وقفة مع أعمال الأبرار ونعيمهم في سورة الإنسان.
في هذه السورة الكريمة يخبر الله تعالى عمّا أعده للكافرين يوم القيامة من العذاب والنكال، حين يسحبون على وجوههم في النار، ويجرون في السلاسل والقيود والأغلال فيقول: { إِنَّاۤ أَعۡتَدۡنَا لِلۡكَـٰفِرِینَ سَلَـٰسِلَا۟ وَأَغۡلَـٰلࣰا وَسَعِیرًا }.
ثم ذكر الله جل وعلا في مقابل ذلك جزاء الأبرار ووصف نعيمهم، وأعمالهم التي هداهم الله للقيام بها -فأثابهم عليها ذلك الجزاء العظيم.
{إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ یَشۡرَبُونَ مِن كَأۡسࣲ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا }
ذكر الشراب البارد للأبرار في مقابل السعير للكفار..
وبيّن أنه من خمر ممزوج ومخلوط بالكافور، لطيِب ريحه وبرودته.
فهو من عين في الجنة يتروّون منها، ويفجرونها إلى حيث شاءوا من مجالسهم وقصورهم {عَیۡنࣰا یَشۡرَبُ بِهَا عِبَادُ ٱللَّهِ یُفَجِّرُونَهَا تَفۡجِیرࣰا}.
ثم ذكر تعالى صفات هؤلاء الأبرار وأعمالهم ، فقال تعالى:
-{یُوفُونَ بِٱلنَّذۡرِ}
-{وَیَخَافُونَ یَوۡمࣰا كَانَ شَرُّهُۥ مُسۡتَطِیرࣰا} ينتشر شره ويستطير.
ومن أعمالهم وصفاتهم:
- أنهم يطعمون الطعام مع حبهم له وحاجتهم إليه..إحسانًا منهم إلى المساكين واليتامى والأسرى..
{وَیُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسۡكِینࣰا وَیَتِیمࣰا وَأَسِیرًا}
وإنما يفعلون ذلك إخلاصًا منهم، يريدون به وجه الله جل وعلا ورجاء ثوابه ورضاه، قال تعالى عنهم :
{ إِنَّمَا نُطۡعِمُكُمۡ لِوَجۡهِ ٱللَّهِ}
{ لَا نُرِیدُ مِنكُمۡ جَزَاۤءࣰ وَلَا شُكُورًا}
إنما يرجون أن ينجيّهم ربهم في ذلك اليوم.{ إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا یَوۡمًا عَبُوسࣰا قَمۡطَرِیرࣰا}
يومٌ شديدٌ طويلٌ تعبس فيه الوجوه وتضيق الأنفاس. يومُ كان مِقۡدَارُهُ خَمۡسِینَ أَلۡفَ سَنَةࣲ.
{ فَوَقَىٰهُمُ ٱللَّهُ شَرَّ ذَ لِكَ ٱلۡیَوۡمِ }
ونجاهم الله، وأكرمهم، {وَلَقَّىٰهُمۡ نَضۡرَةࣰ وَسُرُورࣰا}.
بهجةً وإشراقاً وجمالاً في وجوههم وسرورًا وابتهاجًا في قلوبهم.
ثم زاد في إكرامهم، وعدد ما أنعم به عليهم فقال:
-{ وَجَزَىٰهُم بِمَا صَبَرُوا۟ جَنَّةࣰ وَحَرِیرࣰا }
-{مُّتَّكِـِٔینَ فِیهَا عَلَى ٱلۡأَرَاۤىِٕكِۖ لَا یَرَوۡنَ فِیهَا شَمۡسࣰا وَلَا زَمۡهَرِیرࣰا }
-{ وَدَانِیَةً عَلَیۡهِمۡ ظِلَـٰلُهَا وَذُلِّلَتۡ قُطُوفُهَا تَذۡلِیلࣰا }
-{ وَیُطَافُ عَلَیۡهِم بِـَٔانِیَةࣲ مِّن فِضَّةࣲ وَأَكۡوَابࣲ كَانَتۡ قَوَارِیرَا۠ قَوَارِیرَا۟ مِن فِضَّةࣲ قَدَّرُوهَا تَقۡدِیرࣰا } .
-{وَیُسۡقَوۡنَ فِیهَا كَأۡسࣰا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِیلًا} { عَیۡنࣰا فِیهَا تُسَمَّىٰ سَلۡسَبِیلࣰا}
-{ وَیَطُوفُ عَلَیۡهِمۡ وِلۡدَ انࣱ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَیۡتَهُمۡ حَسِبۡتَهُمۡ لُؤۡلُؤࣰا مَّنثُورࣰا }
-{ وَإِذَا رَأَیۡتَ ثَمَّ رَأَیۡتَ نَعِیمࣰا وَمُلۡكࣰا كَبِیرًا }
الله.. الله.! الله أكبر!
-{عَـٰلِیَهُمۡ ثِیَابُ سُندُسٍ خُضۡرࣱ وَإِسۡتَبۡرَقࣱۖ}
- وَحُلُّوۤا۟ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةࣲ}
-{ وَسَقَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡ شَرَابࣰا طَهُورًا}.
ثم ختم الله تعالى وصف نعيم الأبرار بذِكر فضله ومنته عليهم بحسن الجزاء فقال:
{إِنَّ هَـٰذَا كَانَ لَكُمۡ جَزَاۤءࣰ وَكَانَ سَعۡیُكُم مَّشۡكُورًا }.
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم! !
إقرأ وتدبّر وتأمل هذا النعيم، وبادر بالعمل، جعلني الله وإياك من أهله بفضله سبحانه وكرمه وتوفيقه.
"اللهم إنّا نسألك الجنة وماقرّب إليها من قولٍ وعمل.
ونعوذ بك من النار وما قرّب إليها من قول وعمل".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق