تعليق على مقالة الددو.
وتنبيه لما وقع فيه من محاذير.
________________
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .
وبعد:
فقد قال محمد الحسن الددو في لقاء معه :
" أن أول نكبة نكب بها المسلمون هي وفاة النبي عليه الصلاة والسلام دون أن يكتب لنا دستورًا، ودون أن يبين لنا طريقة اختيار الحاكم ومحاسبته، ودون أن يعيّن لنا خليفة من بعده فكان أن ارتد جمهور المسلمين عن الإسلام بسبب ذلك".
أقول وبالله التوفيق في هذا الكلام محاذير شنيعة، وافتراءات قبيحة تطاول بها الكاتب:
فأولها:
•هذا الكلام اتهام واضح للنبي صلى الله عليه وسلم بأنه قد قصّر في تبليغ الرسالة ، ولم ينصح للأمة.
وثانيها:
•وهذا القول - والعياذ بالله- تطاول على مقام النبوة، وفيه أيضاً سوء أدب مع النبي صلى الله عليه وسلم، ونسبة ما لا يصح إليه صلى الله عليه وسلم.
وثالثها:
•أن في هذا القول استدراك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقدم بين يديه وكأن هذا القائل يرى نفسه أعلم بذلك من نبي الله صلى الله عليه وسلم، والله تعالى يقول:{یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تُقَدِّمُوا۟ بَیۡنَ یَدَیِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِیعٌ عَلِیمࣱ }.
ورابعها:
•وهذا المتطاول يقترح على النبي صلى الله وسلم أن يفعل كذا وكذا.. ألا يخشى أن يحبط عمله، ألا يفقه قول الله عز وجل :{ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَرۡفَعُوۤا۟ أَصۡوَ ٰتَكُمۡ فَوۡقَ صَوۡتِ ٱلنَّبِیِّ وَلَا تَجۡهَرُوا۟ لَهُۥ بِٱلۡقَوۡلِ كَجَهۡرِ بَعۡضِكُمۡ لِبَعۡضٍ أَن تَحۡبَطَ أَعۡمَـٰلُكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تَشۡعُرُونَ }.
وخامسها:
• وهو في كلمته هذه كأنه ينبّه الناس إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم ما يجب عليه فعله، وكأنه هو أعلم بذلك من النبي صلى الله عليه وسلم، و أنصح للأمة منه!
وسادسها:
• والأدهى من ذلك أنه جعل ردة جمهور المسلمين بسبب تقصير النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر!
سبحانك هذا بهتان عظيم.!
يقال عن الناصح الأمين، أن الردة حصلت بسبب تقصيره صلى الله عليه وسلم في عدم اختياره خليفة للمسلمين.
[ الردة نكبة أصابت المسلمين بسبب من؟!]
يالها من جرأة قبيحة ، وفرية عظيمة ينزّه عنها آحاد الناس فضلاً عن إمام المتقين وسيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام.
وسابعها:
•يلزم من هذه الفرية أن النبي صلى الله عليه وسلم - وحاشاه- كان يجهل أنه من الضروري والواجب عليه أن يكتب للأمة دستوراً يبين فيه طريقة اختيار الحاكم ومحاسبته.
نعوذ بالله من الضلال وسوء الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وثامنها:
•قوله: " أنه لم يبين الخليفة من بعده". سقطة أخرى.. فإن اختياره صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه للصلاة.. اختاره لديننا أظهر دليل على أنه يرضاه لدنيانا.
فالواجب توقير النبي صلى الله عليه وسلم ونصرته، والحذر من مخالفته، والتقدم بين يديه بنقد يظن صاحبه أنه على حق، وهو قد ضل وكذب ، وقد عثر عثرة لا تقال لسوء أدبه أو غلطه في المقال.
وبعد:
قد يقول قائل:
أن في كلامي هذا تحامل على الرجل، وأنه لم يقصد ذلك.
فأقول:من قرأ كلام الرجل عرف بداهةً أن ماقلته حق لم أفتر عليه، وإنما ذلك هو معنى كلامه ولازم قوله.
فالمسألة ليست في هل قصد ذلك أم لا.
فكلامه جاء معلنا في تصريح شرّق وغرّب. فلعل بعض الجهلة والمغرضين أن يتخذ من ذلك ذريعة في سلوك هذا المسلك الخطير، ويحصل التهاون فيه ويكثر التطاول على جناب النبوة !
وماقلت هذا إلا شعوراً بواجب نصرة النبي صلى الله عليه وسلم والذب عنه.
اللهم إنّا نشهد أنّ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قد بلّغ البلاغ المبين، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، ونصح الأمة وكشف الغمة، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
اللهم اهدنا للحق وثبتنا عليه، ووفقنا للصواب في القول والعمل.
—
١٤٤٧/٤/١