من حرص النبي صلى الله عليه وسلم على أمته وحبه الخير لهم أن أمر بالتعوذ من الفتن فقال: "تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن". وقال: " إذا تشهد أحدكم فليتعوذ بالله من أربع"، وذكر فتنة المحيا والممات، وفتنة المسيح الدجال. وأخبر عليه الصلاة والسلام عن كثرة الفتن فقال:" إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر".
ووصفها عمر رضي الله عنه بأنها تموج كموج البحر. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي ، ومن يشرف لها تستشرفه، ومن وجد ملجأ أو معاذا فليعذ به".
لذلك يجب التعوذ بالله من الفتن والبعد عنها، فإنّ الفتنة إذا أقبلت كانت كالسيل، وصار الناس حيالها ثلاثة أصناف.
الصنف الأول: كالدواب والهوام إذا أقبل السيل أخرجت رؤوسها فجرفها وأغرقها، وهذا كمن خاض في الفتنة فجرفه طوفانها.
والثاني: كالحيوانات التي تخوض في السيل فمنها ما
يجرفه السيل فيغرق، ومنها ما يعوم فيخرج مُنهكاً. وكذلك حال من يدخل في الفتنة ويزعم أنه قادر على النجاة منها.
والثالث: من نأى بنفسه عنها، وكان كالطيور التي لا يدركها أذي السيل، بل تستفيد منه فتشرب وتأكل ما خرج بسببه، فهذا الصنف من الناس لا يدركه شر الفتنة بل قد تكون في حقه خيرا كما قال تعالى:{ لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم}.
فكن أيها الموفق من أمرك على
بصيرة، وكفّ عليك لسانك، فإننا في زمن كثرت فيه الفتن، وإن خطرها كبير، فعن حذيفة رضي
الله عنه قال كنا عند عمر فقال أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الفتن؟
فقال قوم نحن سمعناه، فقال: لعلكم تعنون فتنة الرجل في أهله وجاره؟ قالوا: أجل. قال:
تلك تكفرها الصلاة والصيام والصدقة، ولكن أيكم سمع النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الفتن
التي تموج موج البحر ؟ قال حذيفة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" تعرض
الفتن على القلوب كالحصير عُودا عودا، فأيُّ قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب
أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين، على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما
دامت السماوات والأرض والآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا
إلا ما أشرب من هواه".
اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن. اللهم جنِّب بلدنا، وبلدان المسلمين الفتن إنك سميع الدعاء.
……………………………
محمد بن علي الشيخي. 1438/10/17
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق