الأربعاء، 25 مايو 2022

لا تكن عونًا للشيطان

   

   لا تكن عوناً للشيطان على نفسك.

   _____________________________


 قال أحدهم يشكو حاله، مستشعرًا تقصيره، يقول عن نفسه :" يقال لأمثالي: ما لجرح بميت إيلام".

 "لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي". 

 فكأن هذا القائل يشكو ضعف إيمانه، لما يرى من تغيّر حاله عما كان عليه قبل ذلك من النشاط في العبادة…

أقول وبالله التوفيق: 

التقصير والفتور والضعف يعتري الكثير، وهو من طبيعة البشر، والأمر في ذلك يسير، ففي الحديث:" لكُل عمل شِرَّةٌ - أي: نشاط - ولكل شرِة فترة، فمن كانت فترته إلى سنتي، فقد أفلح، ومن كانت إلى غير ذلك فقد هلك".

 ومع ذلك فشعور المسلم بالتقصير لا يبرر له لوم نفسه بمثل هذه العبارات، ففي هذه العبارات وأمثالها عدة محاذير.  

الأول: 

أن في ذلك معاونة للشيطان على النفس الأمارة بالسوء، فتفتح على العبد جبهتان، يقاوم ويصارع عدوين. 


الثاني: أن ذلك مما يُفرح الشيطان، فيزداد بغيًا وعدواناً، ويقود العبد إلى المزيد من التقصير من حيث لا يشعر، ويجلب عليه بخيله ورَجله، من الوساوس، والتثبيط عن الطاعة، والغم والوحشة، والشماتة. 

فإذا نال الشيطان ذلك أو بعضه سره ذلك وفرح أيما فرح، وشعر بالانتصار. 

فلنتأمل الحديث التالي فإنه يبين لنا بعض ما نحن فيه،  فقد كان أحد الصحابة رديف النبي صلى الله عليه وسلم فعثرت الدابة فقال الرجل: " تعس الشيطان". فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تقل تعس الشيطان، فإنك إذا قلت ذلك تعاظم حتى يكون مثل البيت ، ويقول:  بقوتي صرعته. ولكن قل بسم الله، فإنك إذا قلت ذلك تصاغر حتى يَكُونَ مثل الذباب".

فالمقصود أن لا يجعل المؤمن للشيطان عليه سبيلاً، وإنما يغالبه ويدفعه بالاستعانة بربه، ويدحره بذكر الله.  

 فكذلك الحال هنا، ينبغي مغالبة النفس والشيطان، بالاعتزاز بالله عز وجل، واستشعار ولايته سبحانه، والمجاهدة بفعل الطاعات، و طلب العون منه تعالى، وليبشر بالتأييد والتوفيق من الله ، يقول تعالى:{ وَٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ فِينَا لَنَهۡدِيَنَّهُمۡ سُبُلَنَاۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ}.


والثالث : أمر قد يخفى على بعض الناس، حيث يأتيهم التلبيس  من باب التواضع وخوف تزكية النفس. 

مما يجعل الإنسان أحيانا يستعمل ألفاظًا فيها من التثريب على النفس، والإزراء بها، بقصد دفع الرياء.. 

وهذا في نظري من الخطأ أيضاً..فالخوف من الرياء والحذر منه باب آخر. فلايمتنع المؤمن من فعل الطاعة خوفا من الرياء، فلعل للشيطان حظًا من ذلك، من حيث لا يشعر المؤمن.

فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم.  وقد حذرنا الله عداوة الشيطان وكيده فقال تعالى :{ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ لَكُمۡ عَدُوّٞ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًّاۚ إِنَّمَا يَدۡعُواْ حِزۡبَهُۥ لِيَكُونُواْ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ }.


الرابع: يخشى على المسلم إذا تمادى به ذلك أن يفتح على نفسه باباً لليأس من رحمة الله، وهذا أعظم مكائد الشيطان وأشدها خطراً.


الخامس: شكوى الحال لغير الله تعالى لا تجوز، فمن رأى من نفسه تقصيراً، فلا يشكه إلا لله، فهو سبحانه نِعم المولى ونِعم النصير. 

فمتى أحس بالتقصير فليدع ربه تضرعاً وخفية.. ويكثر من ذلك خصوصاً . 


السادس: أن المسلم قد يغفل عن نعمة الله بهدايته للإيمان وهي أجل النعم، فإن لم يستشعر قدرها فقد يقل شكره لله، وهذا فيه من جحود النعمة مافيه. 



 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

من آداب سورة الحجرات

    من آداب سورة الحجرات قال الله عزوجل; ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّه...