نبذة موجزة عن الإيمان ومقتضياته.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
يجب على كل مسلم تحقيق إيمانه
عقيدة وقولا وعملا، كما جاء في حديث جبريل:" أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ، خَيْرِهِ وَشَرِّهِ ".( مسلم:٨).
١- يجب الإيمان بأن الله تعالى هو الإله المعبود بالحق، الذي لا شريك له، يقول الله سبحانه:[وَاعبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشرِكوا بِهِ شَيئًا ]. ويقول:[فَتَعالَى اللَّهُ المَلِكُ الحَقُّ لا إِلهَ إِلّا هُوَ رَبُّ العَرشِ الكَريمِ].ويقول:
[ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُم لا إِلهَ إِلّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيءٍ فَاعبُدوهُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ وَكيلٌ].
٢- وأنه سبحانه المالك المدبر لأمور خلقه، الفعال لمايريد، القوي العزيز [لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّميعُ البَصيرُ].
لا كفو له ولا مثيل له، ولا صاحبة له ولا ولد. يقول تعالى:[بَديعُ السَّماواتِ وَالأَرضِ أَنّى يَكونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَم تَكُن لَهُ صاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمٌ]. ويقول جلا وعلا:[قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ* اللَّهُ الصَّمَدُ* لَم يَلِد وَلَم يولَد* وَلَم يَكُن لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ].
٣- والإيمان بأن لله تعالى المشيئة النافذة، والحكمة التامة، فلا راد لقضائه ولا معقب لحكمه ، وأنه هو المحيي المميت، مالك الملك وعالم الغيب جل وعلا، يقول عز وجل:[إِنَّما أَمرُهُ إِذا أَرادَ شَيئًا أَن يَقولَ لَهُ كُن فَيَكونُ]، ويقول:.[وَإِن يَمسَسكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلّا هُوَ وَإِن يُرِدكَ بِخَيرٍ فَلا رادَّ لِفَضلِهِ يُصيبُ بِهِ مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ وَهُوَ الغَفورُ الرَّحيمُ] ويقول سبحانه: [وَهُوَ الَّذي خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ بِالحَقِّ وَيَومَ يَقولُ كُن فَيَكونُ قَولُهُ الحَقُّ وَلَهُ المُلكُ يَومَ يُنفَخُ فِي الصّورِ عالِمُ الغَيبِ وَالشَّهادَةِ وَهُوَ الحَكيمُ الخَبيرُ]. ويقول تعالى:[ وَعِندَهُ مَفاتِحُ الغَيبِ لا يَعلَمُها إِلّا هُوَ وَيَعلَمُ ما فِي البَرِّ وَالبَحرِ وَما تَسقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلّا يَعلَمُها وَلا حَبَّةٍ في ظُلُماتِ الأَرضِ وَلا رَطبٍ وَلا يابِسٍ إِلّا في كِتابٍ مُبينٍ].
٤- والإيمان بأسماء الله عز وجل الحسنى، وصفاته العلا، وأفعاله جل وعلا، وأن له تعالى الكمال المطلق من جميع الوجوه، يقول تعالى:[وَلِلَّهِ الأَسماءُ الحُسنى فَادعوهُ بِها وَذَرُوا الَّذينَ يُلحِدونَ في أَسمائِهِ سَيُجزَونَ ما كانوا يَعمَلونَ]. ويقول جلا وعلا: [هُوَ اللَّهُ الخالِقُ البارِئُ المُصَوِّرُ لَهُ الأَسماءُ الحُسنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالأَرضِ وَهُوَ العَزيزُ الحَكيمُ].
٥- كما يجب الإيمان بما تدل عليه أسماء الله سبحانه وصفاته، وبما تدل عليه وتتضمنه من آثارها العظيمة. فهو سبحانه المستحق وحده للحمد والتعظيم، يقول تعالى:[ وَقُلِ الحَمدُ لِلَّهِ الَّذي لَم يَتَّخِذ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَهُ شَريكٌ فِي المُلكِ وَلَم يَكُن لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرهُ تَكبيرًا].
٦-ويجب على المؤمن الحذر من التعرض لشيء من أسماء الله وصفاته بالتكييف أو التمثيل أو التعطيل أو التشبيه.
ويعظّم ربه عز وجل وينزهه فيثبت ما أثبته لنفسه، وينفي عنه مانفاه، ويكلُ العلم بكيفية صفاته سبحانه إليه.
٧ - ويؤمن بأن لصفات الله وأسمائه معاني تليق بجلاله تعالى.
فإن الصفات فرع عن الذات، وذات الله تعالى لا يعلم كيفتها أحد إلا هو سبحانه ، فكذلك صفاته عز وجل.
٨- والإيمان بالملائكة وأنهم عباد مكرمون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون مايؤمرون.
٩- والإيمان بكتب الله المنزلة على رسله ومنها: صحف إبراهيم والتوراة والإنجيل والزبور، ثم القرآن، وهو كلام الله الذي أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى:[ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا آمِنوا بِاللَّهِ وَرَسولِهِ وَالكِتابِ الَّذي نَزَّلَ عَلى رَسولِهِ وَالكِتابِ الَّذي أَنزَلَ مِن قَبلُ وَمَن يَكفُر بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَقَد ضَلَّ ضَلالًا بَعيدًا].
١٠-ثم يؤمن برسل الله تعالى عليهم الصلاة والسلام، وأنهم قد بلّغوا عن الله ما أُرسلوا به.
١١- وأن أفضلهم وإمامهم محمد صلى الله عليه وسلم ثم إبراهيم، ثم بقية أولي العزم..عليهم الصلاة والسلام جميعا.
١٢- ويعتقد أن طاعة النبي صلى الله عليه وسلم واجبة وأنها من طاعة الله عز وجل. وأنه صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى،كما قال الله تعالى: [وَما يَنطِقُ عَنِ الهَوى* إِن هُوَ إِلّا وَحيٌ يوحى].
١٣- ويجب تقديم محبته عليه الصلاة والسلام على محبة كل أحد سوى الله تعالى، قال النبي صلى الله عليه وسلم:" لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ".( البخاري:١٥)
كما يجب التأسي والاقتداء به عليه الصلاة والسلام، كما قال سبحانه:[ لَقَد كانَ لَكُم في رَسولِ اللَّهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كانَ يَرجُو اللَّهَ وَاليَومَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثيرًا].
١٤- كما يجب تعظيم سنته صلى الله عليه وسلم، والإيمان بأنها وحي من عند الله تعالى، والحكم بها كالحكم بكتاب الله."وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ ".[الترمذي:٢٦٦٤، ابن ماجه:١٢، أحمد'١٧١٩٤،الدارمي:٦٠٦].
و الإيمان بأن شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم واجب الاتباع، ولا يتعبد لله إلا بموجبه.
١٥- ويؤمن القدر خيره وشره من الله. وأن كل مايقضي الله تعالى قد سبق به الكتاب، وأن كل شيء بأجل مسمى، وقد كتب الله آجال الخلق وأرزاقهم قبل خلقهم، فلا يتقدم ولا يتأخر شيء عن حينه، يقول تعالى:[ إِنّا كُلَّ شَيءٍ خَلَقناهُ بِقَدَرٍ]. ويقول سبحانه: [ما أَصابَ مِن مُصيبَةٍ فِي الأَرضِ وَلا في أَنفُسِكُم إِلّا في كِتابٍ مِن قَبلِ أَن نَبرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسيرٌ].ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:"كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، قَالَ : وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ".(مسلم:٢٦٥٣)
١٦- ويجب على المؤمن القيام بما افترض الله عليه من العبادات من صلاة وزكاة و صوم وحج...
لقوله عليه الصلاة والسلام: " بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ : شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ ". ( البخاري:٨، ومسلم:١٦).
ويمتثل الأحكام الشرعية ويرضى بحكم الله تعالى ويسلّم له، كما في قوله تعالى: [إِنَّما كانَ قَولَ المُؤمِنينَ إِذا دُعوا إِلَى اللَّهِ وَرَسولِهِ لِيَحكُمَ بَينَهُم أَن يَقولوا سَمِعنا وَأَطَعنا وَأُولئِكَ هُمُ المُفلِحونَ].
وعليه أن يتخلق بأخلاق الإسلام ويتحلى آدابه.
١٧- يقوم بذلك كله كما أمر الله في كتابه وشرعه نبيه صلى الله عليه وسلم.. مخلصا قصده ونيته لله تعالى.
١٨- ويجتنب ما حرّم الله تعالى عليه ورسوله صلى الله عليه وسلم، طاعة وخشية لله تعالى.
١٩- ويؤمن باليوم الآخر من سؤال القبر ونعيمه وعذابه، وأحداث البعث والحشر والشفاعة والصراط، والجنة والنار. قال تعالى:[ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّهُ يُحيِي المَوتى وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ* وَأَنَّ السّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيبَ فيها وَأَنَّ اللَّهَ يَبعَثُ مَن فِي القُبور].
٢٠- وأن الله ينزل لفصل القضاء بين عباده فيحاسبهم..وتوزن أعمالهم فيجازيهم عليها، فيدخل المؤمنين الجنة برحمته، ويدخل الكفار النار بعدله، يقول الله سبحانه:[فَإِذا نُفِخَ فِي الصّورِ فَلا أَنسابَ بَينَهُم يَومَئِذٍ وَلا يَتَساءَلونَ* فَمَن ثَقُلَت مَوازينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ المُفلِحونَ* وَمَن خَفَّت مَوازينُهُ فَأُولئِكَ الَّذينَ خَسِروا أَنفُسَهُم في جَهَنَّمَ خالِدون].
فالمؤمنون خالدون في النعيم.، وأعلاه رضوان الله ورؤيته..
والكفار خالدون في عذاب الجحيم.
ويقول تعالى:[إِنَّ الَّذينَ كَفَروا مِن أَهلِ الكِتابِ وَالمُشرِكينَ في نارِ جَهَنَّمَ خالِدينَ فيها أُولئِكَ هُم شَرُّ البَرِيَّةِ* إِنَّ الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ هُم خَيرُ البَرِيَّةِ* جَزاؤُهُم عِندَ رَبِّهِم جَنّاتُ عَدنٍ تَجري مِن تَحتِهَا الأَنهارُ خالِدينَ فيها أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنهُم وَرَضوا عَنهُ ذلِكَ لِمَن خَشِيَ رَبَّهُ].
……….……
١٤٤١/٦/١٧
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق