في محراب الدعاء!
الدعاء عبادة جليلة، وله مكانة من الدين عظيمة، بل هو العبادة كما صح بذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم، والحاجة إليه ضرورة لا غنى للمسلم عنها.
فالدعاء باب الملك الكريم يطرقه العبد كل حين يسأل حاجته من ربه عز وجل..!
ومع ذلك فالدعاء تمجيد لله تبارك وتعالى. والثناء عليه سبحانه من أفضل الذكر، ومن أرجى دواعي إجابة الدعاء.
ولعلمه الله تعالى بحاجة عباده أمرهم بالدعاء:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِیۤ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ }.
وهذا من أظهر الأدلة على كرم الله سبحانه إذا أمر بدعائه ووعد بالإجابة.!
ومما يدل على فضل الدعاء ومكانته العظيمة أنه يتضمن عبادات أخرى، وهي من آداب الدعاء، ومن أسباب إجابته، فمنها:
الرغبة الرهبة، كما في قوله سبحانه عن أنبيائه:{إِنَّهُمۡ كَانُوا۟ یُسَـٰرِعُونَ فِی ٱلۡخَیۡرَ ٰتِ وَیَدۡعُونَنَا رَغَبࣰا وَرَهَبࣰاۖ }.
ووصف بذلك عباده المؤمنين فقال تعالى:{تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمۡ عَنِ ٱلۡمَضَاجِعِ یَدۡعُونَ رَبَّهُمۡ خَوۡفࣰا وَطَمَعࣰا وَمِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ یُنفِقُونَ }
والخوف منه سبحانه والطمع في رحمته والإحسان كما قال تعالى:{وَٱدۡعُوهُ خَوۡفࣰا وَطَمَعًاۚ إِنَّ رَحۡمَتَ ٱللَّهِ قَرِیبࣱ مِّنَ ٱلۡمُحۡسِنِینَ}.
ومنها التضرع إليه جل وعلا كما قال:{ٱدۡعُوا۟ رَبَّكُمۡ تَضَرُّعࣰا وَخُفۡیَةًۚ}.
وعمود الدعاء وشرط قبوله واستجابته الإخلاص والإيمان، قال ربنا عز وجل:{فَٱدۡعُوا۟ ٱللَّهَ مُخۡلِصِینَ لَهُ ٱلدِّینَ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَـٰفِرُونَ}.
وقال جل وعلا: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِی عَنِّی فَإِنِّی قَرِیبٌۖ أُجِیبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ فَلۡیَسۡتَجِیبُوا۟ لِی وَلۡیُؤۡمِنُوا۟ بِی لَعَلَّهُمۡ یَرۡشُدُونَ }.
فعبادة جمعت الإيمان والإحسان والإخلاص والتضرع والرغبة والرهبة والخوف والطمع..
لاشك أن هذه العبادة جديرة بعناية المؤمن واهتمامه، لعلو مكانتها وفضلها وشدة افتقاره إليها في كل شأن من شؤون حياته في الدين والدنيا والآخرة.
فمن أراد استجابة دعائه فليحرص على حضور قلبه عند الدعاء، وليدع بالأدعية المأثورة مما في القرآن والسنة، وليسأل ربه وهو موقن بالإجابة، ولا ييأس ولا يستعجل ففي الحديث:"ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلب غافلاً لاهٍ".(الترمذي والحاكم)
ويجوز للمسلم أن يدعو بما شاء ما لم يكن إثما أو بدعة، وأفضل الأدعية وآكدها استجابةً وأكثرها بركةً ما كان من القرآن والسنة الصحيحة .
وقد كان النبي صلى الله عليه و آله وسلم يدعو بجوامع الدعاء.
وهذه باقة مختارة منها:
- { ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار }.
آية من القرآن وقد كان يدعو بها النبي. والحديث في صحيح البخاري ومسلم.
- " اللهم إني أعوذ بك من جَهد البلاء ودَرَكِ الشقاء وسوء القضاء وشماتةِ الأعداء". (صحيح البخاري ومسلم)
- "اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم". (البخاري ومسلم)
- " اللهمَّ إِني أعوذُ بك من عذاب القبرِ، وأَعوذُ بك من عذابِ النارِ، وأَعوذُ بك من فتنةِ المحيَا والممَاتِ، وأَعوذُ بك من فتنةِ المسِيحِ الدَّجَّال". (البخاري)
-" اللهم اغفر لي ذنبي كله ، دِقّهُ وجِلّهُ ، وأوله وآخره ، وعلانيته وسره ". (مسلم )
- "اللهم إني أسألك الهدى والتُقى والعفاف والغنى". (مسلم)
- " اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحوِّل عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك". (مسلم)
- " اللَّهم إِني أَعوذُ بكَ من علمٍ لا ينفعُ، ومن قلبٍ لا يخشعُ، ومن نفسٍ لا تشبعُ، ومن دعوةٍ لا يُستجابُ لها". ( مسلم)
-" اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي ، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير ، واجعل الموت راحة لي من كل شر" ( مسلم)
- " اللهُمَّ إِني أَعوذُ بك من العجزِ، والكسلِ، والحبن، والبخل، والهرم، وعذاب القبرِ، اللهمَّ آتِ نفسي تقواها، وزكّها أَنْتَ خيرُ من زكَّاها. أَنْتَ وليُّهَا ومولاها".(مسلم)
- " اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك". (مسلم)
- " اللَّهُمَّ اغفر لي جِدِّي وهزلِي وخطَئِي وعمْدِي ، وكلَّ ذلك عندي ، اللَّهُمَّ اغفر لي ما قدَّمتُ ، وما أَخَّرتُ ، وما أَسررتُ ، وما أَعلنتُ ، وما أنت أَعلمُ به منِّي ، أَنتَ المُقَدِّمُ ، وأَنتَ الْمُؤَخِّرُ ، وأَنتَ على كل شيءٍ قديرٌ " . (مسلم) .
وبالله التوفيق.
—
١٤٤٦/١٢/١٢
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق