أخي..!
رسالة أبعثها إليك معطرة بالحب..
هي ليست عتاب كلا! ولكنها من ديوان الوفاء..
أخي! هل لازلت تذكر ما كابدته أمك من الآلام, وما في قلبها من
المحبة والشفقة عليك؟.
حملتك تسعة أشهر وهناً على وهن. فكم لاقت من المشاق والمتاعب, وكم
سهرت من الليالي.
إن قامت عنّاها القيام، وإن أرادت النوم لم تهنأ عيناها بالمنام.
حملتك كُرهاً ووضعتك كرهاً. وكادت روحها تخرج قبل خروجك!
وكم من أم لم تلد إلا بشق بطنها. وكم من أم ماتت في نفاسها.
لما رأتك أمك ووقعت عينها عليك, واكتحلت لأول مرة بالنظر إليك؛ ذهب
عنها كل ما وجدت من الآلام, وأطربها صوت بكاءك ساعة مولدك حتى كان لأذنـها أطرب
الأصوات.
سهرت على رضاعتك الليالي الطوال. وسهرت ليلها وعينها بك مسرورة.
تغذوك من ثديها لبناً لا يحتاج إلى تعقيم أو تسخين أو تبريد. وإنما هو أنفع شيء
لجسمك. وألذ طعام وأهناه. لا يزعجها إلا جوعك. وأسوأ لياليها ليلةً قلَّ لبنها
عنك. فتهجر لذيذ منامها وتحتضنك بين يديها. وتضمك إلى صدرها عند الرضاع، فتغذوك مع
اللبن حباً وعطفاً وحناناً؛ فكان ثديها لك سقاءً، وحجرها لك حِواءً فعشت بين
أحشائها وفي حجرها ثلاثين شهراً.
وهل تذكر ما كانت تزيله عنك من الأذى بكفيها، ولم تطب نفسها حتى
نظّفت أقذارك بيديها. فلم تتأفف يوماً من أقذارك, وقد أصبحت اليوم تجفوها وتعصيها.
ألم تعلم أنك كنت لها أجمل أمانيها. فكم كانت ترجو أن تراك شاباً
يافعاً, وكم تمنت أن تراك رجلاً تحيطها ببرك ذاهباً وراجعاً.
بالله قم إن كانت أمك قريبةً منك فقبّل رأسها ورجليها..وإن سبقتك
إلى الدار الآخرة فاجتهد في الدعاء والبر مما وصّاك الله وبالغ في الإحسان إليها..
"أمي ! من أجلك ووفاءً بحقك أوصي كل من يحب أمه أن يجتهد في
برها".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق