الثلاثاء، 23 سبتمبر 2025

تعليق على مقالة الددو.

 تعليق على مقالة الددو. 

وتنبيه لما وقع فيه من محاذير. 

________________

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .

وبعد: 

فقد قال محمد الحسن الددو في لقاء معه  :

" أن أول نكبة نكب بها المسلمون هي وفاة النبي عليه الصلاة والسلام دون أن يكتب لنا دستورًا، ودون أن يبين لنا طريقة اختيار الحاكم ومحاسبته، ودون أن يعيّن لنا خليفة من بعده فكان أن ارتد جمهور المسلمين عن الإسلام بسبب ذلك".

أقول وبالله التوفيق في هذا الكلام محاذير شنيعة، وافتراءات قبيحة تطاول بها الكاتب:

فأولها: 

•هذا الكلام اتهام واضح للنبي صلى الله عليه وسلم بأنه قد قصّر في تبليغ الرسالة ، ولم ينصح للأمة.

وثانيها: 

•وهذا القول - والعياذ بالله- تطاول على مقام النبوة، وفيه أيضاً سوء أدب مع النبي صلى الله عليه وسلم، ونسبة ما لا يصح إليه صلى الله عليه وسلم. 

وثالثها: 

•أن في هذا القول استدراك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقدم بين يديه وكأن هذا القائل يرى نفسه أعلم بذلك من نبي الله صلى الله عليه وسلم، والله تعالى يقول:{یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تُقَدِّمُوا۟ بَیۡنَ یَدَیِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِیعٌ عَلِیمࣱ }.

ورابعها: 

•وهذا المتطاول يقترح على النبي صلى الله وسلم أن يفعل كذا وكذا.. ألا يخشى أن يحبط عمله، ألا يفقه قول الله عز وجل :{ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَرۡفَعُوۤا۟ أَصۡوَ ٰ⁠تَكُمۡ فَوۡقَ صَوۡتِ ٱلنَّبِیِّ وَلَا تَجۡهَرُوا۟ لَهُۥ بِٱلۡقَوۡلِ كَجَهۡرِ بَعۡضِكُمۡ لِبَعۡضٍ أَن تَحۡبَطَ أَعۡمَـٰلُكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تَشۡعُرُونَ }.

وخامسها: 

• وهو في كلمته هذه كأنه  ينبّه الناس إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم ما يجب عليه فعله، وكأنه هو أعلم بذلك من النبي صلى الله عليه وسلم، و أنصح للأمة منه! 

وسادسها: 

• والأدهى من ذلك أنه جعل ردة جمهور المسلمين بسبب تقصير النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر!  

سبحانك هذا بهتان عظيم.!

يقال عن الناصح الأمين، أن الردة حصلت بسبب تقصيره صلى الله عليه وسلم في عدم اختياره خليفة للمسلمين.

[ الردة نكبة أصابت المسلمين بسبب من؟!]

يالها من جرأة قبيحة ،  وفرية عظيمة ينزّه عنها آحاد الناس فضلاً عن إمام المتقين وسيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام. 

وسابعها: 

•يلزم من هذه الفرية أن النبي صلى الله عليه وسلم - وحاشاه-  كان يجهل أنه من الضروري والواجب عليه أن يكتب للأمة دستوراً يبين فيه طريقة اختيار الحاكم ومحاسبته.

نعوذ بالله من الضلال وسوء الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. 

وثامنها: 

•قوله: " أنه لم يبين الخليفة من بعده". سقطة أخرى.. فإن اختياره صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه للصلاة.. اختاره لديننا أظهر دليل على أنه يرضاه لدنيانا. 


فالواجب توقير النبي صلى الله عليه وسلم ونصرته، والحذر من مخالفته، والتقدم بين يديه بنقد يظن صاحبه أنه على حق، وهو قد ضل وكذب ، وقد عثر عثرة لا تقال لسوء أدبه أو غلطه في المقال.

وبعد: 

قد يقول قائل:

 أن في كلامي هذا تحامل على الرجل، وأنه لم يقصد ذلك.

فأقول:من قرأ كلام الرجل عرف بداهةً أن ماقلته حق لم أفتر عليه، وإنما ذلك هو معنى كلامه ولازم قوله.

فالمسألة ليست في هل قصد ذلك أم لا. 

فكلامه جاء معلنا في تصريح شرّق وغرّب. فلعل بعض الجهلة والمغرضين أن يتخذ من ذلك ذريعة في سلوك هذا المسلك الخطير،  ويحصل التهاون فيه ويكثر التطاول على جناب النبوة !

وماقلت هذا إلا شعوراً بواجب نصرة النبي صلى الله عليه وسلم والذب عنه.

اللهم إنّا نشهد أنّ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قد بلّغ البلاغ المبين، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، ونصح الأمة وكشف الغمة، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك. 

اللهم اهدنا للحق وثبتنا عليه، ووفقنا للصواب في القول والعمل. 

١٤٤٧/٤/١



الاثنين، 1 سبتمبر 2025

يا يعقوب

 الأثر..  

"يا يعقوب ، وعزتي ، وجلالي ، وارتفاعي على خلقِ ، لو كان يوسف ميتاً لأحييته لك ! فجاءته البشرى في اليوم الثاني .".


 ضعفه ابن كثير ، فقال في "تفسيره" (٤٠٦/٤) :" هذا حديث غريب ، فيه نكارة ". اهـ ،

وقال الشيخ الألباني في "ضعيف الترغيب والترهيب" (١٨٥٩) :" منكر.

الثلاثاء، 26 أغسطس 2025

كيد الشيطان

 إذا فُتِح للشيطان بابٌ في قلب المسلم ولو كخرم الإبرة.. فإنه لن ييأس، وسيظل يتسلل منه كما تدخل النملة.. ثم لا يزال يوسّعه شيئًا فشيئًا..ولو طالت المدة حتى يدخل معه وهو كالفيل فيسرح ويمرح.. 

وقد استصغر الإنسان ذلك بادئ الأمر فصار إلى الحال المزري.. 

فكن لبيبًا حازمًا ولا تغفل عن كيد عدوك مهما كان أمره حقيرًا في نظرك..

___

١٤٤٧/٣/٤

السبت، 23 أغسطس 2025

أحاديث ضعيفة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم :

 أحاديث ضعيفة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم :

لا يجوز نشرها لعدم صحتها … 

 ----------------------------

١-"من صلى عليّ في يوم ألف صلاة لم يمت حتى يُبشّر بالجنة".

٢-" من صلى عليّ حين يصبح عشرًا وحين يمسي عشرًا أدركته شفاعتي يوم القيامة". 

٣-" من صلى عليّ في يوم مائة مرة قضى الله له مائة حاجة: سبعين منها لآخرته وثلاثين منها لدنياه ". 

٤- " من صلى عليّ في يوم الجمعة وليلة الجمعة مائة صلاة قضى الله له سبعين حاجة". 

أحاديث موضوعة[مكذوبة] في قصة وفاة النبي صلى الله عليه وسلم

 أحاديث موضوعة[مكذوبة]  في قصة وفاة النبي صلى الله عليه وسلم


١- ‏"ماذا حلّ برسول الله، ماذا حلّ برسول الله؟"

… 

٢- ‏فقالت السيدة عائشة "لم أر في حياتي أحداً يتصبب عرقاً بهذا الشكل ،

‏… 

٣- ‏فقال النبي "أيها الناس، كأنكم تخافون عليَّ.."

‏( موضوع) يعني ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم. بل هو كذب. 

‏…

٤- ‏'‏أيها الناس، أقرأوا مني السلام على كل من تبعني من أمتي إلى يوم القيامة""...

غير صحيح. 

____________

‏أقرأ هذه الجمل بتأمل هل تراها مثل كلام الصحابة أو النبي صلى الله عليه وسلم.


الثلاثاء، 19 أغسطس 2025

قـل للمـؤمنــين يغضــوا مــن أبصـارهم.. }

    {قـل للمـؤمنــين يغضــوا مــن أبصـارهم.. }                                          


خلق الله الجن والإنس  لعبادته، يأمرهم فيطيعوه، وينهاهم فيجتنبوا ما نُهوا عنه. 

وإن مما شرعه الله لعباده وأمرهم به الطهر والعفاف وغض الأبصار وحفظ الفروج. قال الله سبحانه { قُل لِّلۡمُؤۡمِنِینَ یَغُضُّوا۟ مِنۡ أَبۡصَـٰرِهِمۡ وَیَحۡفَظُوا۟ فُرُوجَهُمۡۚ ذَ ٰ⁠لِكَ أَزۡكَىٰ لَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِیرُۢ بِمَا یَصۡنَعُونَ }

فعلى المؤمن إذا بلغه الأمر من الله أن يقابله بالسمع والطاعة والاستجابة، فيُلقى له سمعه ويحضر قلبه. 

وإن مما يعينه على امتثال أمر ربه؛ معرفة معنى ما أراد الله منه.

قال ابن كثير رحمه الله:" هذا أمر من الله لعباده المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم عما حرّم عليهم، فلا ينظرون إلا إلى ما أباح لهم النظر إليه، وأن يغضوا أبصارهم عن المحارم فإن وقع البصر المؤمن على محرم من غير قصدٍ فليصرف بصره سريعاً, فعن جرير رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة، فقال:" اصرف  بصرك". 

   ( مسلم وأبو داود وأحمد) . 

 فحفظ الفرج يكون بمنعه من الزنا، كما قال عز وجل: { قُل لِّلۡمُؤۡمِنِینَ یَغُضُّوا۟ مِنۡ أَبۡصَـٰرِهِمۡ وَیَحۡفَظُوا۟ فُرُوجَهُمۡۚ ذَ ٰ⁠لِكَ أَزۡكَىٰ لَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِیرُۢ بِمَا یَصۡنَعُونَ }

وتارة يكون أيضاً بحفظه من النظر إليه . ولما كان النظر داعيةً إلى فساد القلب؛ لذلك أمر الله بحفظ الأبصار التي هي بواعث إلى ذلك.

وقوله تعالى:{ ذَ ٰ⁠لِكَ أَزۡكَىٰ}. أي: أطهر لقلوبهم وأنقى لدينهم ".  (تفسير القرآن العظيم: ٢١٤،٢١٢/١٠)   

 ولقد يسّر الله على المؤمنين الأسباب التي تعينهم على تحقيق أمره بغض الأبصار وحفظ الفروج، من أخذ بها، أعانه الله ووفقه لطاعته.

  فالأول منها: 

العلم بأن غض البصر وصرفه عما حرم الله هو ما أمر الله به في هذه الآية وقدمه على الأمر بحفظ الفروج. 

 فإن حصل منه ما حُرِم عليه من غير قصد فيجب عليه المبادرة بغض بصره أمثالاً لقول ربه سبحانه:{ قُل لِّلۡمُؤۡمِنِینَ یَغُضُّوا۟ مِنۡ أَبۡصَـٰرِهِمۡ وَیَحۡفَظُوا۟ فُرُوجَهُمۡۚ} وطاعة لرسوله صلى الله عليه وسلم القائل:" اصرف بصرك ".

والثاني: أن يعلم المسلم أنه إذا كان الله قد عفى عنه في النظر غير المقصود، إلا أنه أمره بعدم تكرار النظر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:" لا تتبع النظرة النظرة. فإن لك الأولى وليست لك الأخرى ". [أخرجه أبو داود والترمذي] . 

وهذا الحديث فيه علاج للناظر يقطع به مادة الشر بصرف النظر وعدم تكراره وتعمده حتى لا يسري الفساد إلى قلبه فتمرضه الشهوة، وهذه حمية شرعية.

والقلب إذا صُرف عن الشيء في أول أمره سهل علاجه. ومتى أهمل ذلك، وتكرر منه النظر جاءت على إثره الخواطر والأفكار، ثم الأماني والشهوات فيصعب حينئذٍ علاجه.

والثالث: ان يتذكر أنّ مما يعين على حفظ الفرج؛ غض البصر إذ هو دليله وسائقه، وأنه متى قنع المؤمن بالحلال كان فيه الغنى عن الحرام. وهو أطيب منه وأكمل سعادة، فضلاً عما في هذا من الأجر. وما في ذلك من الوزر.

فقد أرشد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علاج ذلك فقال:"إن المرأة تُقبل في صورة شيطان وتُدبر في صورة شيطان، فإذا رأى أحدكم امرأةً فأعجبته فليأت أهله، فإن ذلك يرد ما في نفسه ". [صحيح مسلم] .

قال ابن الجوزي:" وقد نبّه هذا الحديث على أمرين أحدهما: التسلي عن المطلوب بجنسه. والثاني: الإعلام بأن سبب الإعجاب قوة الشهوة فأمر بتنقيصها". ( ذم الهوى: ١٤٦/١)

وقال النبي صلى الله عليه وسلم:"من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فليصم فإن الصوم له وجاء".(أخرجه البخاري ومسلم).

والرابع: أن يعلم المؤمن أنه متى تعدى حدود الله بالنظر إلى الحرام - أو بأي أنواع المعاصي- أنه لا يجد الراحة بذلك، بل إنه كلما تمادى طرفه؛ ازداد قلبه تعلقاً وحسرة.. ومن غلب نفسه  على هواها وردها إلى الحلال أنها ترضى وتقنع به.

الخامس: البعد عن مواطن الفتن، ومثيرات الشهوة المحرمة. ومن ذلك أن لا يترخص الإنسان في النظر إلى الصور إن عدمت الأشخاص. كالذين يعكفون على مشاهدة الأفلام والصور التي تعرض الفتنة والبلاء.

السادس: أن يتذكر هذا الناظر أنه متعرض لمرض قلبه وسخط ربه وغضبه لقلة حيائه من الله وليعلم أن الله يغار، وأنه لا أحد أغير من الله ومن أجل ذلك حرّم الفواحش، كما جاء عن رسول الله في قوله صلى الله عليه وسلم :"إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ". (البخاري ومسلم)

فليستشعر الناظر علم الله به، ورؤيته له فإن الله قد ختم هذه الآية بقوله:  {إِنَّ ٱللَّهَ خَبِیرُۢ بِمَا یَصۡنَعُونَ} فلا تخفى عليه خافية، وأخبر تعالى في موضع آخر أنه:{ یَعۡلَمُ خَاۤىِٕنَةَ ٱلۡأَعۡیُنِ وَمَا تُخۡفِی ٱلصُّدُورُ }.

السابع: أن يتذكر الثواب الموعود به من حفظ فرجه وغض بصره، وجاهد نفسه وهواه ابتغاء مرضاة الله. وأن الله قد أبدله في الدنيا بما أحل له. وأدّخر له من لذة النظر إلى وجهه تعالى والتمتع بالحور الحسان في الجنة بما لا يخطر على بال.

وليتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم :" حرمت النار على عين دمعت من خشية الله، حرمت النار على عين سهرت في سبيل الله، حرمت النار على عين غضت عن محارم الله". (سنن الدارمي رقم: ٢٤٤٠، ومستدرك الحاكم:  ج: ٢/ص:١٣٤. والمسند: ج:٢/ص:٨٣).

والقصد أن من استحضر الثواب المعد لمن حفظ بصره وفرجه. والعقاب الموعود به المعتدي؛ هان عليه علاج هذا الأمر، واستيقظ قلبهُ من غفلته، وقرّت عينهُ بما آتاها الله.

الثامن: ومن الأسباب التي تعين على البعد عن النظر المحرّم أن يتفكر العاقل في العاقبة التي يؤول إليها أمره لو انساق مع شهوته.

فإن الإنسان إذا قضى شهوته من الحرام إنما هي إلا لحظة ثم تقع الحسرة, ويحل الإثم والعار. فقد يسلِم العبد من عقوبة الدنيا ولكن عقوبة الآخرة له بالمرصاد{يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

فكم ذي معاصي نال منهن لذةً          

   فمـات وخلاها وذاق الدواهيـا

تصرّم لذات الـمعاصي وتنقضي         

 وتبقى تبِعات المعاصي كما هيا. 

وفتنة النظر المحرّم تزداد اشتعالاً كلما ابتعد الناس عن شرع الله وهدي نبيهم صلى الله عليه وسلم، وكلما ضعُف وازع الإيمان في القلوب.

وإن من شكر المنعم سبحانه على نعمة البصر؛ حفظه ، وحفظ الجوارح كلها عما حرّم الله. 


الاثنين، 18 أغسطس 2025

طلب المدد من الأنبياء والأولياء والتمسح بالأضرحة.

  طلب المدد من الأنبياء والأولياء والتمسح بالأضرحة. 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: 
 وفيما يلي نَصّ فتوى دار الإفتاء المصرية،بتاريخ:  ١٧/ديسمبر/٢٠٠٦م. رقم الفتوى: ٤٦١٤.
"لا مانع شرعًا من طلب المسلم المددَ من الأنبياء والأولياء والصالحين؛ ولا فرق في ذلك بين كونهم أحياء أو منتقلين؛ لأنه محمول على السببية لا على التأثير، كما أَنَّ الأصل في الأفعال التي تصدر من المسلم حملُها على الأوجه التي لا تتعارض مع أصل التوحيد، فالعبرة في التمسح بالأضرحة أو تقبيلها هي حيث يجد الزائر قلبه، ولا يجوز المبادرة بر ميه بالكفر أو الشرك.".
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
وبعد:
 ففي هذه الفتوى عدة مؤاخذات وأخطاء، يجب التنبيه عليها نصحاً لله ولدينه وللمسلمين.. 
منها: 
١- قولهم:" لا مانع شرعاً من طلب المسلم المدد من الأنبياء والأولياء.. ".
٢- "كون ذلك محمول على السببية لا على التأثير.. ".
٣- "العبرة في التمسح بالأضرحة وتقبيلها حيث يجد الزائر قلبه" .
٤- وقولهم:" أَنَّ الأصل في الأفعال التي تصدر من المسلم حملُها على الأوجه التي لا تتعارض مع أصل التوحيد".
فالجواب عن ذلك: 
 أولاً: أن يعرض كل قول في الدين أو فتوى على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لتُعرف صحته من بطلانه، فإن كان باطلاً وجب بيان ذلك  وإقامة الحجة بالأدلة الصريحة الواضحة، والتحذير من الانخداع به، ثم رده على قائله كائناً من كان.
ثانياً: يلزم معرفة معنى قولهم:طلب المدد من الأنبياء والصالحين بعد موتهم. 
والجواب عنه: أليس معناه  : دعاؤهم والاستغاثة بهم، وسؤالهم قضاء الحاجات من دون الله، أو مع الله؟!
 فإن كان ذلك جائزاً، فأين أدلتهم على جوازه؟
والحقيقة أنه لا دليل لهم على قولهم هذا، بل الأدلة متظافرة على بطلانه. 
وكما هو معلوم أن طلب المدد دعاء، وهو أيضاً استغاثة واستعانة بميت أو غائب أو عاجز فيما لا يقدر عليه إلا الله، بل ذلك من الشرك الذي أرسل الله عز وجل رسله عليهم الصلاة والسلام بالنهي عنه والتحذير منه. 
وقد نهى الله عن دعاء غيره فقال تعالى:-{ وَأَنَّ ٱلۡمَسَـٰجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدۡعُوا۟ مَعَ ٱللَّهِ أَحَدࣰا }
وطلب المدد دعاء، وقد أمر الله جل وعز بإخلاص الدعاء له فقال تعالى: { فَٱدۡعُوا۟ ٱللَّهَ مُخۡلِصِینَ لَهُ ٱلدِّینَ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَـٰفِرُونَ }.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله".      ( الترمذي: ٢٥١٦، وأحمد: ٢٧٦٣)
فالواجب على العباد إخلاص الدعاء لله وحده عز وجل، وألاّ يشرك معه أحد. 
فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم: " أيُّ الذنب أعظم؟ فقال:  أن تجعل لله نداً وهو خلقك".(أخرجه البخاري: ٤٤٧٧ ، ومسلم: ٨٦ )
ومن طلب المدد واستغاث بغير الله فيما لايقدر عليه إلا الله فقد جعل المدعو نداً لله يستجيب الدعاء، وينفع ويضر بعد موته، فمن فعل ذلك فقد ضاهى المشركين الذين كانوا يدعون الأوثان من دون الله.
فأنّى لميت أن يسمع دعاء من دعاه، أو نفع من رجاه، وهو عاجز عن نفع نفسه! 
وأما طلب المدد من الأنبياء أو الأولياء كما ذُكر في الفتوى فقد أرسل  الله سبحانه رسله عليهم السلام بالنهي عنه والتحذير منه في مثل قوله تعالى: {قَالَ أَفَتَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا یَنفَعُكُمۡ شَیۡـࣰٔا وَلَا یَضُرُّكُمۡ }
وأنكر عليهم فعلهم فقال تعالى:{وَٱلَّذِینَ تَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ لَا یَسۡتَطِیعُونَ نَصۡرَكُمۡ وَلَاۤ أَنفُسَهُمۡ یَنصُرُونَ} وقال جل وعلا: { ذَ ٰ⁠لِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ لَهُ ٱلۡمُلۡكُۚ وَٱلَّذِینَ تَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ مَا یَمۡلِكُونَ مِن قِطۡمِیرٍ • إِن تَدۡعُوهُمۡ لَا یَسۡمَعُوا۟ دُعَاۤءَكُمۡ وَلَوۡ سَمِعُوا۟ مَا ٱسۡتَجَابُوا۟ لَكُمۡۖ وَیَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ یَكۡفُرُونَ بِشِرۡكِكُمۡۚ وَلَا یُنَبِّئُكَ مِثۡلُ خَبِیرࣲ  }. 
فسمى الله تعالى دعاء غيره شركًا فقال سبحانه:{وَیَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ یَكۡفُرُونَ بِشِرۡكِكُمۡۚ}.
وقال الله تعالى:{ وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَالا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإن فَعَلْتَ فَإنكَ إذًا مِنَ الظَّالِمِينَ • وَإن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ الا هُوَ} وقال سبحانه: {وَمَنْ أضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ}.
فهذه الفتوى تجوّز  طلب النفع ودفع الضر ، والتبرك بغير الله من الأولياء وغيرهم. وتتضمن الدعوة إلى طرق الضلال عن التوحيد، وذلك من أعظم المنكر. 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إذا قصد الرجل الصلاة عند بعض الأنبياء والصالحين متبركاً بالصلاة في تلك البقعة:  فهذا عين المحادة لله ورسوله، والمخالفة لدينه، وابتداع دين لم يأذن به الله ، فإن المسلمين قد أجمعوا على ما علموه  بالاضطرار من دين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الصلاة عند القبر -أي قبر كان- لا فضل فيها لذلك،ولا للصلاة في تلك البقعة مزيّة خير،بل مزية. شر".(اقتضاء الصراط،المستقيم: ٥٤٦/ إصدار مؤسسة ابن عثيمين) 
وقول لجنة الفتوى:  " لا مانع شرعا من التمسح بالأضرحة  ".
هذا افتئات على الشرع، ومعاندة لنصوصه المحكمة، ومنها الآيات التي سبق ذكر بعضها، وكذلك ما ثبت في السنة، فقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك، فعن عائشة  رضي الله عنها أن أم سلمة ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها بأرض الحبشة وما فيها من الصور، فقال: "أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح، بنوا على قبره مسجداً، وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله). ( البخاري :٤٢٧، ومسلم :٥٢٨) 
وعنها قالت: "لما نُزِلَ برسول الله صلى الله عليه وسلم طَفِقَ يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتمَّ بها كشفها، فقال وهو كذلك: لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، يحذّر ما صنعوا، ولولا ذلك أُبرز قبره، غير أنه خُشِيَ أن يُتخذ مسجداً". (البخاري:٤٣٥ ومسلم:  ٥٣١)
وقد أورد هذين الحديثين الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتاب التوحيد، في باب ما جاء من التغليظ فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح ، فكيف إذا عبده؟. 
فلا يجوز التمسح ولا التبرك بشيءٍ من الأبنية والمواضع، إلا الحجر الأسود في الكعبة.قال عمر رضي الله عنه" إني لأعلم أنك حجر لاتضر ولا تنفع ولولا أني، رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك".( البخاري: ١٥٩٧)
ومن أدعى سوى هذا فليأت بدليل من القرآن أو السنة أو فعل الصحابة رضي الله عنهم.. قال ابن القيم رحمه الله: "ومن المحال أن يكون دعاء الموتى أو الدعاء بهم أو الدعاء عندهم مشروعًا وعملاً صالحًا ويصرف عنه القرون الثلاثة المفضلة بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يُرزَقَه الخلوف الذين يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون". (إغاثة اللهفان:٢٠٢/١ /تحقيق محمد حامد الفقي )
وثانياً: قولهم: "كون ذلك محمول على السببية لا على التأثير". ويعنون  أن التبرك بالميت وسيلة وسبب، وليس له من التأثير في شيء. 
وتلك هي مقالة المشركين بعينها كما قال الله عز وجل عنهم:{ وَٱلَّذِینَ ٱتَّخَذُوا۟ مِن دُونِهِۦۤ أَوۡلِیَاۤءَ مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِیُقَرِّبُونَاۤ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰۤ إِنَّ ٱللَّهَ یَحۡكُمُ بَیۡنَهُمۡ فِی مَا هُمۡ فِیهِ یَخۡتَلِفُونَۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی مَنۡ هُوَ كَـٰذِبࣱ كَفَّارࣱ } فهم كاذبون في قولهم، كفار بفعلهم. 
فأيُّ حجةٍ لهم أن الله جعل دعاء غيره سبباً للاستجابة  وحصول المطلوب { أَمۡ لَهُمۡ شُرَكَـٰۤؤُا۟ شَرَعُوا۟ لَهُم مِّنَ ٱلدِّینِ مَا لَمۡ یَأۡذَنۢ بِهِ ٱللَّهُۚ} وقد توعّد الله أصحاب هذه الأعمال فقال عز وجل: {..إِنَّ ٱلَّذِینَ یَضِلُّونَ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِ لَهُمۡ عَذَابࣱ شَدِیدُۢ بِمَا نَسُوا۟ یَوۡمَ ٱلۡحِسَابِ }.
وقول لجنة الفتوى:"فالعبرة في التمسح بالأضرحة أو تقبيلها هي حيث يجد الزائر قلبه".
فما هو الدليل على ذلك، أهو نصٌ محكمٌ من شرع الله، أم هوى النفوس ووساوس الشياطين.؟!!  
انظر الحجة الواهية، والعلة المسوّغة لهذا العمل القبيح،       " إنها حيث يجد الزائر قلبه"! 
فعحباً لهذا الزائر الذي لا يجد قلبه في السجود بين الله، وفي صدق التوجه إليه تعالى، بينما يجده عند المسح بالأحجار والقبور! .
ودعاة الضلال يزّينون له فعله  ويضلونه بالشبهات الباطلة، والحجج الواهية، والله عز وجل يقول: { وَٱلَّذِینَ یَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَا یَخۡلُقُونَ شَیۡـࣰٔا وَهُمۡ یُخۡلَقُونَ • أَمۡوَ ٰ⁠تٌ غَیۡرُ أَحۡیَاۤءࣲۖ وَمَا یَشۡعُرُونَ أَیَّانَ یُبۡعَثُونَ• إِلَـٰهُكُمۡ إِلَـٰهࣱ وَ ٰ⁠حِدࣱۚ فَٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡـَٔاخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةࣱ وَهُم مُّسۡتَكۡبِرُونَ } فهؤلاء الجهال من المتبوعين والتابعين قد انصرفت وجوههم عن القبلة ، وعكفت قلوبهم على الأضرحة يرجون من الأموات النفع ودفع الضر، ووجدوا الأُنس عند الأموات،  ولم يجدوه عند الحي الذي لايموت عز وجل، الذي بيده ملكوت شيء، أليس هذا  من الشرك الأكبر؟! 
فمن أفتى بذلك أو دعا إليه ثم تبعه الناس على ذلك وأخذوا بقوله فقد باء بإثمه وآثامهم، قال تعالى:{ لِیَحۡمِلُوۤا۟ أَوۡزَارَهُمۡ كَامِلَةࣰ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ وَمِنۡ أَوۡزَارِ ٱلَّذِینَ یُضِلُّونَهُم بِغَیۡرِ عِلۡمٍۗ أَلَا سَاۤءَ مَا یَزِرُونَ }.
 وقولهم في الفتوى: "أَنَّ الأصل في الأفعال التي تصدر من المسلم حملُها على الأوجه التي لا تتعارض مع أصل التوحيد".
لو قيل : الأصل في المسلم الحذر من الشرك ووسائله، و العناية بالتوحيد الذي هو أوجب الواجبات على العبيد. ومن أجله خلق الله الثقلين، فقال{ وماخلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}.
وأي توحيد هذا المذكور في الفتوى، وقد أجازت اللجنة وشرّعت ضده وهو الشرك بالله، ودعاء الأموات والتبرك بالأضرحة، كما كان يفعله المشركون في الجاهلية.
ثم ما هو ذنب العامة وجهلة الناس إذا سألوا جهة مخوّلة بالفتوى ، ووثقوا بها فأجابتهم بما هو باطلً، وغش لهم في دينهم، وإضلال لهم عن سواء السبيل! ؟ 
اللهم اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم .
—---------- 
٢٣/صفر/١٤٤٧

تعليق على مقالة الددو.

  تعليق على مقالة الددو.  وتنبيه لما وقع فيه من محاذير.  ________________ بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله . وبعد:  فقد قال...