من يقرأ سورة نوح عليه السلام ويرى موقف قومه في كفرهم وعنادهم وإصرارهم على ما هم فيه من الضلال، قال نوح عليه السلام{وَإِنِّی كُلَّمَا دَعَوۡتُهُمۡ لِتَغۡفِرَ لَهُمۡ جَعَلُوۤا۟ أَصَـٰبِعَهُمۡ فِیۤ ءَاذَانِهِمۡ وَٱسۡتَغۡشَوۡا۟ ثِیَابَهُمۡ وَأَصَرُّوا۟ وَٱسۡتَكۡبَرُوا۟ ٱسۡتِكۡبَارࣰا }
ومع طول الزمان واجتهاد نوح عليه السلام في دعوتهم إلى الإيمان بالله، وصبره عليهم مئات السنين، فلما يئس منهم دعا عليهم فأخذهم الله بالطوفان.
من تأمل حالهم هذا فيما قصّه الله في هذه السورة ثم افتتح سورة الجن فقرأها{ قُلۡ أُوحِیَ إِلَیَّ أَنَّهُ ٱسۡتَمَعَ نَفَرࣱ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَقَالُوۤا۟ إِنَّا سَمِعۡنَا قُرۡءَانًا عَجَبࣰا • یَهۡدِیۤ إِلَى ٱلرُّشۡدِ فَـَٔامَنَّا بِهِۦۖ وَلَن نُّشۡرِكَ بِرَبِّنَاۤ أَحَدࣰا }
ثم تذكر ما حصل من تكذيب قوم نوح وكفرهم.
وتفكر في حال الجن والإنس في هاتين السورتين، فالأنس يشتد عنادهم وتكذيبهم بينما بادر الجن إلى الإيمان في لحظة استماعهم لداعي الله تعالى، بل ويشيدون بهذا القرآن ويثنون عليه ،كما قال الله عنهم{ یَهۡدِیۤ إِلَى ٱلرُّشۡدِ فَـَٔامَنَّا بِهِۦۖ وَلَن نُّشۡرِكَ بِرَبِّنَاۤ أَحَدࣰا }.
فمن تأمل حال الفريقين رأى العجب!
فالجن يبادر عقلاؤهم إلى الإيمان، بينما يشتد إعراض الإنس وتكذيبهم للحق!
ففي هذا تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم عن تكذيب الكفار له، وبشارة بأن يأتي الله بقوم يؤمنون به ، فكان من ذلك إيمان الجن به صلى الله عليه وسلم.
فكم لله في ذلك من حكمة!
كيف أسرعت الجن واستجابت لداعي الإيمان، وكيف جحد قوم نوح وكذبوا وأعرضوا!
فسبحان الله يهدي إلى الإيمان من سبق في علمه أنه يستحق ذلك ويضل من أعرض وأبى وإن كان عاقلاً سميعاً بصيرًا..
فلله الأمر من قبل ومن بعد {فَیُضِلُّ ٱللَّهُ مَن یَشَاۤءُ وَیَهۡدِی مَن یَشَاۤءُۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ }.
٢٩ شوال ١٤٤٦
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق