أثر الكلمة الطيبة
للكلمة الطيبة أثر كبير على المتلقي، فإنها تأخذ بلبه قبل سمعه، فتعطف قلبه على المتكلم، وتجذبه كما يجذب المغناطيس الحديد..
وإن مما تتشنّف له الآذن وتصغي إليه القلوب، اللفظ الفصيح الوجيز والبيان البليغ، وهو مما يحمد من القول، فإن وفدًا قدِم على النبي صلى الله عليه فأعجبه كلامهم فقال: "إن من البيان لسحرًا".
على أن الكلمة لا تكون طيبة حتى يجتمع فيها وصفان: صدق القصد وحسن اللفظ.
فإذا تحقق ذلك، وكانت تحمل فكرةً صائبة، وهدفًا نبيلاً، أينعت ونفعت.
فربما فتح الكلام الطيب أفقًا رحبًا لعلماء ربانيين، وصنع جيلاً مميزًا من القادة والدعاة.
و سأقتصر على كلمات يسيرات، وجيزات صدرت من النبي صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه رضي الله عنهم، ثم نحاول الوقوف على بعض آثار تلك الكلمات لندرك فضل الكلمة الطيبة.
وسأترك المجال للفكر كي يسبح في عالم من المجد والسمو.!
فأولها: عندما قال النبي صلى الله وسلم عليه، لمعاذ رضي الله عنه :والله! إني لأحبك يا معاذ..!
ترى كيف كان وقع هذه الكلمة على قلب معاذ رضي الله عنه عندما سمع هذه الكلمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
لا أشك أن تلك الكلمة الطيبة قد تسللت إلى قلبه فملأته انشراحًا و نوراً وعلماً، فكان من علماء الصحابة وأعلمهم بالحلال والحرام. .
وثانيها: دعاؤه صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس، حينما قال: " اللهم علّمه التأويل وفقهه في الدين". فقد أثمرت هذه الدعوة عالمًا ربانيًا، فعُرِف رضي الله عنه، بحَبر الأمة وترجمان القرآن.
وثالثها: حينما قال عن عبد الله بن عمر "نِعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل". فلما بلغته رضي الله عنه كانت تلك الكلمة حافزًا له، فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلاً، فحسبكم بعبد الله علمًا وتعبدًا وزهدًا.
ورابعها: قال صلى الله عليه وسلم لما سمع قراءة أبي موسى الأشعري صلى الله عليه وسلم: "لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة، لقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داود".
فقال رضي الله عنه: لو علمت لحبّرته تحبيرًا.
وهذا بعض آثار قوله عليه الصلاة والسلام "الكلمة الطيبة صدقة".•
وبعد:
فما ذكرته كإشارة ودلالة على فضل الكلمة الطيبة وأثرها، كي نحرص جميعًا على اختيار الكلام الطيب في النصح والتوجيه والدعوة والتعليم والتربية.
__________________
° طرف من حديث أخرجه البخاري(٢٨٩١)، ومسلم (١٠٠٩)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق