم كثير بالحجاز والعراق وَالشَّام والمغْرب وبلاد الْعَجم.
 منهم أمراء المدينة ..و أعقب من خمسة : عبيد الله الأعرج وَعبد الله وَعلي والحسن وسليمان ".
(سمط النجوم العوالي 4/137..)

·  "عبيد الله الأعرج حجة الله جد أمراء المدينة، أقطعه الخليفة العباسي محمد المهدي إقطاعاً بالمدينة، وذلك أن أبا مسلم الخراساني دعاه للخلافة فرمى بنفسه من السطح ليفر منه، فانكسرت رجله فعرج، فرعى له ذلك السفاح وبنوه، وكانت له ضيعة الجوانية بالمدينة النبوية، وترك من الولد جعفراً، حجة الله، ومحمد الجواني، وآخرين نزلوا الكوفة..
وجعفر حجة الله، هو أصل بيت بني مهنأ، أمير المدينة.
ومن ولده: الحسن بن جعفر. وأبي الحسين يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله، وكان فقيهاً بأنسابه، وله كتاب في نسب أبي طالب، وكتاب في أخبار المدينة النبوية..
توفي سنة سبع وسبعين ومائتين.. وكان ابنه أبو القاسم طاهر بن يحيى بن الحسن بن جعفر قد سار في عصره وبني بالعقيق دارا ونزلها حتى مات في سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة..".
( المنهل الصافي لابن تغري بردي:1/360)

·   قال الخطيب البغدادي:
"أخبرنا الحسن بن أبى بكر أخبرنا الحسن بن محمد بن يحيى العلوي حدثنا جدي يحي بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب قال سمعت أبا محمد إسماعيل بن محمد يقول: ما رأيت الطالبيين انقادوا لأحد بالرئاسة انقيادهم للقاسم بن عبد الله ".
( تاريخ بغداد للخطيب البغدادي باب القاف 12/424. دار الكتاب العربي بيروت)

قارن هذا الخبر بما يلي.
·    ذكر ابن الأثير بسنده إلى:
" الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، قال جدي أبو الحسين يحيى بن الحسن بن جعفر قال: كتب إليّ محمد بن علي و محمد بن يحيى يخبراني، عن محمد بن الجنيد حدثنا حصن ابن جنادة عن يحيى بن سعيد  عن سعيد بن المسيب قال :  لقد أصابت علياً يوم أحد ست عشرة ضربة كل ضربة تلزمه الأرض ".  
( أُسد الغابة لابن الأثير:4/67)

·   "العقيقي المتوفى سنة 367 أرّخ وفاته  ابن كثير, وقال هو:" أحمد بن الحسن العقيقي ابن جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْأَصْغَرِ بن علي بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.   
               (البداية والنهاية11/332 إحياء التراث)
·  وقال الزركلي:" يحيى بن الحسن بن جعفر الحجة ابن عبيد الله الأعرج ابن الحسين الأصغر ابن الإمام السجاد زين العابدين، أبو الحسين العبيدلي العقيقي: نسابة مؤرخ. (214 - 277 هـ = 829 - 890 م)
                                         ( الأعلام 8/140)
·  وقال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله "كان رحمه الله تعالى  نسابة مؤرخاً. ولد بالمدينة وتوفي بمكة وكانت إمارة المدينة في عقبه زمناً، وهو أول من ألف في أنساب الطالبيين وكان الخطيب البغدادي يعتمد الأنساب في تاريخه من هذا الكتاب ومن كتاب الزبير بن بكار. له: أنساب قبائل العرب. وأخبار المدينة. وكتاب الرد على الرافضة وأهل المكر في المنع من التكني بأبي بكر.".
 ( طبقات النسابين ص:12)

         أمراء المدينة النبويّة من بني الحسين رضي الله عنه:
"تردّدت ولاية بني العبّاس عليها والرئاسة فيها بين بني حسين وبني جعفر إلى أن أخرجهم بنو حسين فسكنوا بين مكّة والمدينة..
وبقي بنو حسين بالمدينة إلى أن جاءهم طاهر بن مسلم من مصر فملّكوه عليهم. وفي الخبر عن وصول طاهر هذا أن مسلما أباه اسمه محمد بن عبيد الله بن طاهر بن يحيى المحدّث بن الحسن بن جعفر، ويسمّى عند الشيعة حجّة الله بن عبيد الله بن الحسين الأصغر بن زين العابدين.
(تاريخ ابن خلدون4/140..)
ومنهم, أي: الحسينيون:
·    بنو طاهر الذين منهم أمراء المدينة النبوية, على ساكنها أفضل الصلاة والسلام.
وهم: بنو أبي القاسم طاهر, من و لد يحي الفقيه, من ولد الحسن, من ولد جعفر حجة الله , من ولد أبي جعفر عبد الله بن الحسين الأصغر, ابن علي زين العابدين ابن الحسين السبط. وكانت في سنة تسع وتسعين وسبعمائة بيد ثابت بن جماز بن قاسم بن مهنأ بن الحسين بن مهنا بن دواد بن القاسم بن عبد الله بن طاهر بن يحي.".
( قلائد الزمان للقلقشندي. ص: 165)


ومنهم:
· محـمد بن عبيد الله بن طاهر بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن على بن الحْسين بن على بن الحسين بن على بن أبي طالب، أبو جعفر العلّوي، الحسيني، المدني، ثمّ المصري، مسَلَّم.
قال الدَّارقُطْنِي: كان نبيلًا حافظًا. وقال أبو زكريا العائذي: لقب مسَلَّمًا تفاؤلًا له بالسلام, وقال ابن حزم: كان يدبر أمر مصر أيّام كافور. وقال الذَّهَبِي: حافظ نبيل".
 (الدليل المغني إلى شيوخ الدارقطني421)

·  و"الحسين بن مهنأ بن داود بن القاسم بن أبي علي عبيد الله بن أبي القاسم طاهر بن الفقيه المحدث النسابة بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين الأصغر ابن زين العابدين علي بن الحسين بن علي ".
(المنهل الصافي 4/185)

وهو أيضاً:
• الحسين بن مهنا الأكبر بن داود بن القاسم بن عبيد الله بن طاهر بن يحيى النسابة بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين الأصغر بن زين العابدين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الحسيني أول من ولي إمرة المدينة.
(التحفة اللطيفة في أخبار المدينة الشريفة للسخاوي.1/297)

• وهو" أول الأمراء من أشراف المدينة حسين بن مهنا الأكبر بن داود بن أحمد بن القاسم بن أبي عبد الله عبيد الله نقيب المدينة بن أبي القاسم طاهر بن يحيى النسابة المؤرخ بن الحسن جعفر الملقب بحجة الله بن عبيد الله الأعرج بن الحسين الأصغر بن زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب" .
(التحفة اللطيفة في أخبار المدينة الشريفة للسخاوي 1/56)

·    "القاسم بن عبيد الله...
وكان له من الولد: داود ويكنى أبا هاشم، وعند العتبى أن الذي ولى بعد طاهر بن المسلم بالمدينة هو صهره وابن عمه: داود بن القاسم بن عبيد الله بن طاهر .. وكان له من الولد هاني ومهنأ الأكبر والحسين.
وقال العتبي: ولي هاني ثم مهنأ، وكان الحسين زاهدا...
ثم ولى من بعد الحسين بن مهنأ ابنه مهنأ، قال فيه الجواني: أمير المدينة، وكان لمهنأ من الأولاد: الحسين وعبد الله وقاسم، وولى الحسين المدينة..
ثم ولى من بعد الحسين بن مهنأ ابنه مهنأ. قال فيه الجواني: أمير المدينة، وكان له من الأولاد الحسين وعبد الله وقاسم، قال: وولى الحسين المدينة..
( المنهل الصافي 4/190.189)

ومنهم:
• القاسم بن مهنا بن حسين بن مهنا بن داود بن أبي أحمد القاسم بن أبي عبد الله بن أبي القاسم طاهر بن يحيى النسابة بن الحسن بن جعفر بن عبد الله بن الحسين الأصغر بن زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أبو فليتة الحسيني المدني: أميرها جد شيخة والد جماز الماضي كل منهما مع نسبه كان أمير المدينة في ايام الخليفة المستضيء بأمر الله بن المستنجد بالله العباسي وكان السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب كما قال أبو شامة في الروضتين صحبا فيه يستصحبه معه في غزواته وفتوحاته حتى حضر معه أكثر فتوحاته ويجلسه على يمينه ويستوحش له إذا غاب ويستأنس بشيبته ويعتقد بركة نسبه الطاهر ويكرمه ويتحفه بأجل الكرامات قال وما حضر معه حصار بلد أو حصن إلا فتحه الله على المسلمين فعظم اعتقاده فيه وانفرد بولاية المدينة بدون مشارك ولا منازع 25 سنة.
(التحفة اللطيفة في أخبار المدينة الشريفة للسخاوي2/378)

• "ومن الأُسر المشهورة من هذا العمود:
" الوحاحدة الشرفاء وهم منسوبون إلى عبد الواحد بن مالك بن حسين بن المهنأ الأكبر بن داود".
(التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة النبوية الشريفة:1/275).
فعبد الواحد هذا هو الجد الثاني لمنصور بن محمد, فهو:  منصور بن محمد ابن عبد الله بن عبد الواحد بن مالك بن الحسين. وسيأتي سرد نسبه كاملاً.

·    ومن أمراء المدينة المتأخرين:
"قاسم بن جماز بن قاسم بن مهنّأ ولاه المستضيء فأقام خمسا وعشرين سنة ومات سنة 533, وولى ابنه سالم بن قاسم وكان شاعرا وهو الذي كانت بينه وبين أبى عزيز قتادة صاحب مكة وقعة المصارع ببدر سنة إحدى وستمائة [601هـ]زحف أبو عزيز من مكة وحاصره بالمدينة واشتد في حصاره ثم ارتحل وجاء المدد إلى سالم من بنى لام إحدى بطون همذان فأدرك أبا عزيز ببدر, واقتتلوا وهلك من الفريقين خلق, وانهزم أبو عزيز إلى مكة. وفى سنة 601 جاء المعظم عيسى بن العادل فجدد المصانع والبرك وكان معه سالم بن قاسم أمير المدينة جاء يشكو من قتادة فرجع معه ومات في الطريق قبل وصوله إلى المدينة وولى بعده ابنه شيخة ".
(تاريخ ابن خلدون:4/114,113).

·  جَماز بن شِيحَة بن قاسم بن مهنأ بن حسين بن مهنأ بن داود بن قاسم بن عبد الله بن طاهر بن يحيى بن الحسين بن جعفر بن الحسين الأصغر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب tالأمير الشريف الحسيني عز الدين، أمير المدينة، وليها بعد وفاة أخيه. ولما استفحل أمره بالمدينة، قصد صاحب مكة نجم الدين أبا نُمَي محمداً، وحاصره، وأخذ مكة منه. واستولى عليها وحكم فيها ثم رحل عنها، كل ذلك في سنة "687.
  ( المنهل الصافي:5/18)

·  "منصور بن جماز بن شيحة بن هاشم بن قاسم بن مهنأ بن الحسين بن مهنا بن داود بن قاسم بن طاهر بن يحيى بن عبد الله بن الحسن ابن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الحسيني صاحب المدينة والد طفيل استقل بالإمرة في حياة والده سنة  700 هـ ...
 وأول من عرف من أمراء هذا البيت - أي بالإمارة - قاسم بن مهنأ بن حسين بن مهنأ كان في أيام السلطان صلاح الدين".
(الدرر الكامنة  لابن حجر العسقلاني: 2/143)".
    و منصور بن جماز هذا جده لأمه: منصور ن محـمد بن عبد الله, جد المناصير.


   الوقفة الثالثة: سرد سلسلة نسب: منصور  جد المناصير:

بناء على ما تقدم يكون النسب إلى الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما هو:
             منصـور بن محمـد
             ابن عبد الله بن عبدالواحد
             ابن مالك بن الحسين
             ابن المهنّأ بن داود
             ابن القاسم بن عبيد الله
             ابن طاهر بن يحي
             ابن الحسن بن جعفر
             ابن عبيد الله بن الحسين الأصغر
          ابن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب. t
وهذا النسب كما نرى متصل بالحسين بن علي رضي الله عنهما.
وكما ظهر من تتبع أعلامه في النقول السابقة. وهو الموافق أيضاً لما في المشجرة . وفيما يلي نبذة يسيرة عنه رحمه الله.
"منصور بن محمد بن عبد الله بن عبد الواحد بن مالك بن الحسين ..
ذكر ابن تغري بردي أنه وفَدَ على العاضد , ونعته وأباه بالأمير".
 ( المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي :4/190)

قلت: قدوم الأمير منصور على العاضد آخر خلفاء الفاطميين, المتوفي سنة 566؛ يتبن لنا من ذلك أنه قد عاش في القرن السادس الهجري.
وأكبر ظني أنه لم يتقلد الإمارة, فإن من أرّخ لأمراء المدينة لم يذكر أحدٌ منهم أنه تقلدها. وإنـما دُعي بالأمير لأنه من بيت الإمارة, وفيما يبدو أنه قد كان رحمه الله زاهداً ورِعاً, قد نأى بنفسه عن الصراع على الإمارة. فبارك الله في نسله وجعل لهم ذِكراً وعدداً. وأقرب الأمراء إليه جده الرابع: الحسين بن مهنّأ المذكور هنا بعده.

· شهاب الدين الحسين أمير المدينة ابن المهنّأ فأعقب من رجلين مالك ومهنأ أميري المدينة .
 أما مالك بن الحسين بن المهنّأ فعقبه من عبد الواحد بن مالك, ويقال لهم الوحاحدة...

والمناصير: ولد منصور بن محمد بن عبد الله بن عبد الواحد".

(عمدة الطالب لابن عنبة: 543 )

         الوقفـة الرابعـة :لـقب الشـيخي.

قبيلة المشاييخ إحدى قبائل المناصير التي تنتسب إلى منصور بن محمد ابن عبد الله الحسيني.
ولعل لقب "الشيخي"- والله أعلم - نسبةً إلى جدهم الشيخ إبراهيم بن جميع رحمه الله نزيل الخليف, فقد كان أولاده يعرفون بـ : أبناء الشيخ.
ومن المستفيض أن المشاييخ, يرتفع نسبهم إلى: منصور بن محمد بن عبد الله بن عبد الواحد الذي ينتسب إليه المناصير. ويُدعى أحدهم بالمنصري, والصواب أن النسبة إلى منصور أن يقال:(المنصوري) .
قال جدي الشيخ محمد بن أحمد رحمه الله:
مرحباً يا حاشـرٍ مسري...لبلاد الحِزّ يسقيـها
المنصري عيّد النصر....حتى سباع الخبت يقريها.

"والنصر" هو النسر على ما في لهجة المشاييخ, و"المنصري" نسبةً إلى منصور الجد الأوسط لقبيلة المشاييخ. كما قال عمي حسين بن محمد بن حسين بن كجم رحمه الله:
ذوي منصور دولة مستعدة   سباع للحروب مشببينا.
على أنني لم أجد فيما وقفت عليه إلى الآن اتصال نسب الشيخ إبراهيم بن جميع من طريق صحيح وموثوق إلى منصور.
والمراجع في ذلك تكاد تكون معدومة أو نادرة. فلا أجزم من ذلك بشيء. ولكن يكفي في ذلك استفاضة نسبهم بين القبائل المجاورة وشهرته.
وأما اللقب الشيخي فهو قديم , ومشتهر في أكثر من بقعة, ولكن ليست هناك رابطة نسب بين من يحملون هذا اللقب, فهم من قبائل وأصول شتى.

· "الشيخي: بفتح الشين المعجمة، وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين، وكسر الخاء المعجمة. هذه النسبة إلى " شيخ " والمشهور بهذه النسبة: أبو علي بشر بن موسى بن شيخ .. الأسدي الشيخي، نسب إلى جده الأعلى محدث بغداد في عصره، ... وقيل له الشيخي  انتسابا إلى الجد".
  (الأنساب للسمعاني 3/489)

·   إبراهيم بن محمد بن مطهر الشيخي, فهرس كتب ابن عربي سنة 689 هـ.
  (عنوان الدراية للغبريني:ص173)
·    قال ابن كثير أحداث سنة أربع وسبعمائة قال:" وفي سابع شوال عزل وزير مصر ناصر الدين بن الشيخي ".
( البداية والنهاية"14/39)

·    وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني:" أيدمر بن عبد الله الشيخي التركي عز الدين كان من مماليك الناصر".
(الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة 1/144)

فهذه نقول لأسماء تحمل لقب الشيخي, الأول: من بني أسد بن خزيمة عاش في المئة الرابعة بالعراق.
والثاني: في المغرب ببلدة بجاية بالجزائر, عاش في المئة السابعة.
والثالث, والرابع: من مماليك مصر في المئة الثامنة.. وغيرهم كثير, لكن هذه أمثلة تدل على أن اللقب "الشيخي" إنما هو لأفراد قبل أن يكون لقباً لقبيلة .

ومن المفيد أن نعلم: أن هذه الألقاب المذكورة لهؤلاء الأشخاص وغيرهم ليست لهم صلة بقبيلة المشاييخ المناصير. وإنما تشابه أسماء, كما هو الحال في لفظة "المناصير" التي سبقت الإشارة إليها في أول هذ البحث.
لكن الأمر الذي ينبغي التأكيد عليه هنا هو: أن لا دليل على القول بأن قبيلة  المشاييخ ينتسبون إلى يحي بن منصور زحيك.!!
فإني لم أجداً ممن ذكر عقب منصور بن محمد جد المناصير من قال أن من أولاده يحي, وإنما هم ثلاثة: خرسان, ومحمد ومنيف.
بل إنّ ابن عنبة المؤرخ الشيعي الذي اعتنى بنسب الطالبيين قرر ذلك فقال:
" والمناصير: ولد منصور بن محمد بن عبد الله بن عبد الواحد".
                        (  عمدة الطالب : 543./ وينظر أنساب الطالبيين لحسين الحسيني157)
وهذا ميدان البحث مفتوح لكل باحث يتحرى الحق وينشد الحقيقة.
لكنني لم أجد من  المؤرخين أو النسابة من ذكر أن عقب يحي بن منصور زحيك يقال لهم المناصير. وهذا ما سأفصّله في الوقفة السادسة إن شاء الله.
غير أنه من السهل الخلط بين الاسمين إذا كان ذلك عن جهلٍ أو هوى النفس. وقد توعد النبي صلى الله عليه وسلم من ادعى نسباً ليس له, كما سأبين ذلك في خاتمة الرسالة إن شاء الله.

    الوقفة الخامسة: عمود النسب  المحرّف في المشجرة :
يبدو للمأتمل في المشجرة والمدقق النظر أن عمود نسب الشيخ إبراهيم بن جميع تعرض لتحريف مغرض , وصرف إلى يحي بن منصور وألصق به .
غير أن عمود النسب لمنصور بن محمد بن عبد الله ظاهر في المشجرة ومتصل إلى الحسين بن علي رضوان الله عليه.
وقد نبّه إلى ذلك  الأخ الفاضل : صالح بن حامد الشيخي, وأوضح ذلك في كتابه (فرع الشجرة الزكية) في نسبة المشاييخ . وله عمل مشكور وظاهر في تصحيح نسب المشاييخ, والتنبيه على التحريف الذي طال نسبهم,
وهذا هو عمود النسب المحرّف كما يلي:
إبراهيم بن أحمد بن جميع بن يحي بن منصور بن محمد بن يحي بن محمد ابن  عبد الله بن محمد بن علي أبو الحسن بن محمد بن أبو الطيب طاهر بن الحسين القطعي بن موسى أبو سبحة بن إبراهيم المرتضى بن الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام علي زين العابدين بن الإمام الشهيد الحسين بن علي.
 ويمكن للناظر في المشجرة أن يطّلع بنفسه على التحريف المتعمد الذي ألصق نِسبةَ الشيخ إبراهيم رحمه الله بيحي بن منصور ليتصل بذلك إلى سلسلة لا يصح له فيه نسب.
 ومن المحتمل أن يكون هذا  التحريف قد حصل  عن عمد لأغراض سيئة, وافقت فترة من الجهل وغفلة من أهل الشأن.
      وسأنبِّه في خاتمة الرسالة إلى خطورة هذا الأمر.

 الوقفة السادسة: عدم صحة  نسبة  المشاييخ   إلى يحي بن منصور

القول بأن نسب إبراهيم بن جميع متصل بـ "يحي بن منصور", كلام ليس له دليل من الوقائع التاريخية, ولا المصادر الموثوقة , ولعله قد حصل خطأٌ من النُسّاخ أو جهل, إن لم يكون ذلك عن قصدٍ مغرض.
وسأنقل بعض الشواهد والدلائل التي تبين البعد بين أسرة إبراهيم بن جميع المقيم بالخليف من أرض تهامة زهران, وبين يحي بن منصور الذي أُقحم نسبه في المشجرة, وجُعِل جداً أو أباً للشيخ إبراهيم بن جميع, وغلط من قال بهذه النسبة:
- فأولاً: أبناء يحي بن منصور هما: محمد زحيك, وعلي القصير ليس فيهم من اسُمه جميع, أو أحمد.
- ثانياً: إن أسرة يحي بن منصور كما سيأتي مقيمة بالعراق منذ زمن بعيد.
وإليك تفصيل ذلك وبيانه:
·  "..كربلاء مشهد الإمام الحسين بن علي عليهما السلام، وهي مدينة صغيرة تحفها حدائق النخيل. ويسقيها ماء الفرات. والروضة المقدسة داخلها وعليها مدرسة عظيمة وزاوية كريمة فيها الطعام للوارد والصادر، وعلى باب الروضة الحجاب والقومة لا يدخل أحد إلا عن إذنهم فيقبل العتبة الشريفة.. وأهل هذه المدينة طائفتان: أولاد فائز وأولاد زحيك، وبينهما القتال أبدا، وهم جميعا أمامية ويرجعون لأب واحد ولأجل فتنتهم تخربت هذه المدينة.

·  وقال البراقي في  بحر الأنساب المخطوط 45 : "إلى عبدالله هذا يرجع بنو زحيك بالمشهد الحائري، وبنو البنفيس وبنو أبي الغر وبنو معالي. وأكثر عقبه ببلاد الشام بجبل كسروان".
قلت: جبل كسروان هو محلة النصيرية بسوريا.

·  "وقال أحمد بن عنبة صاحب كتاب عمدة الطالب:" أبو الحرث محمد من ولده آل زحيك, وهو يحيى بن منصور بن محمد بن أبي الحارث.. وآل زحيك العلويين يرجع نسبهم إلى السيد إبراهيم المرتضى .. وأول من هاجر إلى كربلاء واستوطنها منهم: أبو عبدالله الحائري، من سلالة السيد ابراهيم المرتضى الجد الأعلى لسادات آل زحيك، في مطلع القرن الخامس الهجري".
قلت: أبو عبد الله الحائري استوطن كربلاء في مطلع القرن الخامس أي بعد سنة 400  بقليل. وهو في عمود النسب المحرّف جُعل الجد الثامن للشيخ إبراهيم؟

·  وقال ابن بطوطة في رحلته:".. اللقب (ثابت) جاء من اسم جدهم السيد ثابت...ثم (ذكر منهم) السيد علي القصير بن السيد أبو القاسم بن السيد محمد بن السيد زحيك بن السيد: يحيى بن السيد منصور بن السيد محمد بن السيد يحيى بن السيد عبدالله الحائري وكان قديما يطلق عليهم لقب السادة آل زحيك نسبة إلى جدهم السيد زحيك بن يحيى.

·  ومن هذه السلالة  إلى يحي بن منصور: علي القصير بن أبي القاسم بن يحيى  ويقال لولده آل زحيك  بن منصور بن محمد بن يحيى بن محمد بن عبدالله الحائري.
وقد تولت هذه الأسرة بسدانة الروضة الحسينية ونقابة الأشراف للطالبيين التي استقرت فيها لأكثر من ستة قرون.       
( بتصرف واختصار من شبكة الإمام الرضا)
         ملاحظة مهمة:

لم أجـد في كتب التاريخ التي وقفت عليها أي خبر أو ترجمة ليحي بن منصور الذي يدّعي بعضهم نسبة الشيخ إبراهيم بن جميع إليه..!
إلا ما نقلته من الشبكة العنكبوتية كما سبق آنفاً. وكثير من مواقع الشبكة يعتريها الخلل وتفتقد للتوثيق, فلا يعتمد عليها وحدها.

          الوقفة السابعة:تنبيه وتذكيـر:
بما  أن المشاييخ إحدى قبائل المناصير التي يرجع نسبها إلى منصور بن محمد بن عبد الواحد الحسيني , وبما نقلت عن تاريخ أسرة يحي بن منصور زحيك.
أقول: هل يجوز أن يدّعي المسلم الانتساب إلى من ليس له به صلة نسب؟
ومن  ذا الذي يرضى أن ينتمي إلى أسرة ليس له فيها نسب؟ أويتخلى عن نسبه الصحيح.؟
والمشهور الثابت أن الجد الأدنى للمشاييخ هو:
الشيخ إبراهيم بن جميع رحمه الله, نزيل الخليف.
 وقد كان رجل علم وصلاح. قال عنه الزبيدي:" من كبار الصالحين" .
 (طبقات الخواص ص:332).
ثم يرتفع النسب إلى الجد الأوسط :منصور بن محمد بن عبد الله بن عبد الواحد, ومن آبائه محدثون وفقهاء, فمنهم: الفقيه المحدث النسابة يحيى بن الحسين, وابنه طاهر أبو القاسم العالم المحدث النسابة شيخ الحجاز. وهم من أمراء المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام.
إلى أن ينتهي نسبه إلى  الحسين بن علي رضي الله عنهما.
ثم إن ههنا اعتباران يؤيدان نسبة  المشاييخ إلى منصور بن محمد بن عبد الله :
الأول: أن ذريته عرفت بلقب المناصير وهذا هو المشهور في نسب المشاييخ. ولم يذكر هذه النسبة أحد ممن ترجم لمنصور بن محمد الحائري. المقيم بكربلاء في العراق وإنما يقال لعقبه : بنو زحيك.
والثاني: أن قدوم إبراهيم بن جميع من المدينة أو من مصر أو غير ذلك, أنه  أمر محتمل؛ لأن كثيراً من أمراء المدينة قد تفرقوا في مصر وبوادي الحجاز نتيجة للمنازعات التي تعرضت لها إمارتهم في المدينة  في أواخر أيامهم.
بل ثمت قول  بأن منصور بن محمد بن عبد الله ابن عبد الواحد. نزل تهامة زهران, أو زارها, ولم أجد الآن دليلا على ذلك سوى ما ذكره الشاعر محمد الشاووش في قوله:
" والله لو كان ماهلاّ هزيز العشاير ما نشد
                      قبلنا جدنا منصــور كم له نزل, ما شد منها".  
ومن آباء الأمير منصور محدثون وفقهاء, فمنهم: الفقيه المحدث النسابة يحيى بن الحسين, وابنه طاهر أبو القاسم العالم المحدث النسابة شيخ الحجاز. وهم من أمراء المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام.
إلى أن ينتهي بالحسين بن علي رضي الله عنهما.
ثم إن ههنا اعتباران يؤيدان نسبة  المشاييخ إلى منصور بن محمد بن عبد الله :
الأول: أن ذريته عرفت بلقب المناصير وهذا هو المشهور في نسب المشاييخ. ولم يذكر هذه النسبة أحد ممن ترجم لمنصور ابن محمد الحائري. المقيم بكربلاء في العراق وإنما ليقال لعقبه : بنو زحيك.
والثاني: أن قدوم إبراهيم بن جميع أو أحد آبائه من المدينة أو من مصر,  أو غير ذلك, أنه  أمر محتمل؛ لأن كثيراً من أمراء المدينة قد تفرقوا في مصر وبوادي الحجاز.
 فانتقال الشيخ إبراهيم بن جميع رحمه الله أو أبوه أو جده إلى تهامة زهران وإقامته بها, أقرب إلى الواقع من أن يكون قدومه من العراق. أو أن يكون من ذرية يحي بن منصور زحيك وأسرته سدنة قبر الحسين بكربلاء كما سبق بيانه.
ولعل من أسباب انتقال الشيخ إبراهيم إلى الخليف ما حصل من الخلاف بين أمراء المدينة وبين بني عمومتهم أمراء مكة. وكذلك الـنـزاع بين أفراد بيت آل مهنا على إمارة المدينة. ولعل من ذلك كثرة عقب الأمير منصور بن محمد, وتفرقهم في بوادي المدينة.
وقد ترجم الشرجي الزبيدي لـ "محمد بن إبراهيم بن جميع" في كتابه طبقات الخواص, واستطرد إلى أبيه الشيخ إبراهيم, وذكر أنه من قوم يقال لهم بنو منصور.
       (ينظر  طبقات الخواص ص:333).).
فعلى ذلك فقدوم إبراهيم بن جميع إلى تهامة زهران أقرب احتمالاً من قدوم أحد ذرية يحي "زحيك" من العراق. وقد كانت  أسرته قائمة بسدانة الضريح المنسوب للحسين t, وهذا مما يتعذر معه مفارقته العراق, علاوة على قلة عدد أفراد الأسرة كما ذكر ذلك من ارّخ لها.
ثم إن الترحيب بالشيخ إبراهيم في بلاد زهران يعطي دلالة على شهرة أجداده, وبلا شك أنها  قد بلغتهم لقرب المسافة بين المدينة والخليف, ولشهرة الإمارة والنسب.
 وقد بقي الاسم الغالب لذرية الشيخ "المناصير". معروفاً إلى الآن إلى جانب اللقب "الشيخي" نسبة إلى الشيخ إبراهيم.
و أدركت آبائي وكبار القبيلة يقولون جدنا: الشيخ إبراهيم المدفون بالخليف.
وقد عاصر الشيخ إبراهيم بن جميع رحمه الله عالم الخلف والخليف الشيخ: موسى بن عيسى الزهراني, ولعل أحدهما تتلمذ على الآخر. فيعلم من ذلك أن الشيخ إبراهيم بن جميع رحمه الله قد عاش في أواخر القرن الثامن , لأن السخاوي ذكر أن الشيخ موسى الزهراني عمر تسعين سنة وتوفي في أوائل القرن التاسع.                 (ينظر الضوء اللامع  للسخاوي: 5/99).

في الحقيقة إذا نظرنا بتمعن لهذه المسألة نجد أنها فعلا لا تخلو من الصعوبة والإشكال.
لكن لابد من التحري والإنصاف، حتى ينصف الإنسان من نفسه، ولا تحمله العصبية لها أن ينسب إليها مالا يتيقن صحته وثبوته.
فالفترة التي عاش فيها الشيخ إبراهيم رحمه الله كانت فترة تاريخية عصيبة تدهورت وضعفت فيها الخلافة العباسية وقامت دويلات مختلفة مثل المماليك والعبيدية الفاطمية في مصر، ثم الأيوبية. وأثر ذلك بطبيعة الحال على المجتمعات التي لها علاقة قريبة من مراكز الأحداث كالحجاز ومصر ..فكان هذا من أسباب الفتن والجهل الذي ظهر بوضوح في بعض المناطق نتيجة لصراع الدول.
ولاشك أن المؤرخين موجودون.. في كل زمان ومكان.. ولكن الظروف السياسية تلعب دورا بارزا في توجيه الأحداث، ولهذا الأثر تجد أن أسرة مرموقة مثل آل مهنا الحسينيون حكام المدينة قد أصابهم من تلك الأحداث ما أثر على تاريخهم بل ووجودهم فقد انتهت إمارتهم بعد صراع مرير مع بني عمومتهم حكام مكة وصراع داخلي فيما بينهم، وهذا السبب نتج عنه مع انتهاء الإمارة تفرق بيوت وشخصيات كثيرة منهم.
ومن هنا يبدو أنه من الواقعي جدا انتقال بعض هذه الأسرة إلى مصر وهذا موثق تاريخيا.. ولايبعد أن يصل بعضهم إلى المغرب ، وبعضهم إلى مكة أو بلاد زهران.. وهذا ماحدث للشيخ إبراهيم سواء كان قدومه من المدينة أو من مصر أو غيرها.. المهم كانت المحطة الأخيرة له هي بلدة الخليف..

وبالإمكان أيضا الوصول إلى نقطة مهمة وهي أساس في الموضوع. ألا وهي:
أن شخصية ليست من المكانة البارزة في الرئاسة كالشيخ المعروف بزهده وانصرافه إلى العزلة والتدين.. أن لايكون له من الاشتهار في بلد ليس بلده الأصلي بل هو لأجي ووافد إليه..
نعم استقر به الحال وانصرف إلى حياته الخاصة وتعليم الناس مالديه من علم ذلك الزمن..
فلما أرخ الشرجي لأحد أبناء الشيخ كتب عنه سماعا وليس مشاهدةً، فالمصدر الذي استقى منه الشرجي ضعيف وغير موثوق.
لنسأل : من هو الشخص الذي أخبر الشرجي عن ابن الشيخ.. أم هل هناك مرجعا وكتابا اطلع عليه،؟ كلا. وإنما حديث الناس عما سمعوا..
يبقى الشك وارد في ضعف مادة الشرجي..
ويبقى الموضوع بهذا الحال والصورة حتى لغيره ممن أرخ لتلك الفترة.
ونأتي هنا للخلاصة.
أن المشهور من الخبر عن الشيخ عند جيرانه أنه وفد إليهم من خارج بلدهم واختار هم جيرانا وحلفاء له بعيدا عن مناطق الصراع في مكة والمدينة وقضى حياته فيما يعنيه.

والآن لو قدرنا أن حجج الفريقين كلها ضعيفة.. ولم يبق إلا ما اشتهر من أصل الرجل أنه من المناصير. واسقطنا كل المصادر الأخرى وافترضنا أنها غير موثقة.
نخلص إلى نقطة واحدة صحيحة وقوية ومتفق عليها من الجميع.. وهي كافية في نظري لحسم النزاع، ألا وهي : اشتهار واتفاق الأخبار أن الشيخ من المناصير. وهذه النقطة هي التي بقيت قوية واضحة عند ذريته.
فبناء على ذلك نقول أن الشيخ إبراهيم بن جميع رحمه الله من المناصير كما هو معروف ومسموع عن ذريته.
ثم نبحث في هذه النقطة فقط:
١- من هم المناصير؟
٢- وإلى من ينتسبون؟
٣- وماهي ديارهم ومنازلهم الأصلية؟
٤- وهل ذكرت المصادر التاريخية الموثوقة شيئا عن أصلهم.؟

جواب كل هذه التسآولات هو الفيصل في الموضوع.


ومما يلاحظ ندرة المصادر التي تتحدث عن هذه الحقبة الزمنية. فانقطاع سلسلة النسب بين الأمير منصور والشيخ إبراهيم بن جميع بحاجة ماسّة للدراسة والبحث, فعسى الله أن ييسر ذلك, سواء كان لي أو أيُّ أحدٍ من الأخوة الأفاضل المعنيين بهذا الشأن.

            الوقفة الثامنة: في الختام:
من المعلوم أنه قد يقع في بعض الأسماء زيادة اسم أو لقب, أو يغلب على الاسم الحقيقي لسبب من الأسباب, كما يحصل في (السميّ) , وهو أن يسمي رجل ابنه باسم عزيز عليه فيغلب الاسم والشهرة فيقال: فلان, على اسم سميّه ولقبه.
 وقد يحصل ذلك نتيجة حلف بين القبائل, كما هو بين قبيلتنا المشاييخ وبين زهران من الحلف القديم والجوار, منذ نزل الشيخ إبراهيم رحمه الله الخليف من أرض زهران.
والحق أن المشاييخ لا يتصلون بزهران نسبةً, فإنما هم هواشم من ذرية الحسين رضي الله عنه.
وأما ما حصل من الجمع بين لقب(الشيخي الزهراني). ففي ظني أن ذلك إنما حصل بسبب شهرة زهران وحلفهم للمشاييخ كما سبق.
وما حصل من اللبس في ذلك فبيانه كالتالي:
في بداية إصدار الهوية, أو ما كان يعرف بحفيظة النفوس, خصوصا في المدن كانت شهرة زهران غالبة وظاهرة فأضيف لبعض الأسماء لقب الزهراني من باب التعريف لا من باب النسب.
ومن المعلوم لكل مسلم أنه لا يجوز له أن ينتسب لغير أبيه أو يدعي قوما ليس له فيهم نسب.
لكن الخطير في الأمر أن ينتسب شخص لغير أبيه وهو يعلمه, أو تنتسب قبيلة بأسرها إلى شخص يُدّعى نسبتها إليه, والحقيقة خلاف ذلك, فترضى به وتقيم عليه دون نكير, ودون أن تكون لها الرغبة في تصحيح هذا الخطأ.
وقد سبق توضيح ذلك في الوقفة السابعة الخاصة ببيان بطلان نسبة المشاييخ إلى يحي بن منصور.
وهنا يحسن التحذير من مثل ذلك بذكر ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن.
فقد قال r:"من ادّعى  إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام". البخاري.(6766). ومسلم (63 ) 
وعن أَبي ذَرٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ rيَقُولُ: لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ إِلاَّ كَفَرَ، وَمَنِ ادَّعى قَوْمًا لَيْسَ لَهُ فِيهِمْ نَسَبٌ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ". البخاري ومسلم.
فهل يُقدِم عاقل على الانتساب إلى غير أصله, وقد بلغه هذا التحذير النبوي..!؟
وقالr:"لا ترغبوا عن آبائكم , فمن رغب عن أبيه فهو كفر". البخاري(6768),ومسلم(62).
وقال أيضاً r:"من انتسب إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين ".أخرجه ابن ماجه(2609) وصححه الألباني.
ومع  ذلك، فيجب الحذر من الفخر بالنسب ما جاء عن رسول الله r من قوله:" إن الله لا يسألكم عن أحسابكم ولا عن أنسابكم يوم القيامة , "إن أكرمكم عند الله أتقاكم ".ينظر الصحيحة للألباني3/32.
ومعلوم لكل عاقل أن التفاخر بالأحساب أمر غير محمود , بل هو مذموم شرعاً, فقد صح النهي عنه في قوله r:"إن في أمتي أربع من أمر الجاهلية ليسوا بتاركيهن : الفخر في الأحساب, والطعن في الأنساب, والنياحة والاستسقاء بالنجوم."  مسلم
  •   كما يجب على كل منتسب لهذا النسب الشريف ألا يتعالى على الناس به أو يتباهى بنسبه, كِبراً أو طلبا لتعظيم أو رياسة ونحو ذلك.
  •  ثم إن الاتكال على النسب لا يجدي نفعا مع تضييع العمل والتفريط في التقوى, قال رسول الله r:" من بطّأ به عمله لم يسرع به نسبه". أخرجه مسلم .
فيا شريف النسب كن تقياً؛ تنل عالي الرتب.
  •  ولذلك ينبغي لمن كان شريف النسب أن يشكر الله على هذه النعمة إذ جعله الله فرعا من الشجرة الطاهرة المباركة , فلا يضع نفسه إلا في أشرف المراتب - أعني- أكرم الأفعال ويتصف بأحمد الخصال ؛ ليجمع طيب النسب وطيب العمل. ومن الواجب على أبناء القبيلة مع الأُخوّة الإيمانية العناية بتقوية أواصر القربى وصلة الرحم فيما بينهم لما لذلك من الآثار الطيبة قال النبي r:" تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم, فإن صلة الرحم محبة في الأهل مثراة في المال منسأة في الأثر".   الترمذي والحاكم وصححه الذهبي والألباني.
   وانبّه أخيراً إلى خطورة ما في بعض المشجرات من الخطأ في عمود النسب سواء كان مقصوداً أو غير مقصود. ففيما صح واشتهر كفاية وغنية عن التعلق بالأوهام والانخداع بما يزخرفه المغرضون والجاهلون .

