الأحد، 27 أبريل 2025

المناسبة بين سورتي نوح والجن

 

 من يقرأ سورة نوح عليه السلام ويرى موقف قومه في كفرهم وعنادهم وإصرارهم على ما هم فيه من الضلال، قال نوح عليه السلام{وَإِنِّی كُلَّمَا دَعَوۡتُهُمۡ لِتَغۡفِرَ لَهُمۡ جَعَلُوۤا۟ أَصَـٰبِعَهُمۡ فِیۤ ءَاذَانِهِمۡ وَٱسۡتَغۡشَوۡا۟ ثِیَابَهُمۡ وَأَصَرُّوا۟ وَٱسۡتَكۡبَرُوا۟ ٱسۡتِكۡبَارࣰا }

 ومع طول الزمان واجتهاد نوح عليه السلام في دعوتهم إلى الإيمان بالله، وصبره عليهم مئات السنين، فلما يئس منهم دعا عليهم فأخذهم الله بالطوفان. 

من تأمل حالهم هذا فيما قصّه الله في هذه السورة  ثم افتتح سورة الجن فقرأها{ قُلۡ أُوحِیَ إِلَیَّ أَنَّهُ ٱسۡتَمَعَ نَفَرࣱ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَقَالُوۤا۟ إِنَّا سَمِعۡنَا قُرۡءَانًا عَجَبࣰا • یَهۡدِیۤ إِلَى ٱلرُّشۡدِ فَـَٔامَنَّا بِهِۦۖ وَلَن نُّشۡرِكَ بِرَبِّنَاۤ أَحَدࣰا } 

ثم تذكر ما حصل من تكذيب قوم نوح وكفرهم. 

 وتفكر في حال الجن والإنس في هاتين السورتين، فالأنس يشتد عنادهم وتكذيبهم بينما بادر الجن إلى الإيمان في لحظة استماعهم لداعي الله تعالى، بل ويشيدون بهذا القرآن ويثنون عليه ،كما قال الله عنهم{ یَهۡدِیۤ إِلَى ٱلرُّشۡدِ فَـَٔامَنَّا بِهِۦۖ وَلَن نُّشۡرِكَ بِرَبِّنَاۤ أَحَدࣰا }.

فمن تأمل حال الفريقين رأى العجب! 

 فالجن يبادر عقلاؤهم إلى الإيمان، بينما يشتد إعراض الإنس وتكذيبهم للحق! 

ففي هذا تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم عن تكذيب الكفار له، وبشارة بأن يأتي الله بقوم يؤمنون به ، فكان من ذلك إيمان الجن به صلى الله عليه وسلم. 

 فكم لله في ذلك من حكمة!

 كيف أسرعت الجن واستجابت لداعي الإيمان، وكيف جحد قوم نوح وكذبوا وأعرضوا!

فسبحان الله يهدي إلى الإيمان من سبق في علمه أنه يستحق ذلك ويضل من أعرض وأبى وإن كان عاقلاً سميعاً بصيرًا..

 فلله الأمر من قبل ومن بعد {فَیُضِلُّ ٱللَّهُ مَن یَشَاۤءُ وَیَهۡدِی مَن یَشَاۤءُۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ }.

 ٢٩ شوال ١٤٤٦


السبت، 26 أبريل 2025

موعظة سورة ق

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم:{ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ * بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ * أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ * قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ * بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ}.

وعظ الله تعالى منكري البعث, وذّكرهم تعالى علمه المحيط بكل شيء, فهو العليم سبحانه بما تأكل الأرض من أجسادهم ، وبما تفرق من رفاتهم، فكل ذلك في كتاب محفوظ من النقص والتبديل. وأخبر جل وعلا أن تعجب الكفار من إنذار النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو لتكذيبهم بالحق، حين التبس الأمر عليهم بسبب كفرهم, ثم أمرهم الله تعالى أن ينظروا إلى ما في الكون من آثار صنعه ودلائل قدرته " مما هو أعظم مما تعجبوا منه واستبعدوه ".

(ينظر تفسير ابن كثير: ج١٣،ص١٨٣.)

فلينظروا إلى السماء فوقهم مرفوعة بغير عمد قد أحكم الله بناءها، وجمّلها بالكواكب والنجوم، وبسط الأرض وأرساها بالجبال، وأنبت شتى أصناف النبات مما يسر الناظرين. ونبّه سبحانه إلى قدرته في إنزال المطر وإنبات الزرع والثمار والنخل العاليات ذات الثمر المنظوم, وقد جعل الله ذلك معاشاً للخلق وأحيى به الأرض الميتة؛ فكما قدر عز وجل على ذلك فهو قدير على أن يحي الموتى يقول سبحانه:{أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ * وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ* وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ * رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ }.

ثم هدد عز وجل الكفار إن سلكوا طريق المكذبين قبلهم من الأمم من لدن قوم نوح إلى قوم تبع ممن وجب عليهم العذاب, فقال:{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ * وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ}, وألزم منكري البعث بإقرارهم بقدرته على بدأ الخلق، فإن الكل عليه هين ويسير فقال:{ أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ}. وأخبر سبحانه عن قدرته على خلق الإنسان وعلمه عز وجل بخواطر القلوب ووساوس النفوس، فقال تعالى:{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}كما قال سبحانه:{ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }, فلعلم الإنسان وليتذكر أن الله أقرب إليه بعلمه وملائكته من حبل الوريد. ويقول تعالى:{إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}:حين يتلقى الملكان منه عمله.وله مترصد ملازم له, وعنده حافظ يحفظه, حاضر أينما كان.

لا شك أن النفوس تكره الموت؛ لشدته وسكرته, ولأنه يقطع  الآمال، وينقل الإنسان من دار مألوفة إلى دار موحشة غريبة، فلا يعلم العبد علام يقدم, على خير أم على شر؟! والله يقول: { وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ }. فتأمل يا عبد الله هذه الآية ولا تقل: متى يكون هذا؟ فالجواب حاضر ملء سمعك وقلبك, فاستعد لذلك حتى كأنك قد وقفت الموقف الموعود, فعظ نفسك بقول الله سبحانه:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ}.

 وإنّ من أهوال يوم القيامة وشدائده أن تحشر كل نفس يومئذ ومعها ملكان أحدهما يسوقها والآخر يشهد عليها. فلن تفلت نفس مجرمة يومئذ، ولن تتأخر عن موقفها بين يدي العزيز القهار{وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ } تأتي كل نفس فريدة لا مال ولا جاه ولا ولد: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} فيجب علينا الاستعداد للوقوف بين يدي رب العالمين, وأخذ العدة لذلك بالعمل الصالح والإخلاص واليقين,فإنه يقال يومئذ للمكذب:{لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ}. فمن غفل عن ذلك الموقف العظيم  فإنه يفجؤه يومئذ أمرٌ لم يكن له في الحسبان.

     ثم إن من أحداث ذلك اليوم العصيب ما تشيب له مفارق الولدان، ويصبح ما كان خفياً في الصدور ظاهراً للعيان، وما كان غيباً فإنه اليوم حقيقة لا يحتاج إلى برهان. 

فاذكّر نفسي وإياك اليوم لعلها تستيقظ من الغفلة قلوبنا قبل أن نقف موقفاً يعظُم فيه الفزع، وتشتد فيه الحسرة،ك.

 ولنتدبر قبل ذلك قول ربنا سبحانه:{ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}. 

 فإن العبد إذا وقف بين يدي ربه عز وجل أحضره الملَك الموكل به وأحضر عمله{وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ} هذا ما عندي حاضر محفوظ. فيقضي الله قضاءه العدل قائلاً: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ *الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ }, يلقى في جهنم كل كفار, ومعاند للحق, مناع لما أوجب الله عليه, معتد على الناس بلسانه أذيةً وفحشاً, وبيده ظلماً وبطشاً.

    فيا لحسرة الظالم لنفسه إذا: {قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ } فإذا تبرأ الشيطان منه, قال المسكين: يا رب هذا أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني. فيقول الله عز وجل:{ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ  مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}, لا تختصموا عندي كما تختصمون عند ملوك الدنيا، فإنه لا يكرر الكلام عندي وقد قدمت إليكم بالوعيد لمن كفر بي وعصاني, فلا يبدل قضائي الذي قضيته, ولا أعذب أحد إلا بذنبه:{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}, ثم يحقق تعالى وعده للنار أنه يملأها من الجنة والناس أجمعين.

{يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} فـ"لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول :هلّ مِنّ مزيد ؟ حتى يضع رب العزَّة فيها قدَمَه ، فتقول : قطْ قَطْ وعِزَّتِكَ ، ويُزْوَي بعضها إلى بعض". [ متفق عليه] 

يقول الله تعالى:{وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}.

ويقول سبحانه أيضاً:{لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ * لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ}.

 فالواجب على الناصح لنفسه أن يحرص على وقاية نفسه من عذاب الله باجتناب أسبابه وموجباته، وأن يبذل كل ما بوسعه ليكون من المتقين, فإن الله يقول في حقهم :{وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ}.فهذا فيه بيان مصير المتقين وما يقابلون به من التكريم, واقتراب الجنة منهم حتى رأوها عياناً، وذلك تصديقاً لوعد الله لكل رجّاع إلى ربه تائب من ذنبه, وبشارة لكل حافظ لأوامر الله ونواهيه، ولقيه بقلب مخلص سليم.

فيومئذٍ يكرم الله المتقين بتقريب الجنة منهم، وازدلافها إليهم، فلا يتكلفون عناء بُعدها، بل تُدنى منهم، وتزف إليهم وقد تزخرفت وأزينت، وعبق طيبها حتى إنه ليوجد من مسيرة أربعين عاماً. ثم يقال لهم: ادخلوا الجنة سالمين من كل غم ومنغص, خالدين في النعيم المقيم أبداً لا انقطاع ولا فناء ولا زوال, ولكم كل ما تشتهيه أنفُسُكم وتلذ أعينُكم ولكم على ذلك المزيد مما لم يخطر على بال{جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ}.


المؤمن القوي

             

المؤمن حقاً من أقام أركان الإيمان اعتقاداً وإخلاصاً وتصديقاً في القلب، وعملاً وقولاً باللسان. والتزاماً بشرائع الدين كلها، كما قال الله تعالى:{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَئِك َهُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}.

فمن أسباب تقوية الإيمان وزيادته: 

- العلم بالله تعالى والإخلاص له، وخشيته وتقواه، والرغبة والرهبة والإنابة إليه، وصدق التوكل عليه.. 

-أداء العبادات كما شرع الله من الصلاة والصوم وتلاوة القرآن بالتدبر، والصدقة والجهاد والبر والإحسان، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والذكر…

- الاجتهاد في هذه العبادات والسعى لتحقيق كل ما يمكن من شعب الإيمان؛ ليزداد المؤمن إيماناً وإخلاصاً، وترتفع بذلك درجته عند الله كما قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم:"الإيمان بضع وسبعون شعبة أفضلها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان ".. 

-وإن مما يعين صاحب العزيمة الصادقة على تحصيل مراده من الإيمان القوي الكامل: 

أن يتعرف على ما يعود عليه من الخير إذا كان قوي الإيمان، وأن يدرك الأخطار التي تصيب من كان ضعيف الإيمان فيجتنبها. 

فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن الإيمان ليخلق - أي: يبلى- في جوف أحدكم كما يخلق الثوب الخلِق, فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم". (الحاكم في المستدرك، والطبراني في الكبير.   وصححه الألباني في الصحيحة: ١٥٨٥)

فإذا وفق الله العبد للهداية للإيمان فإن من شكر الله على ذلك سؤاله تعالى تمام النعمة بالاستقامة على دينه، والحرص على تحصيل الأسباب التي يزداد بها إيمانه وتقويه ليكون ممن قال فيهم سبحانه:{ وَیَزِیدُ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ٱهۡتَدَوۡا۟ هُدࣰىۗ}.

ومتى كان المؤمن عازماً على الفوز برضوان الله وجنته، وخائفاً من ربه مشفقاً من تقصيره، وتعرضه لسخط الله؛ فيغذيّ إيمانه بالأعمال الصالحة التي تقويه وتثبته. وليحذر كل ما يوهن دينه ويضعفه من الخطايا والسيئات، ومتى وقع في شيء من الخطايا بادر بالاستغفار والتوبة.

فمن المعلوم أن الإيمان يزيد بالطاعة والاستقامة وخصال البر، وينقص ويضعف بالمعاصي والذنوب.

فالمؤمن القوي في إيمانه ينال الشرف العظيم بمحبة الله جل وعلا له ؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:" المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ".

وكلما سعى المؤمن لتقوية إيمانه بالفرائض والنوافل وسائر الطاعات ؛ كلما كان أقرب إلى الله وأحب إليه. كما قال الله تعالى في الحديث القدسي:" ما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه ".

وصاحب الإيمان القوي واليقين الصادق له الأمن في الدنيا من الفتن، وله الأمن يوم الفزع الأكبر من العذاب. 

ومن كان مدركاً لقدر نعمة الإيمان التي تفضل الله بها عليه، فلا شك أنه حريص على التزود من الطاعات التي تقوي إيمانه وترجح ميزانه، فلا يعرف العجز إلى قلبه سبيلا، ولا يتطرق الكسل والوهن إلى عزيمته. وهو مع ذلك دائم التضرع إلى مولاه أن يوفقه للإيمان الكامل ويثبته عليه.

فذلك هو المؤمن الصادق. القوي بعزمه وحزمه على طاعة ربه، وكل ما ينفعه في آخرته، ومتى نصح لنفسه فاجتهد في الأعمال التي ترضي ربه، وترفع درجته، وتقوي إيمانه. فلينافس في أعمال البر، ويسابق إلى الخيرات، ولا يزال ذلك شأنه ودأبه حتى يلقى ربه!

فلنجتهد في تقوية الإيمان ولنحرص على تجديده وتزكيته بالأعمال الصالحات. والحذر من التفريط في الطاعات أو الجراءة على المعاصي والسيئات. 

فإن الإيمان ينمو بالعمل الصالح، ويزكو بالإخلاص واليقين والصدق والخوف من الله ورجائه، وصدق التوكل عليه تعالى, وحسن الإنابة إليه، ومراقبة الله عند أمره وشرعه.  

اللهم اهدنا وسددنا وثبتنا على دينك وزدنا هداية وإخلاصاً وعوناً وتوفيقاً ياسميع الدعاء. 


الجمعة، 18 أبريل 2025

ياسيد الثقلين..

 

( ياسيّد الثقلين حبُّك خالدٌ

والشّوقُ تحكيهِ الصّلاةُ وأدمعُ..

أخرجتَ هذا الكون من ظلماته

دينًا حملْتَ وبالرسالةِ تصدعُ .. 

صلّى عليك اللهُ ملءَ سمائهِ

ماظلّ هديُكَ بالحقيقةِ يسطعُ..

اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين). 

          ******

تعليق وتعقيب: 


قوله: "أخرجت هذا الكون من ظلماته.. ".

١-هل النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أخرج الكون من ظلماته؟

وهل تصح هذه العبارة والله جل وعلا يقول: {ٱللَّهُ وَلِیُّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ یُخۡرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۖ }

٢- إخراج الكون من ظلماته.. 

تعني إيجاد الكون كله بسماواته وأرضه والخلق كلهم من العدم.. 

فهل يصح أيضاً أن  يقال أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أوجد هذا الكون من العدم وخلقه؟!

٣- الإيمان برسالة النبي صلى الله عليه وسلم  من أركان الدين.. 

ومحبته عليه الصلاة والسلام مقدمة على النفس والناس أجمعين.. 

وفضله صلى الله عليه وسلم على الأمة بدعوته وجهاده في تبليغ رسالته.. ووجوب محبته واتباع هديه كل ذلك حق لا شك فيه. 

لكن الغلو في مدحه صلى الله عليه وسلم واطرائه ورفعه فوق منزلته لا يجوز.. فقد قال صلى الله عليه وسلم: " لاتُطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبدٌ، فقولوا : عَبد الله ورسوله". (صحيح البخاري) . 

 وقال أيضاً:" يا أيها الناس عليكم بتقواكم، لا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد بن عبد الله عبد الله ورسوله، والله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني". (المسند )

 


الثلاثاء، 8 أبريل 2025

من أخلاق الأنبياء وصفاتهم في القرآن.

              

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. 

 وبعد: فالأنبياء عليهم الصلاة والسلام هم خيرة الله من عباده. 

 اصطفاهم لرسالته، ودعوة الناس إلى توحيده وعبادته.

وجمّلهم بأحسن الصفات، وأكرم الأخلاق.. 

فهم قدوة الصالحين، وحجة على الخلق أجمعين.

وقد أفلح من اقتدى بهم ، وفاز من أطاعهم واتبعهم.. 

وقد ورد في سور القرآن وآياته ذكر الكثير من أخلاقهم الطاهرة وصفاتهم الزاكية.. 

وسأحاول هنا  ذكر ما تيسر لي من أخلاقهم عليهم الصلاة والسلام .  مشيراً إليها كإشارة  فذكرها يغني عن تفصيل العبارة. 

 وعند استعراض الآيات الكريمة التي أوردها، نجد أنها قد تضمنت من صفات الأنبياء ما ذُكِر فيها نصاً، أو أشير إليه معنًى.. 

وقد أورِد عدة آيات ليتضح الغرض منها بذكر الشاهد على صفة من صفات النبي أو خلقٍ من أخلاقه.. 

ففي تدبر الآيات التي تشتمل على بعض صفاتهم وأخلاقهم خير كثير، وفقهٌ عظيم.. 

ومن المعلوم أنه لم يرد في القرآن ذكر جميع أخلاق الأنبياء، وما جاء منها فبحسب سياق وموضوع الآيات، فأخلاقهم وصفاتهم عليهم الصلاة والسلام أشهر من أن تذكر.

ثم الوقوف على ما تحلى به أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام من  الفضائل العظيمة والشمائل الكريمة يدعو المسلم لأن تكون  له بهم أسوة حسنة. 

فلقد أمر تعالى نبيه محمداً  صلى الله عليه وسلم بعد أن قص عليه من أخبارهم أن يقتدي بهم فقال جل وعلا:{أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ هَدَى ٱللَّهُۖ فَبِهُدَىٰهُمُ ٱقۡتَدِهۡۗ }.

و سأقتصر على ذكر بعض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام،

إذ المقصود معرفة تلك الخلال الطاهرة، نسأل الله أن يجعلنا جميعاً من رفقائهم في الدار الآخرة .

    

نوح /عليه السلام. 

١-اجتهاده في دعوة قومه..

لقد منح الله نبيه نوحاً عليه السلام  القوة والصبر في دعوة قومه رجاء إيمانهم، و رغم ذلك الجهد الدائب لقريب من ألف سنة من الصبر والجِدّ في الدعوة دون كلل أو ملل.. إلا أنه لم يزدهم ذلك إلا ضلالاً وإعراضاً عن الهدى، كما قال الله سبحانه عنه: { قَالَ رَبِّ إِنِّی دَعَوۡتُ قَوۡمِی لَیۡلࣰا وَنَهَارࣰا • فَلَمۡ یَزِدۡهُمۡ دُعَاۤءِیۤ إِلَّا فِرَارࣰا • وَإِنِّی كُلَّمَا دَعَوۡتُهُمۡ لِتَغۡفِرَ لَهُمۡ جَعَلُوۤا۟ أَصَـٰبِعَهُمۡ فِیۤ ءَاذَانِهِمۡ وَٱسۡتَغۡشَوۡا۟ ثِیَابَهُمۡ وَأَصَرُّوا۟ وَٱسۡتَكۡبَرُوا۟ ٱسۡتِكۡبَارࣰا • ثُمَّ إِنِّی دَعَوۡتُهُمۡ جِهَارࣰا • ثُمَّ إِنِّیۤ أَعۡلَنتُ لَهُمۡ وَأَسۡرَرۡتُ لَهُمۡ إِسۡرَارࣰا • فَقُلۡتُ ٱسۡتَغۡفِرُوا۟ رَبَّكُمۡ إِنَّهُۥ كَانَ غَفَّارࣰا} الآيات. 

وفي مقام آخر قال الله سبحانه عنه:{وَیَـٰقَوۡمِ لَاۤ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَیۡهِ مَالًاۖ إِنۡ أَجۡرِیَ إِلَّا عَلَى ٱللَّهِۚ وَمَاۤ أَنَا۠ بِطَارِدِ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ۚ إِنَّهُم مُّلَـٰقُوا۟ رَبِّهِمۡ وَلَـٰكِنِّیۤ أَرَىٰكُمۡ قَوۡمࣰا تَجۡهَلُونَ • وَیَـٰقَوۡمِ مَن یَنصُرُنِی مِنَ ٱللَّهِ إِن طَرَدتُّهُمۡۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ • وَلَاۤ أَقُولُ لَكُمۡ عِندِی خَزَاۤىِٕنُ ٱللَّهِ وَلَاۤ أَعۡلَمُ ٱلۡغَیۡبَ وَلَاۤ أَقُولُ إِنِّی مَلَكࣱ وَلَاۤ أَقُولُ لِلَّذِینَ تَزۡدَرِیۤ أَعۡیُنُكُمۡ لَن یُؤۡتِیَهُمُ ٱللَّهُ خَیۡرًاۖ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا فِیۤ أَنفُسِهِمۡ إِنِّیۤ إِذࣰا لَّمِنَ ٱلظَّـٰلِمِینَ • قَالُوا۟ یَـٰنُوحُ قَدۡ جَـٰدَلۡتَنَا فَأَكۡثَرۡتَ جِدَ ٰ⁠لَنَا فَأۡتِنَا بِمَا تَعِدُنَاۤ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِینَ • قَالَ إِنَّمَا یَأۡتِیكُم بِهِ ٱللَّهُ إِن شَاۤءَ وَمَاۤ أَنتُم بِمُعۡجِزِینَ • وَلَا یَنفَعُكُمۡ نُصۡحِیۤ إِنۡ أَرَدتُّ أَنۡ أَنصَحَ لَكُمۡ إِن كَانَ ٱللَّهُ یُرِیدُ أَن یُغۡوِیَكُمۡۚ هُوَ رَبُّكُمۡ وَإِلَیۡهِ تُرۡجَعُونَ ..} 

٢-ومنها:  قوته في الحق، وتوكله على الله فيما أخبر الله عنه في قوله لهم{ وَٱتۡلُ عَلَیۡهِمۡ نَبَأَ نُوحٍ إِذۡ قَالَ لِقَوۡمِهِۦ یَـٰقَوۡمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَیۡكُم مَّقَامِی وَتَذۡكِیرِی بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ فَعَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلۡتُ..} ثم تحداهم جميعاً، ولم يكترث بالباطل وأهله قائلاً:{ فَأَجۡمِعُوۤا۟ أَمۡرَكُمۡ وَشُرَكَاۤءَكُمۡ ثُمَّ لَا یَكُنۡ أَمۡرُكُمۡ عَلَیۡكُمۡ غُمَّةࣰ ثُمَّ ٱقۡضُوۤا۟ إِلَیَّ وَلَا تُنظِرُونِ }..


٣- تسليمه لأمر الله في غرق ابنه  الكافر.. ورضاه بقدر الله جل وعلا. 

فعندما حل بقومه العذاب وأغرقهم الله، وهلك معهم ابنه الكافر، سأل نوحٌ ربه أن ينجي ابنه، قال الله تعالى:{ وَنَادَىٰ نُوحࣱ رَّبَّهُۥ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ٱبۡنِی مِنۡ أَهۡلِی وَإِنَّ وَعۡدَكَ ٱلۡحَقُّ وَأَنتَ أَحۡكَمُ ٱلۡحَـٰكِمِینَ • قَالَ یَـٰنُوحُ إِنَّهُۥ لَیۡسَ مِنۡ أَهۡلِكَۖ إِنَّهُۥ عَمَلٌ غَیۡرُ صَـٰلِحࣲۖ فَلَا تَسۡـَٔلۡنِ مَا لَیۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۖ إِنِّیۤ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلۡجَـٰهِلِینَ • قَالَ رَبِّ إِنِّیۤ أَعُوذُ بِكَ أَنۡ أَسۡـَٔلَكَ مَا لَیۡسَ لِی بِهِۦ عِلۡمࣱۖ وَإِلَّا تَغۡفِرۡ لِی وَتَرۡحَمۡنِیۤ أَكُن مِّنَ ٱلۡخَـٰسِرِینَ}..

فاستغفر ربه وسلّم لأمر الله ورضي بقضائه. 

  

    … 

هود/ عليه السلام

١-صِدقُ يقينه .. 

وقوته في محاجة قومه، 

وإعلانه البراءة من الشرك، ليقيم الحجة عليهم. 

 قال الله تعالى: { وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمۡ هُودࣰاۚ قَالَ یَـٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَـٰهٍ غَیۡرُهُۥۤۖ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا مُفۡتَرُونَ • یَـٰقَوۡمِ لَاۤ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَیۡهِ أَجۡرًاۖ إِنۡ أَجۡرِیَ إِلَّا عَلَى ٱلَّذِی فَطَرَنِیۤۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ • وَیَـٰقَوۡمِ ٱسۡتَغۡفِرُوا۟ رَبَّكُمۡ ثُمَّ تُوبُوۤا۟ إِلَیۡهِ یُرۡسِلِ ٱلسَّمَاۤءَ عَلَیۡكُم مِّدۡرَارࣰا وَیَزِدۡكُمۡ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمۡ وَلَا تَتَوَلَّوۡا۟ مُجۡرِمِینَ}.

مع كل هذا النصح وبيان ما يجب عليهم لله من توحيده والتذكير بما بسط عليهم من النعم.. إلا أنهم قابلوا كل ذلك بالجحود والإعراض كما أخبر الله أنهم :{قَالُوا۟ یَـٰهُودُ مَا جِئۡتَنَا بِبَیِّنَةࣲ وَمَا نَحۡنُ بِتَارِكِیۤ ءَالِهَتِنَا عَن قَوۡلِكَ وَمَا نَحۡنُ لَكَ بِمُؤۡمِنِینَ}

ثم تمادوا في الطغيان، واتهموه كاذبين بالسوء:{ إِن نَّقُولُ إِلَّا ٱعۡتَرَىٰكَ بَعۡضُ ءَالِهَتِنَا بِسُوۤءࣲۗ قَالَ إِنِّیۤ أُشۡهِدُ ٱللَّهَ وَٱشۡهَدُوۤا۟ أَنِّی بَرِیۤءࣱ مِّمَّا تُشۡرِكُونَ • مِن دُونِهِۦۖ فَكِیدُونِی جَمِیعࣰا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ } فأقام عليهم الحجة وتحداهم ..

 

٢- شفقته عليه السلام بقومه وحسن وعظه ونصحه لهم. 

وفي موقف آخر للدعوة ذكرّهم وهو مشفق وناصح لهم، قال الله تعالى: { إِذۡ قَالَ لَهُمۡ أَخُوهُمۡ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ • إِنِّی لَكُمۡ رَسُولٌ أَمِینࣱ • فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِیعُونِ • وَمَاۤ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَیۡهِ مِنۡ أَجۡرٍۖ إِنۡ أَجۡرِیَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ • أَتَبۡنُونَ بِكُلِّ رِیعٍ ءَایَةࣰ تَعۡبَثُونَ • وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمۡ تَخۡلُدُونَ • وَإِذَا بَطَشۡتُم بَطَشۡتُمۡ جَبَّارِینَ • فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِیعُونِ • وَٱتَّقُوا۟ ٱلَّذِیۤ أَمَدَّكُم بِمَا تَعۡلَمُونَ • أَمَدَّكُم بِأَنۡعَـٰمࣲ وَبَنِینَ • وَجَنَّـٰتࣲ وَعُیُونٍ • إِنِّیۤ أَخَافُ عَلَیۡكُمۡ عَذَابَ یَوۡمٍ عَظِیمࣲ • قَالُوا۟ سَوَاۤءٌ عَلَیۡنَاۤ أَوَعَظۡتَ أَمۡ لَمۡ تَكُن مِّنَ ٱلۡوَ ٰ⁠عِظِینَ }.


… 

صالح/ عليه السلام

١-الأمانة، وكرم النفس والاستغناء بالله عن الخلق وعن حطام الدنيا..قال الله تعالى : { كَذَّبَتۡ ثَمُودُ ٱلۡمُرۡسَلِینَ • إِذۡ قَالَ لَهُمۡ أَخُوهُمۡ صَـٰلِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ • إِنِّی لَكُمۡ رَسُولٌ أَمِینࣱ • فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِیعُونِ •  وَمَاۤ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَیۡهِ مِنۡ أَجۡرٍۖ إِنۡ أَجۡرِیَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ}. 

 

٢- النصحية لقومه، وتبليغ الرسالة على أكمل وجه وأتمه.. ولكن قومه استنكفوا عن الإيمان فحلت بهم العقوبة قال الله سبحانه: { فَعَقَرُوا۟ ٱلنَّاقَةَ وَعَتَوۡا۟ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِمۡ وَقَالُوا۟ یَـٰصَـٰلِحُ ٱئۡتِنَا بِمَا تَعِدُنَاۤ إِن كُنتَ مِنَ ٱلۡمُرۡسَلِینَ • فَأَخَذَتۡهُمُ ٱلرَّجۡفَةُ فَأَصۡبَحُوا۟ فِی دَارِهِمۡ جَـٰثِمِینَ • فَتَوَلَّىٰ عَنۡهُمۡ وَقَالَ یَـٰقَوۡمِ لَقَدۡ أَبۡلَغۡتُكُمۡ رِسَالَةَ رَبِّی وَنَصَحۡتُ لَكُمۡ وَلَـٰكِن لَّا تُحِبُّونَ ٱلنَّـٰصِحِینَ }


… 

إبراهيم الخليل/ صلى الله عليه وسلم. 

١-.مجاهدته في دعوة أبيه وملاطفته له، ونصحه وبره به واستغفاره له.

وقوة بيانه في الدعوة إلى توحيد الله. 

 قال الله في ذلك عنه: {وَٱذۡكُرۡ فِی ٱلۡكِتَـٰبِ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَۚ إِنَّهُۥ كَانَ صِدِّیقࣰا نَّبِیًّا • إِذۡ قَالَ لِأَبِیهِ یَـٰۤأَبَتِ لِمَ تَعۡبُدُ مَا لَا یَسۡمَعُ وَلَا یُبۡصِرُ وَلَا یُغۡنِی عَنكَ شَیۡـࣰٔا • یَـٰۤأَبَتِ إِنِّی قَدۡ جَاۤءَنِی مِنَ ٱلۡعِلۡمِ مَا لَمۡ یَأۡتِكَ فَٱتَّبِعۡنِیۤ أَهۡدِكَ صِرَ ٰ⁠طࣰا سَوِیࣰّا • یَـٰۤأَبَتِ لَا تَعۡبُدِ ٱلشَّیۡطَـٰنَۖ إِنَّ ٱلشَّیۡطَـٰنَ كَانَ لِلرَّحۡمَـٰنِ عَصِیࣰّا • یَـٰۤأَبَتِ إِنِّیۤ أَخَافُ أَن یَمَسَّكَ عَذَابࣱ مِّنَ ٱلرَّحۡمَـٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّیۡطَـٰنِ وَلِیࣰّا • قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنۡ ءَالِهَتِی یَـٰۤإِبۡرَ ٰ⁠هِیمُۖ لَىِٕن لَّمۡ تَنتَهِ لَأَرۡجُمَنَّكَۖ وَٱهۡجُرۡنِی مَلِیࣰّا• قَالَ سَلَـٰمٌ عَلَیۡكَۖ سَأَسۡتَغۡفِرُ لَكَ رَبِّیۤۖ إِنَّهُۥ كَانَ بِی حَفِیࣰّا}..

وقال الله تعالى عنه أيضاً في مقام الدعوة والمناظرة لقومه ودعوتهم إلى الإيمان بنصحٍ ظاهرٍ وبيان شاف: { وَٱتۡلُ عَلَیۡهِمۡ نَبَأَ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ • إِذۡ قَالَ لِأَبِیهِ وَقَوۡمِهِۦ مَا تَعۡبُدُونَ • قَالُوا۟ نَعۡبُدُ أَصۡنَامࣰا فَنَظَلُّ لَهَا عَـٰكِفِینَ • قَالَ هَلۡ یَسۡمَعُونَكُمۡ إِذۡ تَدۡعُونَ • أَوۡ یَنفَعُونَكُمۡ أَوۡ یَضُرُّونَ • قَالُوا۟ بَلۡ وَجَدۡنَاۤ ءَابَاۤءَنَا كَذَ ٰ⁠لِكَ یَفۡعَلُونَ • قَالَ أَفَرَءَیۡتُم مَّا كُنتُمۡ تَعۡبُدُونَ • أَنتُمۡ وَءَابَاۤؤُكُمُ ٱلۡأَقۡدَمُونَ • فَإِنَّهُمۡ عَدُوࣱّ لِّیۤ إِلَّا رَبَّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ • ٱلَّذِی خَلَقَنِی فَهُوَ یَهۡدِینِ • وَٱلَّذِی هُوَ یُطۡعِمُنِی وَیَسۡقِینِ •وَإِذَا مَرِضۡتُ فَهُوَ یَشۡفِینِ • وَٱلَّذِی یُمِیتُنِی ثُمَّ یُحۡیِینِ •وَٱلَّذِیۤ أَطۡمَعُ أَن یَغۡفِرَ لِی خَطِیۤـَٔتِی یَوۡمَ ٱلدِّینِ • رَبِّ هَبۡ لِی حُكۡمࣰا وَأَلۡحِقۡنِی بِٱلصَّـٰلِحِینَ }.

٢-وعند مناظرته للملك في الربوبية ومحاجته له، قال الله تعالى عنه:{ أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِی حَاۤجَّ إِبۡرَ ٰ⁠هِـۧمَ فِی رَبِّهِۦۤ أَنۡ ءَاتَىٰهُ ٱللَّهُ ٱلۡمُلۡكَ إِذۡ قَالَ إِبۡرَ ٰ⁠هِـۧمُ رَبِّیَ ٱلَّذِی یُحۡیِۦ وَیُمِیتُ قَالَ أَنَا۠ أُحۡیِۦ وَأُمِیتُۖ قَالَ إِبۡرَ ٰ⁠هِـۧمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ یَأۡتِی بِٱلشَّمۡسِ مِنَ ٱلۡمَشۡرِقِ فَأۡتِ بِهَا مِنَ ٱلۡمَغۡرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِی كَفَرَۗ وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ }.

 ٣- ومقام آخر في مجادلة الخليل صلى الله عليه وسلم قومه في التوحيد، وما أظهر من قوة الحجة ورباطة الجأش الدال على صبره وكمال نصحه لقومه، قال الله تعالى عنه في هذا الشأن:{ وَلَقَدۡ ءَاتَیۡنَاۤ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ رُشۡدَهُۥ مِن قَبۡلُ وَكُنَّا بِهِۦ عَـٰلِمِینَ • إِذۡ قَالَ لِأَبِیهِ وَقَوۡمِهِۦ مَا هَـٰذِهِ ٱلتَّمَاثِیلُ ٱلَّتِیۤ أَنتُمۡ لَهَا عَـٰكِفُونَ • قَالُوا۟ وَجَدۡنَاۤ ءَابَاۤءَنَا لَهَا عَـٰبِدِینَ • قَالَ لَقَدۡ كُنتُمۡ أَنتُمۡ وَءَابَاۤؤُكُمۡ فِی ضَلَـٰلࣲ مُّبِینࣲ • قَالُوۤا۟ أَجِئۡتَنَا بِٱلۡحَقِّ أَمۡ أَنتَ مِنَ ٱللَّـٰعِبِینَ • قَالَ بَل رَّبُّكُمۡ رَبُّ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِ ٱلَّذِی فَطَرَهُنَّ وَأَنَا۠ عَلَىٰ ذَ ٰ⁠لِكُم مِّنَ ٱلشَّـٰهِدِینَ• وَتَٱللَّهِ لَأَكِیدَنَّ أَصۡنَـٰمَكُم بَعۡدَ أَن تُوَلُّوا۟ مُدۡبِرِینَ • فَجَعَلَهُمۡ جُذَ ٰ⁠ذًا إِلَّا كَبِیرࣰا لَّهُمۡ لَعَلَّهُمۡ إِلَیۡهِ یَرۡجِعُونَ • قَالُوا۟ مَن فَعَلَ هَـٰذَا بِـَٔالِهَتِنَاۤ إِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلظَّـٰلِمِینَ • قَالُوا۟ سَمِعۡنَا فَتࣰى یَذۡكُرُهُمۡ یُقَالُ لَهُۥۤ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمُ • قَالُوا۟ فَأۡتُوا۟ بِهِۦ عَلَىٰۤ أَعۡیُنِ ٱلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ یَشۡهَدُونَ • قَالُوۤا۟ ءَأَنتَ فَعَلۡتَ هَـٰذَا بِـَٔالِهَتِنَا یَـٰۤإِبۡرَ ٰ⁠هِیمُ • قَالَ بَلۡ فَعَلَهُۥ كَبِیرُهُمۡ هَـٰذَا فَسۡـَٔلُوهُمۡ إِن كَانُوا۟ یَنطِقُونَ• فَرَجَعُوۤا۟ إِلَىٰۤ أَنفُسِهِمۡ فَقَالُوۤا۟ إِنَّكُمۡ أَنتُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ• ثُمَّ نُكِسُوا۟ عَلَىٰ رُءُوسِهِمۡ لَقَدۡ عَلِمۡتَ مَا هَـٰۤؤُلَاۤءِ یَنطِقُونَ • قَالَ أَفَتَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا یَنفَعُكُمۡ شَیۡـࣰٔا وَلَا یَضُرُّكُمۡ • أُفࣲّ لَّكُمۡ وَلِمَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ }. 

لقد منح الله خليله إبراهيم صلى الله عليه وسلم حجة ظاهرة ولساناً صادقاً، وآتاه قوة في إظهار الحق.

 ٤- كرمه صلى الله عليه وسلم في ضيافته الملائكة. ومن ذلك ماقصه الله علينا من خبره معهم في قوله: { هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِیثُ ضَیۡفِ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ ٱلۡمُكۡرَمِینَ • إِذۡ دَخَلُوا۟ عَلَیۡهِ فَقَالُوا۟ سَلَـٰمࣰاۖ قَالَ سَلَـٰمࣱ قَوۡمࣱ مُّنكَرُونَ •فَرَاغَ إِلَىٰۤ أَهۡلِهِۦ فَجَاۤءَ بِعِجۡلࣲ سَمِینࣲ • فَقَرَّبَهُۥۤ إِلَیۡهِمۡ قَالَ أَلَا تَأۡكُلُونَ }..

٥- وصف الله تعالى خليله بثلاث صفات جليلة، مجموعة في جملة واحدة، وهي أنه حليم، وأواهٌ:  أي المتأوه الخاشع. ومنيب، أي:  رجاع إلى الله، فقال تعالى:{إِنَّ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ لَحَلِیمٌ أَوَّ ٰ⁠هࣱ مُّنِیبࣱ }.

٦- مسارعته في تنفيذ أمر الله بذبح ابنه إسماعيل.

 وإنما كان الأمر رؤيا رأها، فبادر  بالامتثال راضياً مستسلماً في أشد صور الامتحان ألا وهي ذبح وحيده وفلذة كبده، يقول الله سبحانه: { فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعۡیَ قَالَ یَـٰبُنَیَّ إِنِّیۤ أَرَىٰ فِی ٱلۡمَنَامِ أَنِّیۤ أَذۡبَحُكَ فَٱنظُرۡ مَاذَا تَرَىٰۚ قَالَ یَـٰۤأَبَتِ ٱفۡعَلۡ مَا تُؤۡمَرُۖ سَتَجِدُنِیۤ إِن شَاۤءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّـٰبِرِینَ • فَلَمَّاۤ أَسۡلَمَا وَتَلَّهُۥ لِلۡجَبِینِ • وَنَـٰدَیۡنَـٰهُ أَن یَـٰۤإِبۡرَ ٰ⁠هِیمُ • قَدۡ صَدَّقۡتَ ٱلرُّءۡیَاۤۚ إِنَّا كَذَ ٰ⁠لِكَ نَجۡزِی ٱلۡمُحۡسِنِینَ • إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلۡبَلَـٰۤؤُا۟ ٱلۡمُبِینُ }.

أيُّ بلاءٍ هذا؟

إنه الأمر بذبح ابنه بيده! 

إي- وربي- إنّ هذا لهو البلاء المبين! 


٧- إعلانه الحمد لربه جل وعلا ، ودعائه لذريته. 

ومحبة الخير للمؤمنين، واستغفاره لهم. قال الله تعالى عنه في دعائه صلى الله عليه وسلم: { ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِی وَهَبَ لِی عَلَى ٱلۡكِبَرِ إِسۡمَـٰعِیلَ وَإِسۡحَـٰقَۚ إِنَّ رَبِّی لَسَمِیعُ ٱلدُّعَاۤءِ • رَبِّ ٱجۡعَلۡنِی مُقِیمَ ٱلصَّلَوٰةِ وَمِن ذُرِّیَّتِیۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلۡ دُعَاۤءِ • رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لِی وَلِوَ ٰ⁠لِدَیَّ وَلِلۡمُؤۡمِنِینَ یَوۡمَ یَقُومُ ٱلۡحِسَابُ }. 

اللهم صل وسلم عليه.. 


… 

شعيب/ عليه السلام

١-اتصف بالقوة في الدعوة إلى الحق، والصدع به، والثبات عليه.. 

قال  الله تعالى في ذلك:{ قَالَ ٱلۡمَلَأُ ٱلَّذِینَ ٱسۡتَكۡبَرُوا۟ مِن قَوۡمِهِۦ لَنُخۡرِجَنَّكَ یَـٰشُعَیۡبُ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مَعَكَ مِن قَرۡیَتِنَاۤ أَوۡ لَتَعُودُنَّ فِی مِلَّتِنَاۚ قَالَ أَوَلَوۡ كُنَّا كَـٰرِهِینَ • قَدِ ٱفۡتَرَیۡنَا عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا إِنۡ عُدۡنَا فِی مِلَّتِكُم بَعۡدَ إِذۡ نَجَّىٰنَا ٱللَّهُ مِنۡهَاۚ وَمَا یَكُونُ لَنَاۤ أَن نَّعُودَ فِیهَاۤ إِلَّاۤ أَن یَشَاۤءَ ٱللَّهُ رَبُّنَاۚ وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَیۡءٍ عِلۡمًاۚ عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلۡنَاۚ رَبَّنَا ٱفۡتَحۡ بَیۡنَنَا وَبَیۡنَ قَوۡمِنَا بِٱلۡحَقِّ وَأَنتَ خَیۡرُ ٱلۡفَـٰتِحِینَ }.


٢- اجتهاده في دعوة قومه إلى عبادة الله، يدل ذلك على حبه الخير لهم، وخوفه عليهم، وكمال نصحه، واتصافه بالحلم والرشد .

اقرأ هذه الآيات وتأملها فستجد ما ذكرت لك ظاهرًا بيناً، يقول الله عز وجل: { وَإِلَىٰ مَدۡیَنَ أَخَاهُمۡ شُعَیۡبࣰاۚ قَالَ یَـٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَـٰهٍ غَیۡرُهُۥۖ وَلَا تَنقُصُوا۟ ٱلۡمِكۡیَالَ وَٱلۡمِیزَانَۖ إِنِّیۤ أَرَىٰكُم بِخَیۡرࣲ وَإِنِّیۤ أَخَافُ عَلَیۡكُمۡ عَذَابَ یَوۡمࣲ مُّحِیطࣲ • وَیَـٰقَوۡمِ أَوۡفُوا۟ ٱلۡمِكۡیَالَ وَٱلۡمِیزَانَ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَلَا تَبۡخَسُوا۟ ٱلنَّاسَ أَشۡیَاۤءَهُمۡ وَلَا تَعۡثَوۡا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِینَ • بَقِیَّتُ ٱللَّهِ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَۚ وَمَاۤ أَنَا۠ عَلَیۡكُم بِحَفِیظࣲ • قَالُوا۟ یَـٰشُعَیۡبُ أَصَلَوٰتُكَ تَأۡمُرُكَ أَن نَّتۡرُكَ مَا یَعۡبُدُ ءَابَاۤؤُنَاۤ أَوۡ أَن نَّفۡعَلَ فِیۤ أَمۡوَ ٰ⁠لِنَا مَا نَشَـٰۤؤُا۟ۖ إِنَّكَ لَأَنتَ ٱلۡحَلِیمُ ٱلرَّشِیدُ }.

 

٣- عنايته عليه السلام بإبلاغ الرسالة، وكمال النصح لقومه قال الله عنه في ذلك:{..وَقَالَ یَـٰقَوۡمِ لَقَدۡ أَبۡلَغۡتُكُمۡ رِسَـٰلَـٰتِ رَبِّی وَنَصَحۡتُ لَكُمۡۖ فَكَیۡفَ ءَاسَىٰ عَلَىٰ قَوۡمࣲ كَـٰفِرِینَ  }.


…  

 إسماعيل/ عليه السلام. 

 ١-تسليمه لأمر الله ، وبره بأبيه وطاعته له فيما أُمر به من الذبح.كما قال تعالى;{ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعۡیَ قَالَ یَـٰبُنَیَّ إِنِّیۤ أَرَىٰ فِی ٱلۡمَنَامِ أَنِّیۤ أَذۡبَحُكَ فَٱنظُرۡ مَاذَا تَرَىٰۚ قَالَ یَـٰۤأَبَتِ ٱفۡعَلۡ مَا تُؤۡمَرُۖ سَتَجِدُنِیۤ إِن شَاۤءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّـٰبِرِینَ }.

فأعان أباه على  القيام بأمره الله، فعندما استشاره في ذلك، {قَالَ یَـٰۤأَبَتِ ٱفۡعَلۡ مَا تُؤۡمَرُۖ سَتَجِدُنِیۤ إِن شَاۤءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّـٰبِرِینَ}.

٢-ومنها الصبر، فقد صبر إسماعيل عليه السلام، ووطّن نفسه على أمر عظيم لم يقع لأحد قبله ولا بعده.. ثم نجّاه الله من ذلك.

٣- الوفاء وصدق الوعد، وعنايته بالصلاة وأمر أهله بها، كما أخبر الله تعالى عنه بقوله: {وَٱذۡكُرۡ فِی ٱلۡكِتَـٰبِ إِسۡمَـٰعِیلَۚ إِنَّهُۥ كَانَ صَادِقَ ٱلۡوَعۡدِ وَكَانَ رَسُولࣰا نَّبِیࣰّا • وَكَانَ یَأۡمُرُ أَهۡلَهُۥ بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱلزَّكَوٰةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِۦ مَرۡضِیࣰّا}.

فلما صدق إسماعيل الوعد، ووفّى ما أمره الله به، نال مقاماً عالياً  قال الله عز وجل: {وَكَانَ عِندَ رَبِّهِۦ مَرۡضِیࣰّا}.

٤- ومن صفاته عليه السلام الحلم، قال الله تعالى:{ فَبَشَّرۡنَـٰهُ بِغُلَـٰمٍ حَلِیمࣲ }.

     

       … 

يعقوب/عليه السلام. 

١-صبره عند مصيبته بفقد يوسف.. وتسليمه لأمر الله.. 

وقعت له المصيبة بفقد ابنه يوسف، حين حسده أخوته، وألقوه في غيابة الجب، وزعموا أن الذئب أكله.. كما أخبر الله عنهم.. 

فكيف قابل يعقوب عليه السلام هذا الموقف العصيب.. ؟

{ قَالُوا۟ یَـٰۤأَبَانَاۤ إِنَّا ذَهَبۡنَا نَسۡتَبِقُ وَتَرَكۡنَا یُوسُفَ عِندَ مَتَـٰعِنَا فَأَكَلَهُ ٱلذِّئۡبُۖ وَمَاۤ أَنتَ بِمُؤۡمِنࣲ لَّنَا وَلَوۡ كُنَّا صَـٰدِقِینَ • وَجَاۤءُو عَلَىٰ قَمِیصِهِۦ بِدَمࣲ كَذِبࣲۚ قَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرࣰاۖ فَصَبۡرࣱ جَمِیلࣱۖ وَٱللَّهُ ٱلۡمُسۡتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ  }

إنه الصبر الجميل.! 

والصبر الجميل هو الصبر بلا شكوى..،وتفويض الأمر لله. 

والموقف الآخر عندما افتقد ابنه الثاني فهاج شوقه ليوسف وثار الحزن الدفين، ولكن لم يخرجه عظٍم البلاء عن دائرة الصبر والرضا  كما أخبر الله عنه بقوله: { وَتَوَلَّىٰ عَنۡهُمۡ وَقَالَ یَـٰۤأَسَفَىٰ عَلَىٰ یُوسُفَ وَٱبۡیَضَّتۡ عَیۡنَاهُ مِنَ ٱلۡحُزۡنِ فَهُوَ كَظِیمࣱ • قَالُوا۟ تَٱللَّهِ تَفۡتَؤُا۟ تَذۡكُرُ یُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوۡ تَكُونَ مِنَ ٱلۡهَـٰلِكِینَ • قَالَ إِنَّمَاۤ أَشۡكُوا۟ بَثِّی وَحُزۡنِیۤ إِلَى ٱللَّهِ وَأَعۡلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ }. 

إنه الصبر الذي تعجز عنه أفئدة كثير من الرجال، ولكن يعقوب عليه السلام لم يبرح دائرة الاحتساب، وظل لسنين عديدة يرفع شكواه  بصبر ويقين إلى من بيده تدبير الأمور جل وعلا..


 … 

يوسف/ عليه السلام. 

١-من كريم أخلاق يوسف عليه السلام العفاف والأمانة.. 

فعندما سوّل الشيطان لامرأة العزيز مراودته أظهر أمانته على عِرض العزيز،كما في قول الله تعالى: { قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ رَبِّیۤ أَحۡسَنَ مَثۡوَایَۖ إِنَّهُۥ لَا یُفۡلِحُ ٱلظَّـٰلِمُونَ }.

فحفظ الله يوسف من الوقوع في الفاحشة لما له من المكانة عند ربه تعالى حيث قال سبحانه:{كَذَ ٰ⁠لِكَ لِنَصۡرِفَ عَنۡهُ ٱلسُّوۤءَ وَٱلۡفَحۡشَاۤءَۚ إِنَّهُۥ مِنۡ عِبَادِنَا ٱلۡمُخۡلَصِینَ }.

٢- الشهادة له من النسوة اللاتي دعتهن إمراة العزيز، وأمرته بالخروج إليهن، فشهدن له بالمقام الرفيع من الكرامة، واعترفت هي أمامهن بعصمة يوسف من الخطيئة وبراءته ، ولم يمنعها ذلك من الإصرار على مرادها منه وتهديده بالسجن{قَالَتۡ فَذَ ٰ⁠لِكُنَّ ٱلَّذِی لُمۡتُنَّنِی فِیهِۖ وَلَقَدۡ رَ ٰ⁠وَدتُّهُۥ عَن نَّفۡسِهِۦ فَٱسۡتَعۡصَمَۖ وَلَىِٕن لَّمۡ یَفۡعَلۡ مَاۤ ءَامُرُهُۥ لَیُسۡجَنَنَّ وَلَیَكُونࣰا مِّنَ ٱلصَّـٰغِرِینَ }

٣- ولما اشتد به البلاء وقرروا سجنه اختار السجن على المعصية، فلجأ إلى الله و{ قَالَ رَبِّ ٱلسِّجۡنُ أَحَبُّ إِلَیَّ مِمَّا یَدۡعُونَنِیۤ إِلَیۡهِۖ وَإِلَّا تَصۡرِفۡ عَنِّی كَیۡدَهُنَّ أَصۡبُ إِلَیۡهِنَّ وَأَكُن مِّنَ ٱلۡجَـٰهِلِینَ}.

٤- اهتمام يوسف عليه السلام بالدعوة إلى توحيد الله وهو في أشد أحواله، فلم يشغله ماهو فيه من ضيق السجن وغمه عن ما أوجب الله عليه من الدعوة إلى الإيمان، فدعا صاحبيه في السجن ،كما قال الله تعالى عنه: {یَـٰصَـٰحِبَیِ ٱلسِّجۡنِ ءَأَرۡبَابࣱ مُّتَفَرِّقُونَ خَیۡرٌ أَمِ ٱللَّهُ ٱلۡوَ ٰ⁠حِدُ ٱلۡقَهَّارُ • مَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِهِۦۤ إِلَّاۤ أَسۡمَاۤءࣰ سَمَّیۡتُمُوهَاۤ أَنتُمۡ وَءَابَاۤؤُكُم مَّاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلۡطَـٰنٍۚ إِنِ ٱلۡحُكۡمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعۡبُدُوۤا۟ إِلَّاۤ إِیَّاهُۚ ذَ ٰ⁠لِكَ ٱلدِّینُ ٱلۡقَیِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَعۡلَمُونَ }.


٥- ومن حسن خلق يوسف عليه السلام أنه عندما أمر الملك  بخروجه من السجن، طلب براءته، بسؤال النسوة اللاتي اطلعن على قضيته مع امرأة العزيز التي كانت السبب في سجنه، ولم يشهّر بها، وإنما عرّض بها مع جملة النسوة كما قال الله تعالى:{ وَقَالَ ٱلۡمَلِكُ ٱئۡتُونِی بِهِۦۖ فَلَمَّا جَاۤءَهُ ٱلرَّسُولُ قَالَ ٱرۡجِعۡ إِلَىٰ رَبِّكَ فَسۡـَٔلۡهُ مَا بَالُ ٱلنِّسۡوَةِ ٱلَّـٰتِی قَطَّعۡنَ أَیۡدِیَهُنَّۚ إِنَّ رَبِّی بِكَیۡدِهِنَّ عَلِیمࣱ} فشهدن أمام الملك ببراءته، يقول  الله تعالى في ذلك:{ قَالَ مَا خَطۡبُكُنَّ إِذۡ رَ ٰ⁠وَدتُّنَّ یُوسُفَ عَن نَّفۡسِهِۦۚ قُلۡنَ حَـٰشَ لِلَّهِ مَا عَلِمۡنَا عَلَیۡهِ مِن سُوۤءࣲۚ قَالَتِ ٱمۡرَأَتُ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡـَٔـٰنَ حَصۡحَصَ ٱلۡحَقُّ أَنَا۠ رَ ٰ⁠وَدتُّهُۥ عَن نَّفۡسِهِۦ وَإِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِینَ • ذَ ٰ⁠لِكَ لِیَعۡلَمَ أَنِّی لَمۡ أَخُنۡهُ بِٱلۡغَیۡبِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی كَیۡدَ ٱلۡخَاۤىِٕنِینَ}.


٦- ومن طيب معشره ونبل أخلاقه أنه عند اجتماعه بإخوته لم يشأ أن يذكّرهم بسوء فعلهم معه، ولم يعاتبهم وإنما صفح عنهم كما أخبر الله عنه في قوله: {قَالَ لَا تَثۡرِیبَ عَلَیۡكُمُ ٱلۡیَوۡمَۖ یَغۡفِرُ ٱللَّهُ لَكُمۡۖ وَهُوَ أَرۡحَمُ ٱلرَّ ٰ⁠حِمِینَ }.

فأذهب عنهم وحشة الجريمة..

 بل زادهم تكرمًا فجعل لنفسه نصيبًا من الخطأ فكأنه شريك لهم فيما حصل،{وَقَالَ یَـٰۤأَبَتِ هَـٰذَا تَأۡوِیلُ رُءۡیَـٰیَ مِن قَبۡلُ قَدۡ جَعَلَهَا رَبِّی حَقࣰّاۖ وَقَدۡ أَحۡسَنَ بِیۤ إِذۡ أَخۡرَجَنِی مِنَ ٱلسِّجۡنِ وَجَاۤءَ بِكُم مِّنَ ٱلۡبَدۡوِ..} فجعل لهم العذر أمام أبيهم فقال:{مِنۢ بَعۡدِ أَن نَّزَغَ ٱلشَّیۡطَـٰنُ بَیۡنِی وَبَیۡنَ إِخۡوَتِیۤۚ} وذلك لكيلا يعكّر صفو لقاء أبويه وفرحهما به.. بعد  الغياب الطويل، والفراق الذي لقي فيه أبوه من الحزن ما أشرف فيه على الهلاك..


… 

موسى/ عليه السلام. 

تفضل الله تعالى على نبيه وكليمه موسى عليه السلام بأخلاق عالية وصفات حميدة.. 

منها: 

١- النجدة والمبادرة بفعل المعروف 

ومن ذلك:نصرته للمظلوم من قومه على عدوه. والقوة، قال الله تعالى عنه: {وَدَخَلَ ٱلۡمَدِینَةَ عَلَىٰ حِینِ غَفۡلَةࣲ مِّنۡ أَهۡلِهَا فَوَجَدَ فِیهَا رَجُلَیۡنِ یَقۡتَتِلَانِ هَـٰذَا مِن شِیعَتِهِۦ وَهَـٰذَا مِنۡ عَدُوِّهِۦۖ فَٱسۡتَغَـٰثَهُ ٱلَّذِی مِن شِیعَتِهِۦ عَلَى ٱلَّذِی مِنۡ عَدُوِّهِۦ فَوَكَزَهُۥ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَیۡهِۖ..}.

٢- استغفاره ربه عند قتل القبطي، وندمه على مابدر منه { قَالَ هَـٰذَا مِنۡ عَمَلِ ٱلشَّیۡطَـٰنِۖ إِنَّهُۥ عَدُوࣱّ مُّضِلࣱّ مُّبِینࣱ • قَالَ رَبِّ إِنِّی ظَلَمۡتُ نَفۡسِی فَٱغۡفِرۡ لِی فَغَفَرَ لَهُۥۤۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِیمُ •قَالَ رَبِّ بِمَاۤ أَنۡعَمۡتَ عَلَیَّ فَلَنۡ أَكُونَ ظَهِیرࣰا لِّلۡمُجۡرِمِینَ }.

٣-مساعدة الضعيف، وتكرمه على المرأتين بالسقي لهما، قال الله تعالى عنه عليه السلام: { وَلَمَّا وَرَدَ مَاۤءَ مَدۡیَنَ وَجَدَ عَلَیۡهِ أُمَّةࣰ مِّنَ ٱلنَّاسِ یَسۡقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمۡرَأَتَیۡنِ تَذُودَانِۖ قَالَ مَا خَطۡبُكُمَاۖ قَالَتَا لَا نَسۡقِی حَتَّىٰ یُصۡدِرَ ٱلرِّعَاۤءُۖ وَأَبُونَا شَیۡخࣱ كَبِیرࣱ • فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰۤ إِلَى ٱلظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّی لِمَاۤ أَنزَلۡتَ إِلَیَّ مِنۡ خَیۡرࣲ فَقِیرࣱ  }.

٤-إحسانه لأخيه هارون عليهما السلام، وطلبه من الله النبوة له. {وَٱجۡعَل لِّی وَزِیرࣰا مِّنۡ أَهۡلِی •هَـٰرُونَ أَخِی • ٱشۡدُدۡ بِهِۦۤ أَزۡرِی •وَأَشۡرِكۡهُ فِیۤ أَمۡرِی • كَیۡ نُسَبِّحَكَ كَثِیرࣰا •وَنَذۡكُرَكَ كَثِیرًا • إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِیرࣰا • قَالَ قَدۡ أُوتِیتَ سُؤۡلَكَ یَـٰمُوسَىٰ }.

٥- ثباته على الحق أمام طغيان فرعون وجبروته: فيما أخبر الله عنه في قوله سبحانه:{ وَلَقَدۡ ءَاتَیۡنَا مُوسَىٰ تِسۡعَ ءَایَـٰتِۭ بَیِّنَـٰتࣲۖ فَسۡـَٔلۡ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰ⁠ۤءِیلَ إِذۡ جَاۤءَهُمۡ فَقَالَ لَهُۥ فِرۡعَوۡنُ إِنِّی لَأَظُنُّكَ یَـٰمُوسَىٰ مَسۡحُورࣰا • قَالَ لَقَدۡ عَلِمۡتَ مَاۤ أَنزَلَ هَـٰۤؤُلَاۤءِ إِلَّا رَبُّ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِ بَصَاۤىِٕرَ وَإِنِّی لَأَظُنُّكَ یَـٰفِرۡعَوۡنُ مَثۡبُورࣰا }.

٦- الغيرة على التوحيد عند طلب بني إسرائيل أن يجعل لهم إلهاً غير الله، قال  تعالى:{ وَجَـٰوَزۡنَا بِبَنِیۤ إِسۡرَ ٰ⁠ۤءِیلَ ٱلۡبَحۡرَ فَأَتَوۡا۟ عَلَىٰ قَوۡمࣲ یَعۡكُفُونَ عَلَىٰۤ أَصۡنَامࣲ لَّهُمۡۚ قَالُوا۟ یَـٰمُوسَى ٱجۡعَل لَّنَاۤ إِلَـٰهࣰا كَمَا لَهُمۡ ءَالِهَةࣱۚ قَالَ إِنَّكُمۡ قَوۡمࣱ تَجۡهَلُونَ • إِنَّ هَـٰۤؤُلَاۤءِ مُتَبَّرࣱ مَّا هُمۡ فِیهِ وَبَـٰطِلࣱ مَّا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ • قَالَ أَغَیۡرَ ٱللَّهِ أَبۡغِیكُمۡ إِلَـٰهࣰا وَهُوَ فَضَّلَكُمۡ عَلَى ٱلۡعَـٰلَمِینَ}.

٧- غضبه عليه السلام عند عبادة قومه العجل، قال الله عز وجل:      {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰۤ إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ غَضۡبَـٰنَ أَسِفࣰا قَالَ بِئۡسَمَا خَلَفۡتُمُونِی مِنۢ بَعۡدِیۤۖ أَعَجِلۡتُمۡ أَمۡرَ رَبِّكُمۡۖ وَأَلۡقَى ٱلۡأَلۡوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأۡسِ أَخِیهِ یَجُرُّهُۥۤ إِلَیۡهِۚ قَالَ ٱبۡنَ أُمَّ إِنَّ ٱلۡقَوۡمَ ٱسۡتَضۡعَفُونِی وَكَادُوا۟ یَقۡتُلُونَنِی فَلَا تُشۡمِتۡ بِیَ ٱلۡأَعۡدَاۤءَ وَلَا تَجۡعَلۡنِی مَعَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِینَ}.

٨- حياؤه عليه السلام. قال الله عنه: {یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَكُونُوا۟ كَٱلَّذِینَ ءَاذَوۡا۟ مُوسَىٰ فَبَرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُوا۟ۚ وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِیهࣰا }.

الوجيه: رفيع القدر  والمنزلة. 

قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "إِنَّ مُوسَى كَانَ رَجُلًا حَيِيًا ستِّيرًا، لَا يَكَادُ يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيء اسْتِحْيَاءً مِنْهُ".

(المسند والحديث في الصحيحين)  بأوسع مما هاهنا.


٩- القوة والأمانة، كما في قول الله تعالى عن ابنة صاحب مدين  {قَالَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا یَـٰۤأَبَتِ ٱسۡتَـٔۡجِرۡهُۖ إِنَّ خَیۡرَ مَنِ ٱسۡتَـٔۡجَرۡتَ ٱلۡقَوِیُّ ٱلۡأَمِینُ }


… 

نبينا محمد/ صلى الله عليه وسلم. 

مسك الختام، وقدوة الأنام.، وإمام الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. 

كثير من المسلمين لديه علم بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال ما جاء في سيرته صلى الله عليه وسلم وورد الكثير منها في الأحاديث الصحيحة.. 

ولكن الغرض هنا ذكر ما جاء في القرآن الكريم من أخلاقه الشريفة وصفاته المنيفة عليه الصلاة والسلام. 

١- كل وصف جميل وخلق جليل كان لنبينا صلى الله عليه وسلم منه الحظ الأوفر والنصيب الأوفى.. 

وقد شهد الله له بذلك ووصفه به فقال عز وجل: { وإنك لعلى خلق عظيم}.. 

فمن أخلاقه صلى الله عليه وسلم  الصدق، والأمانة، وقد وصفه بذلك قومه وشهدوا  به، فسموه الصادق الأمين .

ومن أخلاقه صلى الله عليه وسلم والشجاعة، والوفاء بالعهد، والحياء، 


ومما ذكر في القرآن من أخلاقه صلى الله عليه وسلم: 

٢- شدة شفقته بأمته:  

فقد وصفه الله جل وعلا بذلك في ثلاثة مواضع من كتابه، في قوله سبحانه: {أَفَمَن زُیِّنَ لَهُۥ سُوۤءُ عَمَلِهِۦ فَرَءَاهُ حَسَنࣰاۖ فَإِنَّ ٱللَّهَ یُضِلُّ مَن یَشَاۤءُ وَیَهۡدِی مَن یَشَاۤءُۖ فَلَا تَذۡهَبۡ نَفۡسُكَ عَلَیۡهِمۡ حَسَرَ ٰ⁠تٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِیمُۢ بِمَا یَصۡنَعُونَ} 

 وقوله تعالى:{ فَلَعَلَّكَ بَـٰخِعࣱ نَّفۡسَكَ عَلَىٰۤ ءَاثَـٰرِهِمۡ إِن لَّمۡ یُؤۡمِنُوا۟ بِهَـٰذَا ٱلۡحَدِیثِ أَسَفًا .}

وقوله:{لَعَلَّكَ بَـٰخِعࣱ نَّفۡسَكَ أَلَّا یَكُونُوا۟ مُؤۡمِنِینَ }. 

قال ابن كثير: " أي:  مهلك نفسك مما تحرص عليهم وتحزن عليهم ألا يؤمنوا".

فلا عجب أن تبلغ به صلى الله عليه وسلم الشفقة بأمته إلى هذا حال..فإنّ من صفاته صلى الله عليه وسلم أيضاً..


٣-الرأفة والرحمة، كما وصفه الله بذلك في قوله تعالى: { لَقَدۡ جَاۤءَكُمۡ رَسُولࣱ مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ عَزِیزٌ عَلَیۡهِ مَا عَنِتُّمۡ حَرِیصٌ عَلَیۡكُم بِٱلۡمُؤۡمِنِینَ رَءُوفࣱ رَّحِیمࣱ }.


٤-الصبر.. 

لا شك أن الله تعالى قد منح نبيه من الصبر أعلى درجاته.. 

وقد وصاه الله به وذكّره به في ثمانية عشر موضعاً من القرآن.. 

فتمثّل ذلك عليه الصلاة والسلام وقام به خير قيام .

ومن ذلك قوله تعالى{ وَٱصۡبِرۡ وَمَا صَبۡرُكَ إِلَّا بِٱللَّهِۚ وَلَا تَحۡزَنۡ عَلَیۡهِمۡ وَلَا تَكُ فِی ضَیۡقࣲ مِّمَّا یَمۡكُرُونَ }، وقوله تعالى:{فَٱصۡبِرۡ صَبۡرࣰا جَمِیلًا}.


٥- طاعة الأمر والثبات دون أدنى مخالفة، وكمال أدبه صلى الله عليه وسلم كما وصفه الله بذلك عند رؤيته صلى الله عليه وسلم للملكوت الأعلى ليلة الإسراء فقال تعالى عنه: { مَا زَاغَ ٱلۡبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ }.


٦- الكرم والأمانة : 

وهما من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم التي اشتهر بهما. 

وهما مستفادان هنا من قول الله تعالى عنه: { وماهو على الغيب بضنين}. 

أي:  ليس ببخيل ولا متهم.. 

فلما نفى الله عنه هاتين الصفتين، ثبت له عليه الصلاة والسلام ضدهما، وهما الكرم والأمانة.. 


    وبعد: 

فثّم  صفات تحلى بها جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وكانت من أبرز أخلاقهم: 

وهي: 

 الصدق في أداء الرسالة. 

وكمال النصح للعباد. 

إضافة إلى الصفات الأخرى التي تخلقوا بها مما ذُكِر هنا، وما لم يذكر.. 


فهذا ما تيسر لي جمعه. 

 وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لي ما حصل من خطأ أو زلل وتقصير.. 

وأن يتقبله مني وأن ينفع به إنّه جواد كريم.

—-

١٤٤٦/١٠/١٠




الأربعاء، 2 أبريل 2025

الفائزون

            الفائزون..!

من فضل الله وعظيم كرمه على عباده المؤمنين أن عرّفهم الأسباب التي يتحقق لهم بها الفوز  برضوانه ودار كرامته، وبيّنها لهم ودعاهم إليها، وجاءت في مواضع من كتابه،    

 - منها قوله تعالى: {وَمَن یُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَیَخۡشَ ٱللَّهَ وَیَتَّقۡهِ فَأُو۟لَـٰۤئكَ هُمُ ٱلۡفَاۤئزُونَ}.

فالفائزون هم:  

من تحققت منهم طاعة الله تعالى ، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وخشية الله عز وجل وتقواه.. 


- ومنها قوله تعالى: { أَلَاۤ إِنَّ أَوۡلِیَاۤءَ ٱللَّهِ لَا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ • ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَكَانُوا۟ یَتَّقُونَ • لَهُمُ ٱلۡبُشۡرَىٰ فِی ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا وَفِی ٱلۡـَٔاخِرَةِۚ لَا تَبۡدِیلَ لِكَلِمَـٰتِ ٱللَّهِۚ ذَ ٰ⁠لِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِیمُ}

والسبب الجالب للفوز العظيم يسير على من يسره الله له وهداه إليه، إنه الإيمان والتقوى. 


- ومنها قوله سبحانه: { إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَهُمۡ جَنَّـٰتࣱ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُۚ ذَ ٰ⁠لِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡكَبِیرُ }.

فأعاد ذكر الإيمان هنا كما بيّنه أولاً بأنه تقواه وخشيته ، وأضاف إليه عمل الصالحات..

فمن جمع بين الإيمان والعمل الصالح تحقق له الفوز الكبير!

ففي هذه الآيات ذِكرى وبُشرى. للمتقين.. يقول الله سبحانه : 

{ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَقُولُوا۟ قَوۡلࣰا سَدِیدࣰا • 

یُصۡلِحۡ لَكُمۡ أَعۡمَـٰلَكُمۡ 

وَیَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۗ

 وَمَن یُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ فَازَ فَوۡزًا عَظِیمًا }.

اللهم إنا نسألك أن تجعلنا جميعاً منهم، ياذا الجلال والإكرام. 

—--

١٤٤٦/١٠/٥


الاثنين، 31 مارس 2025

إعذار وإنذار

            إعذار وإنذار

  - قال الله تعالى:{ أَوَلَمۡ یَهۡدِ لِلَّذِینَ یَرِثُونَ ٱلۡأَرۡضَ مِنۢ بَعۡدِ أَهۡلِهَاۤ أَن لَّوۡ نَشَاۤءُ أَصَبۡنَـٰهُم بِذُنُوبِهِمۡۚ وَنَطۡبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَهُمۡ لَا یَسۡمَعُونَ} [سورة الأَعۡرَافِ: ١٠٠]

- وقال عز وجل: { أَفَلَمۡ یَهۡدِ لَهُمۡ كَمۡ أَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُم مِّنَ ٱلۡقُرُونِ یَمۡشُونَ فِی مَسَـٰكِنِهِمۡۚ إِنَّ فِی ذَ ٰ⁠لِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّأُو۟لِی ٱلنُّهَىٰ }. [سورة طه: ١٢٨]

-وقال سبحانه: { أَوَلَمۡ یَهۡدِ لَهُمۡ كَمۡ أَهۡلَكۡنَا مِن قَبۡلِهِم مِّنَ ٱلۡقُرُونِ یَمۡشُونَ فِی مَسَـٰكِنِهِمۡۚ إِنَّ فِی ذَ ٰ⁠لِكَ لَـَٔایَـٰتٍۚ أَفَلَا یَسۡمَعُونَ }[سُورَةُ السَّجۡدَةِ: ٢٦]


    

  معنى قول الله تعالى: 

{ أَوَلَمۡ یَهۡدِ} أي:  ألم يتبيّن لهم. 

١- قال الطبري رحمه الله: 

" قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: "الهُدى"، البيان الذي بُعث هاديًا لهم، مبيِّنًا لهم حتى يعرفوا. لولا البيان لم يعرفُوا.".

( جامع البيان: ١٠،٩/٩ -.ط ، الحلبي ) 


٢- وقال ابن كثير رحمه الله:

 " قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ: ﴿أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا﴾ أَوَ لَمْ نُبَيًن، وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ". 

(تفسير القرآن العظيم: ٤٤٧/٣ - ط،الشعب) 


٣- قال ابن عطية رحمه الله: 

"{أَوَلَمْ يَهْدِ}"أي: يُبَيِّنُ ويُوَضِّحُ،  قالَ ابْنُ عَبّاسٍ، ومُجاهِدٌ، وابْنُ زَيْدٍ: و"يَهْدِي" مَعْناهُ: يَتَبَيَّنُ.

 وهَذِه آيَةُ وعِيدٍ،

 أيْ: ألَمْ يَظْهَرْ لِوارِثِي الأرْضِ بَعْدَ أُولَئِكَ الَّذِينَ تَقَدَّمَ ذِكْرُهم وما حَلَّ بِهِمْ أنّا نَقْدِرُ لَوْ شِئْنا أنْ نُصِيبَهم إصابَةَ إهْلاكٍ بِسَبَبِ مَعاصِيهِمْ كَما فُعِلَ بِمَن تَقَدَّمَ".

( المحرر الوجيز:٣٣٨/٣ -ط. قطر )


فمن رحمة الله تعالى بعباده أن بيّن لهم حقه عليهم، ودعاهم إليه، ويسر لهم سبيله، ووعدهم رضاه وجنته. 

وحذرهم مع ذلك الإعراض عنه، وتوعدهم بعقوبته وعذابه.. 

وبيّن لهم الآيات وقص عليهم الأمثال ليعتبروا بما حل بالسابقين.

فهذا إعذار وإنذار تكرر في ثلاثة مواضع من القرآن..

 فهل بقيت للعصاة والمكذبين من حجة أو علة يتعللون بها .!؟


فائدة عن أداة الجزم: ( لم) .  

لم، أداة تجزم الفعل المضارع، فإذا سبقتها همزة الاستفهام، وقد تصاحبها الواو كما هنا، قلبته إلى ماضٍ، وصار المراد، التقرير والتوبيخ، والإنكار. 

 وقد يرد هذا كثيراً فمنه قوله تعالى: {أولم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقاً..}، وقوله تعالى: {أو لم نعمركم مايتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير.. } .

----

٢/ شوال/١٤٤٦

المناسبة بين سورتي نوح والجن

    من يقرأ سورة نوح عليه السلام ويرى موقف قومه في كفرهم وعنادهم وإصرارهم على ما هم فيه من الضلال، قال نوح عليه السلام{وَإِنِّی كُلَّمَا دَع...