وقفة مع معنى الرَهَق..
ذكر له أهل اللغة لكلمة الرهق عدة معانٍ، تختلف باختلاف السياق الذي ترد فيه الكلمة.
فمن معاني الرهق: غشيان الأمر،
يقال: رهقه الأمر: إذا غشيه.
والتأخير. فيقال، مثلاً: أرهق القوم الصلاة إذا أخروها حتى يدنو وقت الصلاة الأخرى.
ومنها: الإعجال بعنف، والسفه، والمشقة، والجهل، والضلال. والعيب، والإثم.
قال الأعشى:
لا شيء ينفعني من دون رؤيتها
هل يشتفي وامقٌ ما لم يصب رهقا..
ومن الرهق، الإرهاق: بأن يُحمل الإنسان على شيء بكرهٍ منه وقهر.
ويطلق ويراد به تكليف الإنسان ما لا يطيق،
ومن معاني الإرهاق: الإعياء.
والعجيب في الأمر أن هذه الكلمة بما تحمله من المعاني لم ترد إلا في السور المكية.
الآيات التي ورد فيها الرهق:
الأولى: في سورة يونس قول الله تعالى:{لا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة} أي: لا يلحقها ولا يغشاها.
الآية الثانية: في سورة الكهف في قوله تعالى عن موسى :{ لا ترهقني من أمري عسرًا} أي: لا تكلفني، ولا تُلحِقني أمرًا عسيراً.
والثالثة أيضاً في سورة الكهف في قوله تعالى:{فخشينا أن يرهقهما طغياناً وكفراً}. ومعنى يرهقهما أي: يُلحِقهما مكروهًا.
والرابعة قوله تعالى في آخر سورة المعارج:{خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة}أي: تغشاهم .
والخامسة قوله تعالى في سورة الجن: {فزادوهم رهقًا} أي: طغيانًا وإثمًا وسفهًا وضلالاً.
والآية السادسة فيها أيضاً، قوله تعالى: {فلا يخاف بخسًا ولا رهقًا} أي: ظلمًا، وقيل: مكروهاً يغشاه..
والآية السابعة في سورة المدثر قوله تعالى:{سأرهقه صعوداً} أي: سأكلّفه ، وأْعنِته.
ومن نافلة القول:
توافق لفظ هذه الكلمة"الرهق" مع ما كانت عليه الأحوال في العهد المكي للدعوة، فقد كان يتسم بالشدة والعسر، لما حصل من مواقف المكذبين التي واجهها النبي صلى الله عليه وسلم ومن آمن معه..
فكم تحمّل المؤمنون من الأذى والتنكيل وتعذيب المشركين،
وظل الأمر يزداد عناءً وكرباً يوماً بعد يوم حتى أذن الله لهم بالهجرة وكشف عنهم تلك الشدائد التي أرهقت كواهلهم، وأبدلهم الله تعالى بالعسر يسراً، وبالخوف أمناً وفتحاً ونصراً، فله الحمد.
—----
١٤٤٦/١٢/١١
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق