السبت، 28 يونيو 2025

بطلان تأويل آيات صفات الله تعالى

       بطلان تأويل الصفات. 

فائدة قيّمة من درر ابن القيم .

قال رحمه الله: 

" من تأمل كيفية ورود آيات الصفات في القرآن والسنة علِم قطعاً بطلان تأويلها بما يخرجها عن حقائقها، فإنها وردت على وجه لا يحتمل معه التأويل بوجه. 

فانظر إلى قوله تعالى:" هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك". 

هل يحتمل هذا التقسيم والتنويع تأويل إتيان الرب جل جلاله بإتيان ملائكته أو آياته؟

 وهل يبقى مع هذا السياق شبهة أصلاً أنه إتيانه بنفسه.؟ 

 وكذلك قوله: " إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده".. إلى أن قال: " وكلّم الله موسى تكليما ".

ففرق بين الإيحاء العام والتكريم الخاص وجعلهما نوعين، ثم أكّد فعل التكليم بالمصدر الرافع في توهم ما يقوله المحرفون. 

 وكذلك قوله: " وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيًا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً "،  فنوّع تكليمه إلى تكليم بواسطة وتكريم بغير واسطة. 

 وكذلك قوله لموسى عليه السلام " إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي"،

ففرّق بين الرسالة والكلام، والرسالة إنما هي بكلامه. 

 وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إنكم ترون ربكم عيانًا كما ترون القمر ليلة البدر في الصحو ليس دونه سحاب، وكما ترون الشمس في الظهيرة صحوًا ليس دونها سحاب".

 ومعلوم أن هذا البيان والكشف والاحتراز ينافي إرادة التأويل قطعًا ولا يرتاب في هذا من له عقل ودين ".  ا ه

أقول: 

لعَمر الله إنّ هذا لهو العلم المتين، والقول المبين.. 

أوضح ابن القيم رحمه الله مسألة مهمة موجزة في باب الصفات وجلاّها  بفهم ثاقب وكلام صائب،  حتى لا تبقى لمبتدع أو جاهل شبهة.. 

أورد أدلة ظاهرة من الآيات البينات، وعرض توضيحاً ظاهراً لا يقبل اللبس ولا الجدل.!

فرحمه الله وجزاه خيراً عما نافح عن دين الله، وجهاد في سبيل الحق، ودعا إلى الاعتقاد الصحيح الذي كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم، ومن بعدهم من السلف الصالح. 

                 ١٤٤٧/١/١ 

—-------

 مدارج السالكين :ج ٣/ ص ٣٥٣ ، ٣٥٤


الخميس، 26 يونيو 2025

خذوا زينتكم

 خذوا زينتكم عند كل مسجد.. 

 قال الله عز وجل آمراً بالتزين للصلاة { یَـٰبَنِیۤ ءَادَمَ خُذُوا۟ زِینَتَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدࣲ.. }

وهذا الأمر من الله تعالى بأخذ الزينة من اللباس والثياب ليقف المسلم بين يدي ربه سبحانه في أكمل هيئة، وأحسن حال. 

 وأخذ الزينة المأمور بها في هذه الآية هو أمر زائد على ستر العورة، فإن ستر العورة شرط لصحة الصلاة،  وأما أخذ الزينة فهو من المستحبات التي ينبغي الاهتمام بها، وهو من المحاسن الدينية وكمال الأدب مع الله تعالى، فإن في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا صلى أحدكم فليلبس ثوبيه، فإن الله حق أن يتزين له ".

وقال عمر رضي الله عنه :"إذا أوسع الله عليكم فأوسعوا على أنفسكم".

 وعن قول الله سبحانه وتعالى:{خُذُوا۟ زِینَتَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدࣲ } 

قال ابن كثير رحمه الله :" ولهذه الآية وما ورد في معناها من السنة يستحب التجمل عند الصلاة، ولا سيما يوم الجمعة ويوم العيد، والطيب لأنه من الزينة، والسواك من تمام ذلك".

