حسبنا الله ونِعمَ الوكيل..
تفويض الأمر لله عز وجل، والرضا به وكيلاً.
هذه الكلمة العظيمة كانت سلاح الخليلين صلى الله عليهما وسلم في أشد المواقف بلاءً..
فإبراهيم عليه الصلاة والسلام قالها حين بلغت عداوة قومه له مداها فأججوا ناراً عظيمة فألقوه فيها ليحرقوه ..فتداركه الله برحمته وألهمه هذه الكلمة فقال: "حسبنا الله ونِعم الوكيل".. أي: الله ربي هو حسبي يكفيني و ينصرني، قد وكلته أمري وهو نِعم الوكيل، فجاء الأمر للنار حالًا { قلنا يانار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم} ..
-وكذلك قالها نبينا صلى الله عليه وسلم، في أحرج المواقف وأشدها، بعد أن عاد صلى الله عليه وسلم وأصحابه من غزوة أحد.. ودماء الجرحى لم تجف بعد.. وثرى قبور الشهداء ما زال ندياً، وقد رزئت المدينة بفقد سبعين شهيداً ، وطالت الجراح أكثر الجيش حتى نبي الله صلى الله عليه وسلم جرح في رأسه وفي وجهه الشريف ..في هذا الحال والجراح لا زالت تنزف والحزن يلف المدينة، في هذا الموقف يأتي الخبر المزعج المزلزل عن العدو أنه كر راجعاً إلى المدينة لاستئصال المسلمين.
فلما بلغ النبيَ صلى الله عليه وسلم الخبرُ، والحال ما ذُكر توجّه إلى مولاه قائلاً: حسبنا الله ونعم الوكيل..
في صحيح البخاري: (٤٥٦٣)
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إِبراهِيم حِينَ أُلقي في النَّار، وقالها محمَّدٌ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم حين قالُوا { إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}.
ثم عقّب الله تعالى على ذلك مخبراً عن ما أنعم به على نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين معه فقال:
{فَٱنقَلَبُوا۟ بِنِعۡمَةࣲ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡلࣲ لَّمۡ یَمۡسَسۡهُمۡ سُوۤءࣱ وَٱتَّبَعُوا۟ رِضۡوَ ٰنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ ذُو فَضۡلٍ عَظِیمٍ}.
وأخبر سبحانه كذلك عن كفايته وتأييده ونصره لنبيه صلى الله عليه وسلم فقال: { وَإِن یُرِیدُوۤا۟ أَن یَخۡدَعُوكَ فَإِنَّ حَسۡبَكَ ٱللَّهُۚ هُوَ ٱلَّذِیۤ أَیَّدَكَ بِنَصۡرِهِۦ وَبِٱلۡمُؤۡمِنِینَ }.
فمن الواجب على المسلم الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم والاهتداء بسنته، ومن ذلك أن يفوض أمره وما أهمه من الشدائد إلى الله تعالى، فيقول:حسبي الله ونعم الوكيل.. فإنه سبحانه حسيبه وكافيه. فقد تكفّل عز وجل بذلك كما في قوله سبحانه: { یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ حَسۡبُكَ ٱللَّهُ وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ }. فالله كافٍ نبيه، وكافٍ عباده المؤمنين، كما قال تعالى: {أَلَیۡسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبۡدَهُۥۖ }...
فحريٌّ بالمسلم إذا ما أهمه أمر ، أو سُدت بوجه الأبواب أن يرفع مسألته إلى ربه قائلاً: حسبنا الله ونعِم الوكيل.
يقولها وهو موقن أن الله حسبه وكافيه،
فهو سبحانه الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو الذي بيده ملكوت كل شيء، هو الذي يجير ولا يجار عليه، القوي القادر العزيز الحكيم.
وإن قال: {حَسۡبِیَ ٱللَّهُ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَۖ عَلَیۡهِ تَوَكَّلۡتُۖ وَهُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِیمِ }.
فليبشر بالفرج والتيسير وتحصيل المراد..
١٤٤٤/٦/٢٠
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق