ينبغي أن نتذكر دائما
أن الشيطان عدونا الأول، فإنه يزين القبيح، ويثقل الطاعة، ويثبط عن الخير، ويغري
بالشر، يقول الله تعالى: {إِنَّ الشَّيطانَ لَكُم عَدُوٌّ فَاتَّخِذوهُ عَدُوًّا
إِنَّما يَدعو حِزبَهُ لِيَكونوا مِن أَصحابِ السَّعيرِ}.
فقد حسد أبانا آدم عليه
السلام، ولم يزل يوسوس له حتى أوقعه في المعصية، وكاد له حتى أخرجه من الجنة، قال
الله تعالى:{فَأَزَلَّهُمَا الشَّيطانُ عَنها فَأَخرَجَهُما مِمّا كانا فيهِ
وَقُلنَا اهبِطوا بَعضُكُم لِبَعضٍ عَدُوٌّ ..}.
ولم يكل أو يمل من
الكيد لبني آدم فقد توعدهم بذلك،كما أخبرنا الله عنه أنه:{قالَ فَبِما أَغوَيتَني
لَأَقعُدَنَّ لَهُم صِراطَكَ المُستَقيمَ* ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِن بَينِ أَيديهِم
وَمِن خَلفِهِم وَعَن أَيمانِهِم وَعَن شَمائِلِهِم وَلا تَجِدُ أَكثَرَهُم
شاكِرينَ}.
وكثير من الناس يعلمون
عداوة الشيطان لهم، لكن منهم من يقع ضحية جهل وغفلة فيخدعه الشيطان بمكره ، ويغريه
بالفتن، كما أخبر الله عنه وحذر منه في قوله:{إِنَّما يُريدُ الشَّيطانُ أَن
يوقِعَ بَينَكُمُ العَداوَةَ وَالبَغضاءَ فِي الخَمرِ وَالمَيسِرِ وَيَصُدَّكُم
عَن ذِكرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ ..}.
ويسلك الشيطان سبلا شتى
لإغواء الناس وإضلالهم، حتى إذا سقط أحدهم في شراكه فإنه يخطمه ويقوده إلى الفواحش
والمنكرات ، ولا يزال به يضله عن الحق ويعده ويمنيه ويغره عما يجب عليه، كما أخبر
الله عن مكره في قوله تعالى:{يَعِدُهُم وَيُمَنّيهِم وَما يَعِدُهُمُ الشَّيطانُ
إِلّا غُرورًا}.
وقد حذر الله جل وعز
المؤمنين منه فقال:{يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَتَّبِعوا خُطُواتِ
الشَّيطانِ وَمَن يَتَّبِع خُطُواتِ الشَّيطانِ فَإِنَّهُ يَأمُرُ بِالفَحشاءِ
وَالمُنكَرِ..}.
وهو حريص على التحريش
بين المؤمنين، يخالف بين قلوبهم ويفرق كلمتهم، ويبذل في سبيل ذلك غاية جهده ، ويبث
فيهم أسباب الضغائن، ويزرع الإحن بينهم، فكم من قلوب تنافرت، وكم من رحم قطعت بما
يلقيه بينهم الشيطان من نزغاته، يقول الله تعالى: {وَقُل لِعِبادي يَقولُوا الَّتي
هِيَ أَحسَنُ إِنَّ الشَّيطانَ يَنزَغُ بَينَهُم إِنَّ الشَّيطانَ كانَ لِلإِنسانِ
عَدُوًّا مُبينًا}.
ومن عداوته للمسلم أنه
قد يوسوس له وهو بين يدي الله في الصلاة، فلا يزال،"يَخْطِرَ بَيْنَ
الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ، يَقُولُ : اذْكُرْ كَذَا، اذْكُرْ كَذَا لِمَا لَمْ يَكُنْ
يَذْكُرُ، حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى".( البخاري:٦٠٨).
وقد يترصد لبعض
الصالحين فيأتيه من باب الشهوة الخفية فيوقعه في الرياء ليحبط عمله وهو لا يشعر. وقعد لهم بطرق الخير
يصد من انخدع بمكره، ويزيّن لهم أعمال الشر، {يَعِدُهُم وَيُمَنّيهِم وَما
يَعِدُهُمُ الشَّيطانُ إِلّا غُرورًا}.
وسلاحه: تزيين الباطل
والشهوات، وإلقاء الوساوس في الصدور وبث الشبهات.
ومهما بلغ من العدواة
فإن كيده كان ضعيفا، فقد شرع الله للمسلم ما يحفظه من شر الشيطان وكيده، فمن ذلك :
- الاستعاذة بالله منه،
يقول تعالى:{ وَإِمّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيطانِ نَزغٌ فَاستَعِذ بِاللَّهِ
إِنَّهُ سَميعٌ عَليمٌ * إِنَّ الَّذينَ اتَّقَوا إِذا مَسَّهُم طائِفٌ مِنَ
الشَّيطانِ تَذَكَّروا فَإِذا هُم مُبصِرونَ}.
ويقول تعالى: { قُل
أَعوذُ بِرَبِّ النّاسِ* مَلِكِ النّاسِ* إِلهِ النّاسِ* مِن شَرِّ الوَسواسِ
الخَنّاسِ}.
-.عدم الاسترسال فيما
يعرض له من الخواطر ، والانتهاء عن الوسوسة ، مع التعوذ كما في قول الله
تعالى:{فَإِذا قَرَأتَ القُرآنَ فَاستَعِذ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ*
إِنَّهُ لَيسَ لَهُ سُلطانٌ عَلَى الَّذينَ آمَنوا وَعَلى رَبِّهِم يَتَوَكَّلونَ*
إِنَّما سُلطانُهُ عَلَى الَّذينَ يَتَوَلَّونَهُ وَالَّذينَ هُم بِهِ مُشرِكونَ}،
وكما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بعض الصحابة عندما شكى إليه وسوسة الشيطان ،
فقال صلى الله عليه وسلم:" يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ، فَيَقُولَ :
مَنْ خَلَقَ كَذَا وَكَذَا ؟ حَتَّى يَقُولَ لَهُ : مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ ؟ فَإِذَا
بَلَغَ ذَلِكَ، فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ، وَلْيَنْتَهِ ".[البخاري:١٣٤].
- ذكر الله اسم تعالى،
كما في الحديث" لَا تَقُلْ : تَعِسَ الشَّيْطَانُ ؛ فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ
ذَلِكَ تَعَاظَمَ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الْبَيْتِ، وَيَقُولُ : بِقُوَّتِي.
وَلَكِنْ قُلْ : بِاسْمِ اللَّهِ ؛ فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ تَصَاغَرَ
حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الذُّبَابِ ". (سنن أبي داود: ٤٩٨٢).
- كثرة الاستغفار
والمداومة على الذكر، فإن ذلك مما يطرد الشيطان ويضعف كيده.
-----------------------------
١٤٤١/٧/١
١٤٤١/٧/١
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق