الثلاثاء، 26 سبتمبر 2017

الابتلاء دليل الأصطفاء


    اقتضت حكمة الله سبحانه أن يبتلي عباده ويختبرهم كما قال تعالى{وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً  }، فمن اتقى نجا، ومن صبر ظفر، قال الله سبحانه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}.
سئل رسول صلى الله عليه وسلم، أي الناس أشد بلاء فقال: " الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل، فالأمثل من الناس، يبتلى الرجل على حسب دينه. .". ( أحمد وهذا لفظه، والترمذي وابن ماجه).
 
فلابد من ابتلاء المؤمنين بالبأساءوالضراء، حتى يظهر علم الله فيهم، فمن جاهد وصبر؛ استحق النصر ودخول الجنة. قال الله تعالى:{ وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ  وَبَشِّرِ الصَّابِرينَ }.
ولقد بلغ البلاء من أنبياء الله عليهم السلام أمورا.. لا تطيقها الجبال..!
فقد قُتل يحي وزكريا عليهما السلام، فهل ستذهب دماؤهما الزكية هدرا.!؟
وألقي خليل الرحمن صلى الله عليه وسلم في النار، في ذات الله.!
ومحمد صلى الله عليه وسلم أُخرج من بلده، أدميت قدميه، وشج وجهه الشريف.. وكسرت رباعيته… وقُتل أصحابه أمام عينيه…!
قدّر الله ذلك عليهم ابتلاءً منه  وتمحيصا ورفعة لهم، فرضي عنهم وأرضاهم.
وحسبك أن تتلو قول الله تعالى ﴿أَم حَسِبتُم أَن تَدخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمّا يَأتِكُم مَثَلُ الَّذينَ خَلَوا مِن قَبلِكُم مَسَّتهُمُ البَأساءُ وَالضَّرّاءُ وَزُلزِلوا حَتّى يَقولَ الرَّسولُ وَالَّذينَ آمَنوا مَعَهُ مَتى نَصرُ اللَّهِ﴾. ثم
تتوقف قليلا عند جملة( حتى يقول الرسول…).
وتتأملها قليلا ثم تتصور المواقف التي عاشها هذا الرسول حتى قال ذلك القول.!
وقول الله سبحانه: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ  فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ * أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا  سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ * مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ  وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ  إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}. فبالصدق والإخلاص والرجاء والمجاهدة يتجاوز الفتنة.
وكثير من الناس يستحضر نصوص الابتلاء من الآيات والأحاديث لكنه عند الاختبار يضعف ويضجر وينسى موعود الله جل وعز في قوله. { الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّـهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ *أُولَـٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ  وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ }.
إن مسّ بالسراء عم نعيمها ... .. وإن مس بالضراء أعقبها الأجر.
فمن العدة للبلاء الصبر ونبذ الوهن والاستكانة ،قال تعالى: ﴿وَكَأَيِّن مِن نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيّونَ كَثيرٌ فَما وَهَنوا لِما أَصابَهُم في سَبيلِ اللَّهِ وَما ضَعُفوا وَمَا استَكانوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصّابِرينَ﴾.
فليعلم المؤمن أنه ليس بعد العسر إلا اليسر، وليس بعد الشدة إلا الفرج، فلا ييأس ولا يحزن فإنه لن يغلب عسر يسرين{إنَ مع العسر يسرا*إنّ مع العسر يسر}. فالشدائد مهما عظمت والمحن مهما توالت فإنما هي تمحيص واختبار والعاقبة للتقوى، فقد قال الله عز وجل فيما أخبر عن نبيه موسى عليه السلام. {قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُواإ ِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ  وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}.
 فهذا وعده جل وعلا لعباده المتقين، {وَعْدَ اللَّهِ  لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.
………………
١٤٣٩/١/٥








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الذكر

              الذكر { یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱذۡكُرُوا۟ ٱللَّهَ ذِكۡرࣰا كثيراً } بسم الله والحمد والصلاة والسلام على رسوله..  وب...