المؤمن حقاً من أقام أركان الإيمان اعتقاداً وإخلاصاً وتصديقاً في القلب، وعملاً وقولاً باللسان. والتزاماً بشرائع الدين كلها، كما قال الله تعالى:{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَئِك َهُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}.
فمن أسباب تقوية الإيمان وزيادته:
- العلم بالله تعالى والإخلاص له، وخشيته وتقواه، والرغبة والرهبة والإنابة إليه، وصدق التوكل عليه..
-أداء العبادات كما شرع الله من الصلاة والصوم وتلاوة القرآن بالتدبر، والصدقة والجهاد والبر والإحسان، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والذكر…
- الاجتهاد في هذه العبادات والسعى لتحقيق كل ما يمكن من شعب الإيمان؛ ليزداد المؤمن إيماناً وإخلاصاً، وترتفع بذلك درجته عند الله كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الإيمان بضع وسبعون شعبة أفضلها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان "..
-وإن مما يعين صاحب العزيمة الصادقة على تحصيل مراده من الإيمان القوي الكامل:
أن يتعرف على ما يعود عليه من الخير إذا كان قوي الإيمان، وأن يدرك الأخطار التي تصيب من كان ضعيف الإيمان فيجتنبها.
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن الإيمان ليخلق - أي: يبلى- في جوف أحدكم كما يخلق الثوب الخلِق, فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم". (الحاكم في المستدرك، والطبراني في الكبير. وصححه الألباني في الصحيحة: ١٥٨٥)
فإذا وفق الله العبد للهداية للإيمان فإن من شكر الله على ذلك سؤاله تعالى تمام النعمة بالاستقامة على دينه، والحرص على تحصيل الأسباب التي يزداد بها إيمانه وتقويه ليكون ممن قال فيهم سبحانه:{ وَیَزِیدُ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ٱهۡتَدَوۡا۟ هُدࣰىۗ}.
ومتى كان المؤمن عازماً على الفوز برضوان الله وجنته، وخائفاً من ربه مشفقاً من تقصيره، وتعرضه لسخط الله؛ فيغذيّ إيمانه بالأعمال الصالحة التي تقويه وتثبته. وليحذر كل ما يوهن دينه ويضعفه من الخطايا والسيئات، ومتى وقع في شيء من الخطايا بادر بالاستغفار والتوبة.
فمن المعلوم أن الإيمان يزيد بالطاعة والاستقامة وخصال البر، وينقص ويضعف بالمعاصي والذنوب.
فالمؤمن القوي في إيمانه ينال الشرف العظيم بمحبة الله جل وعلا له ؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:" المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ".
وكلما سعى المؤمن لتقوية إيمانه بالفرائض والنوافل وسائر الطاعات ؛ كلما كان أقرب إلى الله وأحب إليه. كما قال الله تعالى في الحديث القدسي:" ما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه ".
وصاحب الإيمان القوي واليقين الصادق له الأمن في الدنيا من الفتن، وله الأمن يوم الفزع الأكبر من العذاب.
ومن كان مدركاً لقدر نعمة الإيمان التي تفضل الله بها عليه، فلا شك أنه حريص على التزود من الطاعات التي تقوي إيمانه وترجح ميزانه، فلا يعرف العجز إلى قلبه سبيلا، ولا يتطرق الكسل والوهن إلى عزيمته. وهو مع ذلك دائم التضرع إلى مولاه أن يوفقه للإيمان الكامل ويثبته عليه.
فذلك هو المؤمن الصادق. القوي بعزمه وحزمه على طاعة ربه، وكل ما ينفعه في آخرته، ومتى نصح لنفسه فاجتهد في الأعمال التي ترضي ربه، وترفع درجته، وتقوي إيمانه. فلينافس في أعمال البر، ويسابق إلى الخيرات، ولا يزال ذلك شأنه ودأبه حتى يلقى ربه!
فلنجتهد في تقوية الإيمان ولنحرص على تجديده وتزكيته بالأعمال الصالحات. والحذر من التفريط في الطاعات أو الجراءة على المعاصي والسيئات.
فإن الإيمان ينمو بالعمل الصالح، ويزكو بالإخلاص واليقين والصدق والخوف من الله ورجائه، وصدق التوكل عليه تعالى, وحسن الإنابة إليه، ومراقبة الله عند أمره وشرعه.
اللهم اهدنا وسددنا وثبتنا على دينك وزدنا هداية وإخلاصاً وعوناً وتوفيقاً ياسميع الدعاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق