الخميس، 2 مارس 2023

التقليل من شأن العبادات

        التقليل من شأن العبادات .

قد نسمع أو نقرأ  مقالة تدعو للاهتمام بالمعاملات والأخلاق وهذا أمر حسن، ولكن قد يبالغ بعضهم في ذلك فيقدِّمها على العبادت، ومن ذلك أن بعض دعاة هذا المسلك قال صراحة:"لا تصح العبادات الشعائرية إلا إذا صحت العبادات التعاملية" .

ومعنى الكلام: أن الأخلاق كالصدق والوفاء والأمانة ونحو ذلك شرط لصحة العبادات كالصلاة  والصوم، ومقدّمة عليها..!  

وقد تُذكر جُمل وألفاظ مبهمة  يُفهم منها  أن من قصّر في عبادته فإنه لا ضير عليه إذا كان حسن الأخلاق والمعاملة..!

وهذا القول فيه مجازفة وبُعدٌ عن الحق حيث جعل الأخلاق والمعاملات شرطاً لصحة العبادات، وذلك مما يُشعِر بالتهوين من شأن أركان الدين.

فالتركيز على المعاملات وجعلها هي أساس الدين مفهوم خاطئ..

والأصل أن العبادات والمعاملات مبنية على صحة العقيدة، فإذا كمُلت أركان الإيمان والإسلام ، كان المسلم أميناً في معاملاته صادقاً في أقواله وأفعاله.. 

وكذلك إذا حصلت العناية بالعبادات كان لها الأثر الكبير في قبول وصلاح المعاملات ونفعها.

فانظر إلى قوله تعالى :{.. إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَاۤءِ وَٱلۡمُنكَرِۗ وَلَذِكۡرُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُۗ ..}

فقد جعل الله تعالى للصلاة أثراً يستدعي قيام عبادات أُخرى، كالنهي عن الفحشاء والمنكر، ثم أخبر الله سبحانه أن ما اشتملت عليه الصلاة من ذكر الله هو أكبر وأعظم العبادات، فكيف يغفل عن ذلك، وتقدم العناية بالمعاملات والإشادة بها، ويهوّن من شأن التوحيد والصلاة وبقية شعب الإيمان..؟! 

فإذا صحت العبادات وصلحت ، صلحت المعاملات.. قال تعالى: 

"إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه..".

فسّر ابن عباس ذلك بأن العمل الصالح يرفع الكلم الطيب.. 

يعني سبب لرفعه وقبوله.

وقد قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ عندما أرسله لليمن: " إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ تَعَالَى، فَإِذَا عَرَفُوا ذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ، فَإِذَا صَلَّوْا، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً فِي أَمْوَالِهِمْ، تُؤْخَذُ مِنْ غَنِيِّهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فَقِيرِهِمْ، فَإِذَا أَقَرُّوا بِذَلِكَ، فَخُذْ مِنْهُمْ، وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ ".[البخاري: ٤٣٧٤، ومسلم: ٣١ ]

فهذا يوضح أنّ الإيمان مراتب بعضها أفضل من بعض.. وتنزّل كل عبادة في مرتبتها، فأولها بعد التوحيد الصلاة ثم الصوم فالزكاة والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والوفاء بالعهد والصدق والبر.. وهكذا..

والواجب أداء العبادات والمعاملات جميعها بإخلاص كما شرعها الله في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

_____

١٤٤٤/٧/١٧


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

من آداب سورة الحجرات

    من آداب سورة الحجرات قال الله عزوجل; ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّه...