الأربعاء، 25 مايو 2022

وقفة مع قول الله تعالى: إنا كل شيء خلقناه بقدر

 وقفة مع قول الله عز وجل:{ إنّا كل شيء خلقناه بقدر}

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: 

 يخبر الله جل وعلا أنه خلق كل شيء في هذه الحياة الدنيا والآخرة، والعالم الأرضي والسماوي كل ذلك بقدر سبق من الله تعالى وفق علمه وحكمته سبحانه، فوقعت الأمور كما قضاها وقدرها في غاية الإحكام، فهو الخالق وحده لكل شيء، ومقدّر الأقدار كلها خيرها وشرها، ليس له شريك في ملكه أو حكمه أو أفعاله قال عز وجل: {وخلق كل شيء فقدّره تقديرًا} وامتدح نفسه تعالى فقال: { فقدرنا فنِعم القادرون}.

فالإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان. فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر الإيمان، قال: وتؤمن بالقدر خيره وشره".[صحيح مسلم:٨ ]

فالإيمان بالقدر باب عظيم النفع لمن تأمله وتمثل حقائقه.


فمن الفوائد والمسائل في ذلك: 

الأولى: أن يتلقى المؤمن قدر الله بالرضى به خيره وشره فهذا فيه مظهر من مظاهر العبودية لله والتسليم لأمره والإيمان بحكمته جل وعلا. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ ".[ سنن الترمذي: ٢٥١٦]

  الثانية:

 وهي الإيمان بأن ما قدره الله وقضاه على العبد هو خير له في الحقيقة علِم ذلك أم لم يعلم، فالتسليم لله بذلك من مقامات الإيمان بالله تعالى والتفويض إليه. 

الثالثة :

 أن يعلم العبد أن ما فاته وأخطأه من الأمور أنه ليس من قدره ولا مما كُتِب له. 

وهذا فيه الإيمان بحكمة الله تعالى وعلمه وقدرته. ﴿ وَإِن يَمۡسَسۡكَ ٱللَّهُ بِضُرّٖ فَلَا كَاشِفَ لَهُۥٓ إِلَّا هُوَۖ وَإِن يَمۡسَسۡكَ بِخَيۡرٖ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ ﴾.

وذلك مما يورث الرضا بقضاء الله وقدره. 

قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه لابنه، يابني:إنك لن تجد طعم الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك".[سنن أبي داود: ٤٧٠٠] فلا تأسف لما فاتك مما تظنه خيرًا، فإنك لا تعلم عاقبة ذلك، ولا تجزع مما أصابك من المكروه فلعله محمود العاقبة لك وأنت لاتعلم. 

الرابعة:

 الرضا بالقدر يورث القلب طمأنينة وقوة، يطمئن بأن هذا هو الاختيار الأفضل له، ويقوى قلبه بطلب مرضاة الله وبركته فيما قضى له.. 

الخامسة: 

ينبني على ذلك الحمد والشكر لله تعالى على ما قدره وقضاه مما يحبه العبد، والصبر على ما يكره. 

فانظر وفقك الله كم من العبادات تتحقق للعبد  بالإيمان بالقدر، وهي من آثاره وبركاته: 

اليقين، والرضا، والتسليم والحمد والصبر والشكر. 

___


١٤٤٣/٩/٢٥

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

من آداب سورة الحجرات

    من آداب سورة الحجرات قال الله عزوجل; ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّه...