الخميس، 27 فبراير 2020

صور من عداوة الشيطان


ينبغي أن نتذكر دائما أن الشيطان عدونا الأول، فإنه يزين القبيح، ويثقل الطاعة، ويثبط عن الخير، ويغري بالشر، يقول الله تعالى: {إِنَّ الشَّيطانَ لَكُم عَدُوٌّ فَاتَّخِذوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدعو حِزبَهُ لِيَكونوا مِن أَصحابِ السَّعيرِ}.
فقد حسد أبانا آدم عليه السلام، ولم يزل يوسوس له حتى أوقعه في المعصية، وكاد له حتى أخرجه من الجنة، قال الله تعالى:{فَأَزَلَّهُمَا الشَّيطانُ عَنها فَأَخرَجَهُما مِمّا كانا فيهِ وَقُلنَا اهبِطوا بَعضُكُم لِبَعضٍ عَدُوٌّ ..}.
ولم يكل أو يمل من الكيد لبني آدم فقد توعدهم بذلك،كما أخبرنا الله عنه أنه:{قالَ فَبِما أَغوَيتَني لَأَقعُدَنَّ لَهُم صِراطَكَ المُستَقيمَ* ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِن بَينِ أَيديهِم وَمِن خَلفِهِم وَعَن أَيمانِهِم وَعَن شَمائِلِهِم وَلا تَجِدُ أَكثَرَهُم شاكِرينَ}.
وكثير من الناس يعلمون عداوة الشيطان لهم، لكن منهم من يقع ضحية جهل وغفلة فيخدعه الشيطان بمكره ، ويغريه بالفتن، كما أخبر الله عنه وحذر منه في قوله:{إِنَّما يُريدُ الشَّيطانُ أَن يوقِعَ بَينَكُمُ العَداوَةَ وَالبَغضاءَ فِي الخَمرِ وَالمَيسِرِ وَيَصُدَّكُم عَن ذِكرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ ..}.
ويسلك الشيطان سبلا شتى لإغواء الناس وإضلالهم، حتى إذا سقط أحدهم في شراكه فإنه يخطمه ويقوده إلى الفواحش والمنكرات ، ولا يزال به يضله عن الحق ويعده ويمنيه ويغره عما يجب عليه، كما أخبر الله عن مكره في قوله تعالى:{يَعِدُهُم وَيُمَنّيهِم وَما يَعِدُهُمُ الشَّيطانُ إِلّا غُرورًا}.
وقد حذر الله جل وعز المؤمنين منه فقال:{يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَتَّبِعوا خُطُواتِ الشَّيطانِ وَمَن يَتَّبِع خُطُواتِ الشَّيطانِ فَإِنَّهُ يَأمُرُ بِالفَحشاءِ وَالمُنكَرِ..}.
وهو حريص على التحريش بين المؤمنين، يخالف بين قلوبهم ويفرق كلمتهم، ويبذل في سبيل ذلك غاية جهده ، ويبث فيهم أسباب الضغائن، ويزرع الإحن بينهم، فكم من قلوب تنافرت، وكم من رحم قطعت بما يلقيه بينهم الشيطان من نزغاته، يقول الله تعالى: {وَقُل لِعِبادي يَقولُوا الَّتي هِيَ أَحسَنُ إِنَّ الشَّيطانَ يَنزَغُ بَينَهُم إِنَّ الشَّيطانَ كانَ لِلإِنسانِ عَدُوًّا مُبينًا}.
ومن عداوته للمسلم أنه قد يوسوس له وهو بين يدي الله في الصلاة، فلا يزال،"يَخْطِرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ، يَقُولُ : اذْكُرْ كَذَا، اذْكُرْ كَذَا لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ، حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى".( البخاري:٦٠٨).
وقد يترصد لبعض الصالحين فيأتيه من باب الشهوة الخفية فيوقعه في الرياء ليحبط عمله وهو لا يشعر. وقعد لهم بطرق الخير يصد من انخدع بمكره، ويزيّن لهم أعمال الشر، {يَعِدُهُم وَيُمَنّيهِم وَما يَعِدُهُمُ الشَّيطانُ إِلّا غُرورًا}.
وسلاحه: تزيين الباطل والشهوات، وإلقاء الوساوس في الصدور وبث الشبهات.
ومهما بلغ من العدواة فإن كيده كان ضعيفا، فقد شرع الله للمسلم ما يحفظه من شر الشيطان وكيده، فمن ذلك :
- الاستعاذة بالله منه، يقول تعالى:{ وَإِمّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيطانِ نَزغٌ فَاستَعِذ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَميعٌ عَليمٌ * إِنَّ الَّذينَ اتَّقَوا إِذا مَسَّهُم طائِفٌ مِنَ الشَّيطانِ تَذَكَّروا فَإِذا هُم مُبصِرونَ}.
ويقول تعالى: { قُل أَعوذُ بِرَبِّ النّاسِ* مَلِكِ النّاسِ* إِلهِ النّاسِ* مِن شَرِّ الوَسواسِ الخَنّاسِ}.
-.عدم الاسترسال فيما يعرض له من الخواطر ، والانتهاء عن الوسوسة ، مع التعوذ كما في قول الله تعالى:{فَإِذا قَرَأتَ القُرآنَ فَاستَعِذ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ* إِنَّهُ لَيسَ لَهُ سُلطانٌ عَلَى الَّذينَ آمَنوا وَعَلى رَبِّهِم يَتَوَكَّلونَ* إِنَّما سُلطانُهُ عَلَى الَّذينَ يَتَوَلَّونَهُ وَالَّذينَ هُم بِهِ مُشرِكونَ}، وكما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بعض الصحابة عندما شكى إليه وسوسة الشيطان ، فقال صلى الله عليه وسلم:" يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ، فَيَقُولَ : مَنْ خَلَقَ كَذَا وَكَذَا ؟ حَتَّى يَقُولَ لَهُ : مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ ؟ فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ، فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ، وَلْيَنْتَهِ ".[البخاري:١٣٤].
- ذكر الله اسم تعالى، كما في الحديث" لَا تَقُلْ : تَعِسَ الشَّيْطَانُ ؛ فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ تَعَاظَمَ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الْبَيْتِ، وَيَقُولُ : بِقُوَّتِي. وَلَكِنْ قُلْ : بِاسْمِ اللَّهِ ؛ فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ تَصَاغَرَ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الذُّبَابِ ". (سنن أبي داود: ٤٩٨٢).
- كثرة الاستغفار والمداومة على الذكر، فإن ذلك مما يطرد الشيطان ويضعف كيده.
-----------------------------
١٤٤١/٧/١

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النتقون

                           المتقون  بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..  وبعد:  فإنّ المتقين هم المتصفون بالتقوى،  وهي فعل أ...