 وقال ابن القيم رحمه الله: "  كانوا يستحبون أن يتجمل الرجل في صلاته للوقوف بين يدي الله.  وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- يقول: أمر الله بقدر زائد على ستر العورة في الصلاة، وهو أخذ الزينة فقال تعالى :{خُذُوا۟ زِینَتَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدࣲ} فعلّق الأمر بأخذ الزينة لا بستر العورة إيذانًا بأن العبد ينبغي له أن يلبس أزين ثيابه وأجملها في الصلاة".

 ومعلوم أن الله سبحانه وتعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، كما جاء في الحديث، لا سيما إذا وقف بين يدي  ربه عز وجل، فيقف المصلي بأحسن وأجمل ملابسه، مظهراً نعمة ربه عليه، فإنّ في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله جميل يحب الجمال".

 فعلى المسلم أن يبادر إلى طاعة الله، واغتنام ما يحبه ربه تعالى ويرضاه،  والبعد عن معاصيه وما يكرهه تعالى. 

 فلا شك أنّ من تعظيم الله تعالى تعظيم قدر الصلاة بالمحافظة عليها، وأدائها في أوقاتها في بيوت الله تعالى، مع القيام بما لها من الأركان والواجبات والشروط والمستحبات، ليكون المسلم  ممن نال الشرف العظيم الذي ذكره الله تعالى في قوله تعالى: { فِی بُیُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرۡفَعَ وَیُذۡكَرَ فِیهَا ٱسۡمُهُۥ یُسَبِّحُ لَهُۥ فِیهَا بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡـَٔاصَالِ • رِجَالࣱ لَّا تُلۡهِیهِمۡ تِجَـٰرَةࣱ وَلَا بَیۡعٌ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِیتَاۤءِ ٱلزَّكَوٰةِ یَخَافُونَ یَوۡمࣰا تَتَقَلَّبُ فِیهِ ٱلۡقُلُوبُ وَٱلۡأَبۡصَـٰرُ} .

وليحرص على أن يكون على أتم الأحوال وأكملها تقوًى لله جل وعلا، وإخلاصاً له وخشوعاً وتجملاً، مع كمال الطهارة وحضور القلب، وحُسنِ الهيئة زينةً  ولباساً ومظهراً.

 وبالله التوفيق.  

غرة محرم ١٤٤٧

—----

١- أخرجه الطبراني في الأوسط: برقم: ٩٦٣٨، والبيهقي في السنن: ٣٢٧١، ج٢ص٣٣٣، وصححه الألباني في الصحيحة برقم: ١٣٦٩

٢-صحيح البخاري: ٣٦٥

٣-تفسير القرآن العظيم: ٢٨٦/٦

٤-مدارج السالكين: ٣٨٤/٢

٥-أخرجه مسلم في صحيحه برقم: ٩١

الجمعة، 20 يونيو 2025

خاطرة

         خاطرة  

اليوم كما نرى تعج الساحة بالكثير من المشاركات بين كتابات ومقاطع فيديو.. وتحتوي على السمين والغث، والخير والشر.. واختلاط الصحيح من الدين بالبدعة.. 

و التشكيك في الثوابت والتضليل.. 

والواجب علينا جميعاً التنبه لذلك.

 فأي مشاركة تحتوى على محذور شرعي أو أمني التنبه لخطرها وردها.. بكل جد وإخلاص وصدق ونصح. 

وتفنيد ما فيها من خطر، أو مفاهيم مغلوطة منشورة للتضليل.. 

لابد من بيان الخطأ والرد عليه بالدليل الصحيح الواضح، من كل من يجد في نفسه الكفاية. 

 ومن لم يستطع فليسأل أهل العلم عن الجواب  وينشره، وذلك واجب عليه.. فإنه لا يعذر أحد في السكوت عن الباطل.ولاشك أن ذلك من التعاون على البر والتقوى، ومن النصيحة للمؤمنين.


الأربعاء، 18 يونيو 2025

الصلاة الوسطى

        

• المحافظة على الصلاة عموماً.

أمر الله المؤمنين بالمحافظة على " الصلاة في حال الأمن  والخوف والقتال فقال تعالى: { حَـٰفِظُوا۟ عَلَى ٱلصَّلَوَ ٰ⁠تِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُوا۟ لِلَّهِ قَـٰنِتِینَ }.

ثم قال بعدها: {فَإِنۡ خِفۡتُمۡ فَرِجَالًا أَوۡ رُكۡبَانࣰاۖ فَإِذَاۤ أَمِنتُمۡ فَٱذۡكُرُوا۟ ٱللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمۡ تَكُونُوا۟ تَعۡلَمُونَ}

فعلام يدل هذا؟

أليس على تعظيم شأن الصلاة والعناية بها، والمحافظة عليها في أشد المواقف والأحوال، في ساحة القتال، والخوف والمطر.. قال الله تعالى:{فَإِذَا قَضَیۡتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَٱذۡكُرُوا۟ ٱللَّهَ قِیَـٰمࣰا وَقُعُودࣰا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمۡۚ فَإِذَا ٱطۡمَأۡنَنتُمۡ فَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَۚ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ كَانَتۡ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِینَ كِتَـٰبࣰا مَّوۡقُوتࣰا }

فقد ذكر الله شأن الصلاة، وأمر بإقامتها في كثير من آيات القرآن الكريم فمن ذلك قوله سبحانه:        { وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱرۡكَعُوا۟ مَعَ ٱلرَّ ٰ⁠كِعِینَ }.

وكذلك ما ورد في الأحاديث النبوية الصحيحة من الأمر بها وبيان فضلها، وما لها من الأركان والواجبات والشروط، مما هو مذكور في الآيات، وكُتب الحديث والفقه. 

فأمر الله جل وعلا عباده المؤمنين بالمحافظة على الصلوات الخمس، وخص منها الصلاة الوسطى فقال سبحانه:{ حَـٰفِظُوا۟ عَلَى ٱلصَّلَوَ ٰ⁠تِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُوا۟ لِلَّهِ قَـٰنِتِینَ  }.


معنى الآية :

- قال ابن جرير الطبري رحمه الله: في تفسيره، أي: "واظبوا على الصلوات المكتوبات في أوقاتهن، وتعاهدوهن والزَمُوهن، وعلى الصلاة الوسطى منهنّ". 

جامع البيان[٥٥٤/٢]

- وقال البغوي رحمه الله:"  أي:  واظبوا وداوموا على الصلوات المكتوبات بمواقيتها،  وحدودها، وإتمام أركانها، ثم خص من بينها الصلاة الوسطى بالمحافظة عليها، دلالة على فضلها، وهي صلاة العصر". (معالم التنزيل: ١  / ٣٢٩ )


    •     تعيين الصلاة الوسطى. 

اُختلِف في تعيينها على أقوال، فقيل أنها الصبح، وقيل  أنها العصر ، وهو الصحيح. وقيل غير ذلك. 

قال ابن كثير رحمه الله: " قد ثبتت السنة بأنها العصر، فتعيّن المصير إليها". [تفسير القرآن العظيم:    ٤٠٤/٢].

فعن علي رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ:" شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ، مَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا". [صحيح. مسلم: ٦٢٧].

وعنه أيضاً أنه قال: كنا نراها صلاة الفجر أو الصبح، حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم الأحزاب :" شغلونا عن. الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله قبورهم، و أجوافهم - أو بيوتهم- ناراً ".[صحيح مسلم: ٤٥٣٣]

وذكر ابن جرير الطبري عن علي وابن عباس وأبي هريرة وعائشة أنهم قالوا : إنها صلاة العصر. [ جامع البيان: ٢ /٥٥٤-٥٥٦ ]

وقال البغوي: "ذهب الأكثرون إلى أنها العصر، رواه جماعة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو قول علي وعبد الله بن مسعود وأبي أيوب، وأبي هريرة وعائشة رضي الله عنهم". [معالم التنزيل: ٣٣٠/١]

وقال ابن كثير: "قيل إنها العصر قال الترمذي والبغوي رحمهما الله، وهو قول أكثر الصحابة، وغيرهم، قال ابن عبد البر:  هو قول أكثر أهل الأثر، وقال أبو محمد بن عطية في تفسيره:  وهو قول جمهور الناس.  وهو مذهب أحمد بن حنبل والشافعي ، قال ابن المنذر وهو الصحيح عن أبي حنيفة".[ تفسير القرآن العظيم:   ٢ /  ٣٩٥ ]

 •  لماذا خصت صلاة العصر بالأمر بالمحافظة عليها مع كونها من جملة الصلوات الخمس  ..

لا شك أن ذلك لما يحصل من التفريط في هذه الصلاة وتأخيرها حتى يخرج وقتها يدل على أنه كثيراً مايحصل ذلك ممن يغلب عليه الكسل والجهل والنفاق.

قال النووي :" وإنما خصها بالذكر لأنها تأتي وقت تعب الناس من مقاساة أعمالهم وحرصهم على قضاء أشغالهم وتسويفهم بها إلى انقضاء وظائفهم".[ شرح صحيح مسلم: ١٢٦/٥ ]

فمن حصل منه التهاون بهذه الصلاة عامداً، وآثر دنياه ورغباته على دينه فذلك أعظم الخسران، قال تعالى: { یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تُلۡهِكُمۡ أَمۡوَ ٰ⁠لُكُمۡ وَلَاۤ أَوۡلَـٰدُكُمۡ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ وَمَن یَفۡعَلۡ ذَ ٰ⁠لِكَ فَأُو۟لَـٰۤئكَ هُمُ ٱلۡخَـٰسِرُونَ }.

 وجاء في الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

" الَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ ".  [البخاري: ٥٥٢/ ومسلم: ٦٢٦]

"قال الخطابي : معنى"وتِر " أي نقص،أو سلب، فبقي وتِراً فرداً بلا أهل ولا مال، يريد فليكن حذَرُه من  فوتها كحذره من ذهاب أهله وماله" . [ معالم السنن: ٢٤٢/١]

وقال ابن بطال:"معنى وُتِر أهله وماله:  أي سُلِب  ذلك وحُرِمه، فهو أشد لغمه وحزنه، لأنه لو مات أهله وذهب ماله بغير سلب لم تكن مصيبة ذلك عنده بمنزلة السلب، لأنه اجتمع عليه في ذاك غمان:  غم ذهابهم، وغم الطلب بوترهم".[ شرح صحيح البخاري:  ١٧٦/٢  ]

ومما ورد من الزجر الشديد عن  تأخيرها بلا عذر حديث  بريدة رضي الله عنه أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ". [ البخاري: ٥٥٣]..

وحديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقر أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً".  [ مسلم:٦٢٢، وأبو داود: ٤١٣]

فيجب على المسلم المحافظة على صلاته، ومنها صلاة العصر على وجه الخصوص، لكون وقتها يأتي بعد الفراغ من الشغل، فيؤثر  بعض الناس راحة جسده على أداء فرضه، فيحرم نفسه ثواب الصلاة والمبادرة إليها، ويعرّض نفسه للوعيد بتأخيرها واضاعتها في مثل قول الله سبحانه: {فَوَیۡلࣱ لِّلۡمُصَلِّینَ • ٱلَّذِینَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ}، ويُخشى على فاعل ذلك أن يكون من    المنافقين الذين وصفهم الله بقوله: {وَإِذَا قَامُوۤا۟ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ قَامُوا۟ كُسَالَىٰ یُرَاۤءُونَ ٱلنَّاسَ وَلَا یَذۡكُرُونَ ٱللَّهَ إِلَّا قَلِیلࣰا }.

ولنتذكر في الختام دعاء أبينا إبراهيم عليه الصلاة والسلام فيما أخبر الله عنه في قوله:{ رَبِّ ٱجۡعَلۡنِی مُقِیمَ ٱلصَّلَوٰةِ وَمِن ذُرِّیَّتِیۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلۡ دُعَاۤءِ}، وقوله عزوجل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم{وَأۡمُرۡ أَهۡلَكَ بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱصۡطَبِرۡ عَلَیۡهَاۖ لَا نَسۡـَٔلُكَ رِزۡقࣰاۖ نَّحۡنُ نَرۡزُقُكَۗ وَٱلۡعَـٰقِبَةُ لِلتَّقۡوَىٰ }.

أسأل الله أن يعيننا جميعاً على ذكره وشكره وحسن عباده.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله. 

—-

١٤٤٦/١٢/٢١


الأحد، 8 يونيو 2025

وقفة مع الدعاء..

     

الدعاء عبادة جليلة وله مكانة من الدين عظيمة، بل هو العبادة كما صح بذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم.

فالدعاء تمجيد لله تعالى وثناءٌ عليه سبحانه، وسؤال العبد حاجته من ربه عز وجل. 

وقد أمر الله به ووعد باستجابته فقال تعالى:{ وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِیۤ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِینَ یَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِی سَیَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِینَ }.

ومن مكانته وفضله أنه يتضمن عبادات أخرى، وهي من آداب الدعاء، وأسباب إجابته منها: 

الرغبة الرهبة، كما في قوله سبحانه عن أنبيائه:{إِنَّهُمۡ كَانُوا۟ یُسَـٰرِعُونَ فِی ٱلۡخَیۡرَ ٰ⁠تِ وَیَدۡعُونَنَا رَغَبࣰا وَرَهَبࣰاۖ }.

ووصف بذلك عباده المؤمنين فقال تعالى:{تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمۡ عَنِ ٱلۡمَضَاجِعِ یَدۡعُونَ رَبَّهُمۡ خَوۡفࣰا وَطَمَعࣰا وَمِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ یُنفِقُونَ }

والخوف منه سبحانه والطمع في رحمته والإحسان كما قال تعالى:{وَٱدۡعُوهُ خَوۡفࣰا وَطَمَعًاۚ إِنَّ رَحۡمَتَ ٱللَّهِ قَرِیبࣱ مِّنَ ٱلۡمُحۡسِنِینَ}.

ومنها التضرع إليه جل وعلا  كما قال:{ٱدۡعُوا۟ رَبَّكُمۡ تَضَرُّعࣰا وَخُفۡیَةًۚ}.

وعمود الدعاء وشرط قبوله واستجابته الإخلاص والإيمان، قال ربنا  عز وجل:{فَٱدۡعُوا۟ ٱللَّهَ مُخۡلِصِینَ لَهُ ٱلدِّینَ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَـٰفِرُونَ}.

وقال جل وعلا: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِی عَنِّی فَإِنِّی قَرِیبٌۖ أُجِیبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ فَلۡیَسۡتَجِیبُوا۟ لِی وَلۡیُؤۡمِنُوا۟ بِی لَعَلَّهُمۡ یَرۡشُدُونَ }.

فعبادة جمعت الإيمان والإحسان والإخلاص والتضرع والرغبة والرهبة والخوف والطمع.. 

لاشك أن هذه العبادة جديرة بعناية المؤمن واهتمامه، لعلو مكانتها وفضلها وشدة افتقاره إليها.

وما كتبته هنا إنما هو خاطرة سريعة وتذكير بمكانة الدعاء وأهميته.  

وهناك فوائد الدعاء، وآدابه، وجُملِه، تركتها لضعف العزيمة وقلة البضاعة.

أسأل الله الكريم أن يبلغنا وإياكم منازل الفضل والإحسان بجوده  وعفوه ومنّه.

—---

١٤٤٦/١٢/١٢



الأحد، 1 يونيو 2025

الأضحية..

                 الأضحية.. 

أول شأنها كانت فداء لنبي الله إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما الصلاة والسلام.

 ثم بفضل الله ورحمته جعلها من بهيمة الأنعام.

وهي سنة الخليلين صلى الله عليهما وسلم.

 فعلها النبي صلى الله عليه وسلم ورغّب فيها، وفعلها الصحابة رضي الله عنهم.

فمن تذكر مبدأ أمرها وعلم مكانتها وفضلها حرص عليها وضحّى وهو مسرور ومعظّم لشرع الله وأمره {ذَ ٰ⁠لِكَ وَمَن یُعَظِّمۡ شَعَـٰۤائرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقۡوَى ٱلۡقُلُوبِ }..

والاستجابة والتعبد بها بنية خالصة ونفس راضية يقع عليها الثواب من الله، {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم..}.

… 

١٤٤٦/١٢/٤


من فضائل يوم عرفة

          من فضائل يوم عرفة

يوم عرفة يوم عظيم ومبارك. وفضائله كبيرة للحجاج ومن صامه ممن لم يحج. 

- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ : مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ ".[مسلم والنسائي وابن ماجه]  .

وعن عقبة بن عامر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام".[أبو داود والترمذي والنسائي وأحمد] .

- ومن لم يحج شرع له صوم يوم عرفة وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم فضله فقال:" صيام يوم عرفة إني أحتسب على الله أن يكفّر السنة التي قبله والسنة التي بعده". [حديث صحيح أخرجه الترمذي وابن ماجه].

 

عن بِلال رضي الله عنه ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ غَدَاةَ جَمْعٍ - بالمزدلفة- : " يَا بِلَالُ، أَسْكِتِ النَّاسَ ". أَوْ : " أَنْصِتِ النَّاسَ "، ثُمَّ قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ تَطَوَّلَ عَلَيْكُمْ فِي جَمْعِكُمْ هَذَا، فَوَهَبَ مُسِيئَكُمْ لِمُحْسِنِكُمْ، وَأَعْطَى مُحْسِنَكُمْ مَا سَأَلَ، ادْفَعُوا بِاسْمِ اللَّهِ ".

 ".[سنن ابن ماجه: ٣٠٢٤. وهو في الصحيحة للألباني: ١٦٢٤]


ومما لم يصح في هذه المسألة: 

الخبر عن ابن عمر رفعه:" إذا كان عشية عرفة لم يبق أحد في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان إلا غفر له". قلت يارسول الله:  أهل عرفة خاصة؟" قال بل للمسلمين عامة".

[الطبراني في الكبير بضعف] .

وأيضاً ما رواه ابن المبارك عن سفيان الثّوري عنِ الزّبير بن عديّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:وَقَفَ النَبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَاتٍ، وَقَدْ كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَؤُوبَ، فَقَالَ:" يَا بِلاَلُ، أَنْصِتْ لِيَ النَّاسَ ". فَقَامَ بِلاَلٌ فَقَالَ: أَنْصِتُوا لِرَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْصَتَ النَّاسُ، فَقَالَ: مَعَاشِرَ النَّاسِ، أَتَانِي جِبْرَائِيلُ عليه السّلام آنِفًا فَأَقْرَأَنِي مِنْ رَبِّي السَّلاَمَ، وَقَالَ: إِنَّ اللهَ عزّ وجلّ غَفَرَ لِأًهْلِ عَرَفَاتٍ وَأَهْلِ المَشْعَرِ، وَضَمِنَ عَنْهُمُ التَّبِعَاتِ.

فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ! هَذَا لَنَا خَاصَّةً ؟ قَالَ:"هَذَا لَكُمْ، وَلِمَنْ أَتَى مِنْ بَعْدِكُمْ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ ".فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه: كَثُرَ خَيْرُ اللهِ وَطَابَ".. فهذا الخبر في صحته نظر..

إذ لم يخرجه أحد من أصحاب كتب الحديث التسعة.

وتحدث  أحد الدعاة في مقطع فيديو ، وقال عن فضل يوم عرفة، وذكر حديث ابن المبارك عن أنس، ولكنه قال فيه:"وأهل الموقف ".

يعني من صام يوم عرفة ممن لم يقف بعرفة.  

وهذا لم يرد في الأثر.. 

فجعل المتحدث الكلام عاماً ، والذي فيه إنما هو( أهل عرفة والمشعر). والمراد بالمشعر مزدلفة. 

والله أعلم. 

١٤٤٦/١٢/٥

بطلان تأويل آيات صفات الله تعالى

       بطلان تأويل الصفات.  فائدة قيّمة من درر ابن القيم . قال رحمه الله:  " من تأمل كيفية ورود آيات الصفات في القرآن والسنة علِم قطعاً...