 وختاماً:
فهذا ما توصلت إليه اليوم حسب الجهد والطاقة, فما كان من حق وصواب فمن الله – وله الحمد- وما كان من خطأ وتقصير فمني , واستغفر الله وأتوب إليه.
ثم لي رجاء من كل أخ كريم يقرأ هذا البحث , وعنده استدراك أو إضافة أو تصويب فأهلا ومرحباً به, وبالحق الذي معه. وله مني الشكر والتقدير.
وكما هو معلوم أنه مما من عمل يعمله الإنسان من كتابة وغيرها إلا وهو عرضة للخطأ, ويعتريه ما يعتري سائر الأعمال من السهو والنقص.
بيّد أن الواجب يحتم على كل عاقل ومنصف قبول الحق المؤيد بالبراهين ممن  جاء به, فالحق مطلبنا وغايتنا , والنقد بالدليل وبالقول الحسن لا اعتراض عليه. والله الموفق سبحانه والهادي إلى سواء السبيل.
محـمد بن علي بن محـمد  الشيخي.
17/4/1434

malshk1@gmail. 

...............................................................
رابط الموضوع في موسوعة ويكيبيديا
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B3%D8%AA%D8%AE%D8%AF%D9%85:Malshk1/%D9%85%D9%84%D8%B9%D8%A8

المصـــــادر والمــراجــــــع
1-   أُسد الغابة لابن الأثير, كتاب الشعب
2-  الأنساب للسمعاني.
3-أنساب الطالبيين الحسيني/ مكتبة الثقافة الدينية/ القاهرة/ط 1
4-  البداية والنهاية لابن كثير, دار الكتب العلمية بيروت
5- التحفة اللطيفة في أخبار المدينة الشريفة للسخاوي..
6- الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة لابن حجر. دار الكتب العلمية بيروت,ط1
7- الدليل المغني إلى شيوخ الدارقطني421
8- المعارف لابن قتيبة , دار المعارف, ط2
9-  المنهل الصافي لابن تغري بردي ,دار الكتب والوثائق القومية بالقاهرة.
10- تاريخ الطبري :تاريخ الأمم والملوك, لابن جرير الطبري..
11- تاريخ ابن خلدون, دار إحياء التراث العربي.
12-  تاريخ بغداد للخطيب البغدادي, دار الكتاب العربي بيروت
13-  تهذيب التهذيب لابن حجر دار صادر, صورة ط1 بدائرة المعارف بالهند1326.
14-  سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني..
15-  صحيح البخاري.
16-  صحيح مسلم.
17-  طبقات الخواص أهل الصدق و الإخلاص أحمد الشرجي الزبيدي ط1 - 1986 الدار اليمنية للنشر.
18-   طبقات النسابين للشيخ بكر أبو زيد.
19-  سير أعلام النبلاء للذهبي مؤسسة الرسالة ط3
20-  عنوان الدراية للغبريني, دار الأفاق الحديثة , بيروت,ط2
21-  عمدة الطالب لابن عنبة, ط2, 1380هـ ,  منشورات المطبعة الحيدرية في النجف.
22-  قلائد الجمان في التعريف بقبائل عرب الزمان للقلقشندي, دار الكتب الحديثة, القاهرة, ط الأولى 1383
محـمد بن علي بن محـمد الشيخي.
      



هناك 3 تعليقات:

  1. بحث موجز عن نسب قبيلة المشاييخ

    ردحذف
  2. ولعل لقب "الشيخي"- والله أعلم - نسبةً إلى جدهم الشيخ إبراهيم بن جميع رحمه الله نزيل

    هل تستطيع ان تصل نسب ابراهيم بن جميع الى منصور بن محمد .؟

    ردحذف
    الردود
    1. لا ، لاأستطيع، وذلك لندرة المصادر التي تتحدث عن هذه الحقبة الزمنية. فانقطاع سلسلة النسب بين الأمير منصور والشيخ إبراهيم بن جميع بحاجة ماسّة للدراسة والبحث, فعسى الله أن ييسر ذلك, سواء كان لي أو أيُّ أحدٍ من الأخوة الأفاضل المعنيين بهذا الشأنود ضمن الفقرة

      حذف

وقلّ من جدّ في أمر يحاوله..

  استمعت ذات مرة لأحد الأدباء وهو يلقي كلمة ترحيبية أشاد فيها ببعض أساتذته وأصدقائه، وكان بليغاً فصيحاً. فأعجبت ببلاغته وبيانه، مع ماعلِمتُ ...