الأحد، 31 مايو 2015

الأمن مسؤولية من؟


    أمن هذه البلاد مسؤولية الجميع ، فمن حدث منه إخلال بالأمن  أو سعي بالإفساد في الأرض، فإنه يجب الأخذ على يده, وإقامة العقوبة الشرعية الرادعة له؛ فالرادع الشرعي يحقق الأمن الداخلي, والجهاد وتوعية الأمة بالأخطار المحيطة بها يحول دون أعداء الخارج وتحقيق أهدافهم.
وعلينا جميعاً وخصوصا الشباب الحذر من كل فكر مخالف لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وألا ينخدعوا بمن يدعو إلى الأفكار المنحرفة, أو يلبِّس عليهم الحقائق, لئلا يصبحوا مطية للأعداء ينفذون أهدافهم, ويثيرون الفتنة في بلادهم.
فإنما تبنى  الشعوب بصحة العقيدة والتربية المستقيمة والعلم وحسن التدبير وجمع الكلمة, وليس بالتفجير والتدمير وترويع الآمنين، وإزهاق دماء المعصومين.
وما حصل الجمعة الفائتة من التفجير بالقطيف, وما نجم عنه من وفيات وترويع للآمنين.
إنما تمّ بتدبير وتخطيط من أطراف معادية, وأيد خبيثة آثمة تريد زعزعة أمن هذه البلاد. فاجتمع في تلك الجريمة مكر حكومة إيران الرافضية, وعملائها من الخوارج. فقاموا بتنفيذ جريمتهم تنفيساً عن حقدهم وبغضهم للمؤمنين, خصوصاً بعد ما حصل من وقوف المملكة وحلفائها لنصرة أشقائهم في اليمن. فلما غاظهم ذلك ولم يستطيعوا المواجهة ؛ لجأوا إلى الدسائس الخبيثة يريدون بذلك إشغال المملكة عن مهمتها, ونشر الفوضى وتأجيج نار الفتنة.
وطائفة الشيعة شركاؤنا في الوطن - وإن كانت لهم عقائد باطلة- فإن لهم وعليهم من الحقوق مثل الذي لنا دون تفريق, لكن القيام بإثارة الفوضى ورفع شعارات موالية لإيران فذلك شقٌ لعصا الطاعة، وكفران للنعمة, وضرب بالوطنية عرض الحائط..!
ونحن في المملكة: الحكومة والمواطن لا يرضى أحد منا بالاعتداء على أي مواطن أو مقيم, فالجميع لهم الحق في العيش بأمان في ظل شرع الله الحنيف, الذي يكفل لهم الحياة الآمنة. فالمسلم والمعاهَد معصوم الدم والمال إلا بحق الإسلام.
 ولكن من الواجب على المواطن والمقيم معاً المشاركة في تحقيق الأمن, بأن يكفّ كل إنسان شره وعدوانه, ويحترم الحقوق التي كفلتها الشريعة للآخرين, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده, والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم".
ثم ليكن كل فرد منا عيناً ساهرةً لحفظ الأمن: مواطناً كان أو رجل أمن أو مقيماً. فالعابث بالأمن عدو لنا جميعاً, يجب الأخذ على يده, وألا يسمح له بترويع الآمنين أو نشر الفوضى تحت أية ذريعة.
.. وأخيراً: فكيد الأعداء مردود في نحورهم إن شاء الله, فإن هذه البلاد محفوظة بحفظ الله, ومنصورة ما نصرت دين الله.

                                                10/8/1436

الأحد، 24 مايو 2015

الإيمان والأمن.

   
الإيمان والأمن قرينان, فمتى وجد الإيمان؛ تحقق الأمن.
ومع كونهما ضرورة في كل زمان, فالناس اليوم أحوج ما يكونون للتذكير بأهميتهما, خصوصاً في ظل المتغيرات التي أحاطت بنا, والأحداث التي تعصف من حولنا.
 فبالإيمان تتحقق الآمال, وتتيسَّر الأرزاقُ, وبالأمن يعزّ الدين, ويسود العدل, وتحقَن الدّماء, وتصَان الأموال والأعراض, وتزدهر الحياة. ويأتي الحديث النبوي مقرراً لذلك, حيث يقول صلى الله عليه وسلم:” من أصبح منكم آمناً في سربه معافىً في جسده, عنده قوت يومه؛ فكأنما حيزت له الدنيا”.
ولكي ينعم الناس بنعمة الأمن فلابد لهم من القيام بالأسباب الكفيلة بتحقيقه.
وفي مقدمتها: الإيمان بالله, وتوحيده, واجتناب الشرك والبدع والمعاصي, وتنفيذُ أوامر الله, والقيام بفرائضه, والبُعد المحرمات؛ وذلك ما أشار إليه قوله تعالى:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمنوا مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدّلَنَّهُمْ مّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا}.
فالمحافظة على تعاليمِ الدينِ هي الأمنُ من كلِّ خوف، وهي العزّ من كلّ ذلّ، والقوَّة أمام كلِّ قوة، والأمان من الفتن.
ومن الأسباب الجالبة للأمن: تحقيق العدل وتحكيم الشرع , وإعطاء كل ذي حق حقه, والحذر من الظلم والشح, قال النبي صلى الله عليه وسلم:” اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة, واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم”. وقال عليه الصلاة والسلام:” يتقارب الزمان وينقص العمل ويلقى الشح ويكثر الهرج” قالوا: وما الهرج ؟ قال: “القتل القتل”.
فإذا حفظت الحقوقوعرف كلٌّ الحقَّ الذي له والذي عليه, وقام شرع الله وتحقق العدل؛ ساد الأمنٌ والطمأنينة, وعمّ الرخاء.
فالتعدّي على النّاس، بنهب أموالهم، أو سفكِ دمائهم، أو انتهاك أعراضِهم، يجعلهم جميعًا في دائرة الخوف والرُعب. متطلعين إلي واحة الأمن والإيمان.

لذا كان من أسباب تحقيق الأمن: الأخذ على أيدي العابثين بالأمن والاستقرار, من السفهاء والفساق والمجرمين الذين زين لهم الشيطان صنيعهم, ودفعهم إلى مزالق الشر أعداؤهم, فأضحوا مفسدين غير مصلحين, مستحقين للعقاب.

الاثنين، 18 مايو 2015

الشيخ : محمـد بن أحمـد بن كجم الشيخي رحمـه الله


                                               نبذه مختصره عن حياته :
      نسبه ومولده: هو الشيخ بن الشيخ:
محمد بن أحمد بن علي بن حسين" الملقب كجم" بن محمد الشيخي ينتهي نسبه إلى زين العابدين علي بن الحسين بن علي رضي الله عنه.*
أمه :فاطمة بنت أحمد السقماني.
     ولد بقرية المعترض بدوقة حوالي عام 1300 هـ  
     له من الإخوة : علي وكجم ومن الأخوات غيثـة ودلال وعنبرة *.
     توفي والده الشيخ: أحمد بن علي" شيخ أهل الساحل بالمعترض" - وابنه المترجم له- صغير, فتولى الشِيخة عبد الرحمن بن كجم, ولما توفي عاد المنصب لمحمد بن أحمد  إلى أن مرض مرضاً شديداً, ثم حوّل المنصب لمحمد بن عطية.
     زوجاته وأولاده :
تزوج كريمة أحمد العواجي وتوفيت ولم يعقب منها.
تزوج بعدها زهراء بنت محمد الأعجم ورزق منها:
 عبيد وهو أكبر أولاده, ودلال وفاطمة ومريم وإبراهيم وصالحة .
ثم تزوج مزينة بنت محمد بن عطية, وأنجبت له:
 علي وهياس وأحمد وحسين وكجم والحسن وغيثة الملقبة (نازحة)  وزهراء.
        من أعماله وصفاته المشهورة :
·       بنى المسجد الجامع بدوقة بقريته الشعبة تقام فيه صلاة الجمعة وسائر الصلوات, وكان يؤم الناس فيه .
·       كان مقصد الكثير من أبناء القبيلة للصلح في المنازعات .
·       اشتهر بالكرم وقل أن تخلو منـزالته من الضيوف والمساكين وعابري السبيل, وبالقرب منها بئره المعروفة بـ "محمدية ".

      ومن المواقف المشهورة له في الكرم: أنه كان في محفل ختان ووفدت عليه جموع غفيرة فلما رآهم استبشر وأنشأ يقول :
            مرحبا يا حاشرٍ مسري                    لبـلاد الحِزّ يسقيها
            المنصـري عيّد النصر                   حتى سباع الخبت يقريها.


·      عُـرِف بالصدق والأمانة والتقوى والكرم والديانة والذكاء.

ومن الأمثلة على أمانته وذكائه: انه باع مرة بمكة بيعة له ولما عدّ التاجر المبلغ  وكان ريالات فضة, تؤخذ مجموعات معلومة العدد وبسرعة عدها التاجر ثم قال: خذ المبلغ. فقال رحمه الله: أنت غلطان, فقال التاجر: لا ما أنا غلطان, يظهر أنك طماع, أو ندمت على السعر؟ , قال:لا! أنت غلطان على نفسك! فيه زيادة لك!! فعدّ المبلغ ثانية فوجده كما قال.   

    كان نزيهاً في بيعه وشرائه فقد سمعته مرة في سوق الأحد وقد سأله زبون قائلاً: يا عم محمد: كيف بضاعتك, يقصد جودتها- فقال رحمه الله: مادح الحاضر كذاب. يعني: يكفي نظرك إن أحببت أن تشتري, فهي أمامك فلا يصلح أن أمدحها.

     ومـما عرف عنه أنه لما كانت وقعة الاثنين بين المشاييخ والأشراف أنه كان يرمي ولا يصوب على أحد؛ وذلك تقوى منه لله تعالى, ودفاعاً عن النفس, وتخويفاً للخصم!
ومن كلماته رحمه الله :    مانتلقّاها شواطـح           وإن ابتلينـا نحتمي
                                نقرر كل قرن رامح      وفي اللقا نثّارة الدمي .

ومـما أنشده ولا أعلم هل هو من إنشائه أو مما يرويه:
أنا اشهد إن البيِض تغشاك يا عبد اللطيف
    يوم سـمت روحك مع جيرانك.
   واكِتب لك مت وأنت من الآيم بري
   ما سوى فعلتك من قال أنا شريف
  الحرازي  يقول مادري هو والشنبري  .
وعبد اللطيف هذا جار للجماعة, وهو أجنبي عنهم, لكنه وقف معهم في الحرب حتى قتل فيمدح بذلك  بينما يعتذر الحرازي والشنبري بعدم علمهم بالوقعة.

ومن أروع القصص التي تناقلها الركبان:
 أنه خرج مرة مع أحد أصحاب القوارب الشراعية في رحلة تجارية إلى الجنوب ومعه مالٌ له فضة فرانسة وجنيهات ذهب, فلما حاذوا بلدة البرك انقلب بهم القارب, فنجوا وغرق المال, وطلب من صاحب القارب أن يترك علامة في المكان الذي انقلب فيه, فلما وصلوا البرك طلب الغواصين للبحث عن المال في مياه البحر, فحضروا, وغطسوا عدة مرات حتى أعياهم البحث, ثم ذُكِر له غواصٌ مشهور يقال له:ريحان, فأرسل إليه, فلما حضر, غاص وبحث فوجد الزنبيل الذي به الفضة, فأخرجه, ثم غطس عدة مرات وخرج حتى تعب وقد سال الدم من أنفه,ثم استراح وعاود الغطس فوجد زنبيل الجنيهات وأخرجه, ولم يُفقد من المال بحمد الله شيء. فذبح رحمه الله خروفين شكراً لله ..

     ومن الأمثلة على كرمه رحمه الله وتقواه:
·       أنه أوقف بعض بلاده, ثم بعد مدّة رأى غيرها خيراً منها, فقال: لقد حررت الزهب الفلاني ونقلت الوقف إلى زهب خود - وهو خير البلاد وأكبرها وأحبها إليه - فراجعه من حضر من أبنائه, فقال: يقول الله تعالى:{لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}.
·      ولما توفيت زوجته الأولى كريمة أحمد العواجي رحمهم الله أخبره أهلها بأنهم أخرجوا حصته من ميراثها قطعة من خيرة المزارع. فأبى أن يأخذها زهدا وتعففاً . وقال أوقفوها لها أو تصرفوا بها كما تشاءون.

     ومن المواقف الطريفة في حياته:
أنه بعد ختان ابنه علي حضر بعض الأقارب المهنئين كالعادة, ومنهم: عديله: علي بن محمد أبو منقار مع أهله, فقال مرحباً بـهم:
      مرحبـا باللي لفونا                       صدقان وأرحام وأهلية
     عداد ما هبت الأرياح                   شـمال وأزيب ونجدية.
وفي ليلة الزواج الأخير لابنه علي: عام 1384هـ, قال في العرضة ليلة الدخلة:
     بالبـركة يا بن محمد                        عساه في حظ سعيد 
     إحنا بفضل الله نتحمد                    والناس في حج وعيد


    وفاته رحمـه الله:
     مرض في أواخر عمره فلما أشتد مرضه سافر إلى جده مع ابنه عبيد, وظل يتلقى العلاج في منـزل ابنه إبراهيم, حتى وافاه الأجل ليلة الجمعة عام: 1390هـ ودفن بمقبرة شاهر:1 بالنـزلة اليمانية،بمدينة جدة.  رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة!


                                                                              جمع  محمد بن علي بن محمد 10/رمضان/1432

سرة أبي رحمه الله وأعلى درجته في الجنة


               1-   نسبه ومولده ونشأته:
هو علي بن محمد بن أحمد بن علي بن حسين بن محمد كجم الشيخي.
ولد بدوقه قرية الشعبة عام 1351هـ ونشأ في رعاية الله تعالى ثم في رعاية والديه، فأبوه: الشيخ محمد بن أحمد كان شيخاً للقبيلة وهو عالمهم وإمامهم.
وأمـه: مُزينة بنت الشيخ محمد بن عطيه تزوجها أبوه بعد الخمسين من عمره , وهي الزوجة الثالثة له. فكان هو بكرها وأشقاؤه:نازحة وهياس وأحمد وزهراء وحسين وكجم والحسن, وإخوته من أبيه: عبيد وإبراهيم ودلال وفاطمة ومريم وصالحة.
 ولقد كان لمولده ونشأته مكانة عظيمة لدى والديه، وذلك لـما حباه الله من الصفات التي أحبه عليها البعيد والقريب..

               2-   تعليمه:
أخذ القرآن قراءةً على الشيخ عبده بن دعشوش وبعد أن ختمه تلاوة أخذ يتدرب على الكتابة والخط مقلداً كتابة المصحف حتى فتح الله عليه وأصبح يجيد القراءة والكتابة, وتعلم من بعض المدرسين الحرف الإنجليزية حتى تمكن من قراءة بعض الكلمات, ثم علمني الحروف الإنجليزية وأنا بالصف السادس .  

               3-   صفاته:
اتصف رحمه الله بصفات طيبة وأخلاق حميدة تفضّل الله بها عليه – وأنا هنا لا أذكرها إلا بعد أن سمعتها من الناس كثيراً يذكرونها ويثنون عليه بها – ولا أزكي والدي بذلك. ولكني أرجو أن أودي الأمانة فيما علمت عنه، كما أرجو أن يكون فوق ما  أعلم وآمل.
فأبرز صفاته رحمه الله: الصدق، والكرم, والحياء والعفاف، وحب العلم، والطيب والنظافة, واشتهر جمال الملبس والمظهر. وكان رحمه الله بشوشاً بسّاماً حسن الخلق سليم الصدر. متديناً, محافظاً على قيام الليل مداوماً على تلاوة القرآن بل كان الإمام الرسمي لمسجد القرية.
فإما الصدق فتلك صفة منحه الله إياها وكانت ظاهرة عليه حتى أحبه الناس, فكان لذلك الأثر الطيب في بيعه وشرائه وتعامله.
وأما الكرم فقد كان يشبه أباه في ذلك, مكرماً لضيوفه, فكانت منـزالته – مجلس معد للضيوف- مفتوحة لكل ضيف, وكذلك مجلسه في جدة.
ومما يدل على كرمه: أنه بنى مسجد القرية عندما تقادم بناؤه وعجز والده عن ذلك. وحفر بعض الآبار. فحفر بئر القرية بعد أن عجز والده عن ذلك، ثم حفر بئراً أخرى في القديح. وحفر بئراً ثالثة شرقي القرية في الطرف الشرقي من زهب خود, ولكن لم يظهر بها الماء وطال الحفر فقرر الحفّار تركها.
ومن ذلك: تجاوزه عن المعسرين من المديونين له من عملائه في الدكان, فلما سافر من دوقه إلى جدة وكان له عند كثير من الناس بقية حسابات فمن عجز عن السداد شطب على صفحته وكتب عليها " اللهم اعف عنه " وهذه عبارته, رأيت ذلك في دفتره وهو موجود عندي..
وأما حياؤه وعفافه فحدث عن ذلك  ولا حرج. فقد كان حيِياً لا ينطق بالسوء, ولم أسمع منه طول عمري – والله هذه شهادة – لم أسمع منه أنه سب إنساناً أو اغتابه. بل كان إذا جلس في مجلس فيه قوم يغتابون كان يتمعر وجهه غيظاً من ذلك.
وأما العفاف: فكل من عرفه أو سافر معه أو خالطه شهد له بذلك.
وقد سأله أبوه رحمه الله وهو في اكتمال شبابه ورجولته عن العفاف. فأجابه بجواب الواثق من نفسه الممتن بذلك لربه فقال أبوه: قد علمت أنك كما تقول.. اللهم فارفع درجتهما في عليين.
وأما حبه للعلم: كان رحمه الله محباً للعلم وكان مداوماً على قراءة القرآن ومحباً له، ويقرأ ما يقع له من الكتب، حتى أني رأيت بمنزلنا في دوقه كتاب بلوغ المرام. وقبيل وفاته كانت لديه مجموعة من الكتب, وقد بدأ يحفظ بعض أحاديث عمدة الأحكام. وإذا قرأت عليه شيء من التفسير رأيت التأثر عليه.
4-        زوجاته وأولاده: في عام 1371 هـ تقريباً تزوج مريم ابنت علي بن محمد أبو منقار, وهي ابنت خالته, فأنجبت: محمداً بكرهما. ثم فاطمة وعائض, وتوفيا صغيرين. وتوفيت رحمها الله رحمة واسعة حوالي عام 1378هـ .
 ثم تزوج أختها عقيلة في عام 1379, وولدت له: إبراهيم وتوفي طفلاً, ثم مزينة وعبد الله وبدران وزاهرة, وحسين  ومات صغيراً, وفهد وراجح.
وفي عام 1384هـ تزوج في ليلة عيد الضحى زاهرة ابنت أحمد بن سعيد بن معدي. وأنجبت له:نورة وفيصل وفاطمة وأحمد وحسان وريم ونازحة.ثم علي الذي ولد بعد وفاته بثمانية أشهر
5-            مهنته:
اشتغل في صباه مع والده في الزراعة كحال أهل القرى. وفي شبابه بدأ يزاول البيع والشراء فكان يشتري الدجاج من قرى حلي ويبه، ويبيعه بمكة.
وكان سوق الأحد بدوقة مشهوراً على الطريق الساحلي إلى مكة يمر به الحجاج والمسافرون بالقوافل ثم السيارات, فاشتغل بالبيع و الشراء في دكان والده , ولما انتقل الطريق إلى القديح افتتح له دكان مستقلاً، ظل فيه قرابة سنتين ثم بنى له دكاناً كبيراً، وكثر زبائنه. وسابق على إمامة مسجد قريته وفاز بها.
6-        انتقاله إلى جدة:
 حدثت فترة طويلة من الجفاف في كثير من الديار فهلكت الأنعام واشتدت الحاجة بالناس، فانتقل بعضهم إلى المدن، وفي عام 1392هـ انتقل إلى جده. وسكن في منزله بغليل بجوار أخيه هياس, وكان يزاول عمله في البيع والشراء ففتح بقالة بمنـزله بغليل, واتخذ مبسطاً في حراج بن محفوظ, واشترى له سيارة أجرة طراز شفرليت, موديل: 1966م, حمراء اللون وجعل لها سائقا, ولكن لم يدم الحال طويلا فقد قرر بيعها. وكان يزاول البيع والشراء في موسم الحج في مدينة الحجاج بالمطار. وفي رمضان كان له مبسط لبيع التمر في باب مكة, وظل على ذلك مدة حتى افتتح دكاناً بعمارة الموصلي. وتحسنت الأمور والحمد الله. فاشترى سيارة وانيت داتسون، ثم اشترى قطعة أرض. بطريق مكة كيلو 8، واشترى كذلك النصف الشرقي من بيت غليل, ثم بنى منـزلا جديداً بطريق مكة وانتقلت إليه الأسرة عام 1400هـ. ثم بدأ يعمل أيضاً ببيع السيارات في المعارض بطريق مكة كيلو 4 وشارع الإسكان. حتى افتتح معرضاً في مخطط المعارض بينه وبين أخيه كجم.

7-        وفاته رحمه الله:
كان كثيراً ما يشتكي من حصى في الكلى والمرارة, وراجع مستشفى الحرس. ويتعاهده الألم مرات عديدة. حتى راجع مستشفى سليمان فقيه وقرر الطبيب إجراء عملية استئصال للمرارة، ودخل المستشفى يوم السبت 4/ محرم / 1408هـ لإكمال الفحوصات وأجريت العملية يوم الاثنين ثم ادخل العناية وظل بها ليلة الثلاثاء ويومه إلى قريب الظهر ثم نقل إلى غرفته, وزاره ذلك اليوم عصراً الأهل والأولاد. ثم جاء الطبيب بعد المغرب وأمر له أن يتحرك ويجلس على كرسي لقرابة الساعة, وكان ذلك بعد المغرب وكان معه ذلك الوقت أنا وعمي هياس. ولما جاء وقت العشاء وأردنا أن نصلي مع الجماعة في الأسفل فقال لا انتظروا عندي قليلاً, وجلس قرابة الساعة ثم قال: اجلسوني على السرير. فقمنا بمساعدته بالنهوض من الكرسي إلى سريره ولما أراد أن يجلس على سريره اعتصره الأجل وازدادت ضربات واشتد نفسه, فقلت له: قل لا إله إلا الله يا أبي. فقال: لا إله إلا الله. لا إله إلا الله. وقال الثالثة: لا إله إلا الله. وقد تمدد على سريره في هدوء ثم فاضت روحه الطاهرة، رحمه الله وأكرم مثواه. وذلك الساعة التاسعة مساء الأربعاء 8/ محرم / 1408هـ وله من العمر 56 سنة. ودفن بمقبرة حواء بجدة من ضحي يوم الأربعاء.
أسأل الله أن يجعل قبره روضة من رياض الجنة. وأن يفسح له فيه، وأن يكرم نزله إن ربي كريم مجيب الدعاء.

8-        مواقف وقصص مشهورة:

*       أقرب المواقف مما كان في آخر حياته وذلك بالقرب من المستشفى ونحن في شارع فلسطين تلفت يميناً ويساراً ونظر ثم قال وقد رأى بعض البنايات العجيبة: لقد نسي بعض الناس الموت والدار الآخرة. أو نحو هذه الكلمة.
*       وموقف آخر يدل على حزمه وحرصه على الأمور الشرعية : أنه في يوم مغادرته المنزل إلى المستشفى دعاني في العصر. وقد كتبت وصيته من ثلاث نسخ واحدة لي واثنتان لعبد الله وبدران.
*     ومن المواقف التي يظهر فيها ورعه وقناعته : أن حكى لي أنه لما كان أيام دكان باب مكة وكان يصلي بمسجد العمودي رأه الشيخ أحمد العمودي صاحب المسجد والتاجر المعروف قال : فناولني في المسجد مبلغاً كبيراً من المال خفية بعد الصلاة, فقلت له : أنا بحمد الله في خير. أعطه من هو أحق به مني.
*       قصة أخرى طريفة حدثني عنها : قال : كنا مسافرين إلى مكة قديماً في سيارة فرت, قال: وقد أصاب بعض الناس في ذلك الزمان مرض يسمونه أبو الركب, وكان السائق مصاباً به. قال ولما وصلنا حول البيضاء قرب مكة ، قال لم نشعر إلا وقد انحرفت السيارة ثم انقلبت بنا. قال: كنت أنا  على كوم من الخصف, وفي أثناء الانقلاب طار الخصف وأنا عليه وبينما كنت في الهواء إذا سقطت في حجري طفلة من الركاب فاحتضنتها حتى وقعت على الأرض, كما أنا على الخصف سليماً والحمد لله. وإذا الناس مصابين هذا يئن وذاك يصيح, قال: وانطلقت ابحث على رفيق معي: وهو محمد بن حسين ابن أختي فوجدته مغمى عليه فحركته وحاولت إفاقته فلم يفق إلا صباح اليوم التالي، فقال: أش حصل؟ قلت: انقلبت السيارة.عسى سلمت ما بك شيء؟ قال: الحمد لله.
*            ومن المواقف المشهورة : أنه كان في حج أحد الأعوام اشتغل هو وأخوه كجم بالبيع والشراء في شبك منى يوم العيد. فاشترى بقرة من رجل يمني وأخذناها لسوقها لنقترب من باب الشبك, لأن البيع هناك فيه ربح طيب. ثم مررنا بجماعه نعرفهم من جماعتنا. وإذا بهم لما رأونا يصيحون: بقرتك يا عثمان، بقرتك يا عثمان.! واجتمعوا علينا. فأخبرناهم أننا اشتريناها، فاسمعونا كلاماً قبيحاً وادّعوا أننا سرقناها. وتدخل بعض أهل الخير فقالوا أعقلوا البقرة إلى آخر النهار. فرجعنا وقد كان موقفاً عصيباً جداً على الوالد فإن أشد ما عليه أن ينسب إليه شيء مما أدعاه ذلك الرجل. ثم سرنا قليلاً وإذا برجل معه ثور يجره للبيع, فقال عمي كجم: هذا صاحبنا,وصبرنا لنتحقق منه, وساومناه في الثور، وقال عمي كجم: راعينا فإنك لم تراعنا في ثمن البقرة التي اشتريناها منك قبل قليل، فقال : لا والله ما زودت عليكم, ويمكن أنكم كسبتم فيها الكثير. عند ذلك تحققنا أنه صاحبنا, فأخذناه بالحيلة, وقلنا: ساعدنا بالثور واسحب معنا, وقد أحكمنا عليه قبضتنا, فتوجهنا نحو الجماعة, فلما اقتربنا منهم وإذا بمجموعة أخرى يصيحون بنا : ثورك يا فلان!, وأحاطوا به, واخذوا الثور منه, وعلموا أنه السارق, فضربوه. وكان ذلك بحضور الجماعة الذين اتهمونا بالبقرة, فقال: محمد بن أحمد بن رضي بأعلى صوته: يا جماعة أخبروني من يجد في هذا المكان وهذا اليوم ضيّعته؟ يا عثمان!-يعني صاحب البقرة المسروقة الذي اتهمنا بها- ما تعرف هؤلاء؟! هؤلاء أبوهم محمد بن أحمد الذي سقط ماله في البحر وسلم. فخجل صاحبهم على رؤوس الملأ, وأعطانا ثمن البقرة.
*            قصة وادي غران:ذهب هو وعمي كجم وأخي عبدالله لشراء تراكتر, ولما وصلوا وادي غران وجدوا السيل قد سبقهم وقطع عليهم الطريق, وقد وقف الناس على الضفة ينتظرون, ولكن عمي كجم ظن أنه يمكنهم  قطع السيل فسيارتهم جمس قوية وعالية, فنزل الوادي والناس يصيحون محذرين, ولكنه مضى حتى انتصف الوادي وقد زادت قوة  السيل, مما أضعف التحكم بالقيادة حتى انحرفت السارة ثم توقفت, وداهمهم الماء, فارتقوا سقف السارة, والناس ينظرون ولا يستطيعون إنقاذهم, وظلوا على ذلك الحال محاصرين حتى آخر النهار, وقد خفت قوة السيل, ثم جاءهم  رجل معه شيول حتى اقترب منهم, وقفزوا في بكت الشيول وأخرجهم إلى ضفة الوادي, وقد وبلغ بهم الجهد والخوف غايته.
*             وأذكر من وصاياه: كنا ذات ليلة عائدين من باب مكة مشياً على الأقدام نحو سوق اليمنة لنركب الأتوبيس إلى البيت بغليل. فقال لي: ترى أجمل وأحسن شيء في الرجل أن يكون ثوبه وبدنه نظيفاً ولا يلتفت إلى فلان أو يقلد علان. هذي ماهي رجالة.
*             من صفاته رحمه الله العفو والتجاوز عن المخطئ، اذكر موقفاً حصل له مع شريك له اختلفا بعد مدة على الحساب بينهما مع أنه كان رحمه الله أحرص ما يكون على تسجيل وضبط كل شيء لكن شريكه هذا غالطه في مبلغ كبير من المال. وقد اهتم لذلك.. حتى عرفت ذلك فقلت له ما فتح الله لي تلك الساعة, فإذا هو قد تهلل وجهه وسرى عنه. فيما أرى وأحسب والله أعلم. ولم يعد يذكر ذلك الموضوع.
*             ومرة كنت أقرأ عليه رحمه الله 1407 هـ في منزله بحي الروابي بعد الظهيرة من كتاب ظلال القرآن لسيد قطب رحمه الله في تفسير سورة الحاقة " قول الله سبحانه:     ( يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافيه ) قال: سيد: فالكل مكشوف. مكشوف النفس، مكشوف الضمير، مكشوف العمل، مكشوف المصير، وتسقط جميع الأستار التي كانت تحجب الأسرار، وتتعرى النفوس تعرى الأجساد، وتبرز العيوب بروز الشهود. ويتجرد الإنسان من حيطه ومن مكره ومن تدبيره ومن شعوره، ويفتضح منه ما كان حريصاً على أن يستره حتى عن نفسه! وما أقسى الفضيحة على الملأ, وما أخزاها على عيون الجموع ! أما عين الله فكل خافية مكشوفة لها في كل آن." وبينما كنت مستغرقاً في القراءة وإذا بي أحس صوتاً غريباً فانتبهت وإذا هو رحمه الله يجهش بالبكاء ويحاول كتمانه, وهذا مما يدل على خشيته لله وإخلاصه والله اعلم.!
ولئن غاب شخصه ففي سويداء القلب محبته.
كلما مد الفراق بيني وبينه رواقه ، كلما اعتصر الشوق فؤادي المكلوم. 
فشوقي لرؤيا محياه أعظم من شوق المريض للشفاء ، وأشد تلهفا من حاجة الضمآن للماء.
كل ذلك تعبير.. وأما الحقيقة فهي فوق الوصف.
أبي!
أجمل من رأته عيني وأحب ‏الناس إلى بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
يا أكرم الناس بعد الرُسلِ والصحبِ لديّ وأحبهم بعد النبي إلى القلبِ.
اللهم يارب!
يا من تنزه عن الوالد والولد اجمعني بوالديّ في دار الخلد في جوار نبيك صلى الله عليه وسلم.
اللهم واغفرلي ولهما وللمؤمنين يوم يقوم الحساب.

قال الشاعر المبدع والصديق الوفي زيد الأنصاري: ١٤٤٢/٩/٧ .
جَزَاة اللهُ عنكم كل خير  ...   وأسكنه الفسيح من الجنان
جنان ناعمات عاليات   .....  قد ازدانت بخيرات حسان 
ويرضى الله عنه بلا حساب  ....ويرضى عنه فيها الوالدان..
                            ********
...هذا ما تيسر جمعه الآن ولاشك أنه قد فاتني الكثير الطيب من أخباره.
وأسأل الله تعالى أن يحرم وجهه على النار, وأن يدخله ووالديه الجنة بغير حساب, وأن يجعل منـزلهم الفردوس الأعلى, إن ربي جواد بر رحيم.وصلى الله وسلم على محمد وآله.       
   ---                                              محمد بن علي ٢٨/شوال/١٤٣٣


الأحد، 17 مايو 2015

نباتات تهامية (في دوقة).

                    
* نباتات عشبية تأكلها الحيوانات:
 الإيدمان / القتيب/ العرقص/ الإكرير/ الحُلّييب/ الإروى/الخيمصان/ العشم/ الحدق/ الحمييض/الضميّا/ لسان البقرة / العيفقان/ الزغف أو السحاء/  الحشيش/ الأيبد/ السعد / السفواء لحية التيس/ القرمل/ الصقل / البقل/ القطبة/ العشرق/ والضرم.
 * نباتات يأكلها الإنسان والحيوان: 
الصقل أو الشدخ وأظنه الخردل.
 العيفقان: وتؤكل مطبوخة. 
الرجلة العثري: وتؤكل نيّة ومطبوخة وتختلف عن البستاني .
والحريشاء:  وتعرف ايضا بالبصل البرى، أوالعنصل، ويؤكل أصله حلو حريف يشبه البصل ولا رائحة له.
 والحمييض:  يؤكل .
 والوييكة: وهي الملوخية العثري البرية تختلف عن البستاني بأنها منفرشة على الأرض . مثل الرجلة .
الشُطب:وهو العتر,وتسمي نبتة الدينار لأن ورقها يشبه الدينار وهي نبتة صحراوية حولية ومن عجائبها أنها لا تنبت منها نبتتين متقاربتين. وتصل المسافة بينهما إلى بضعة أمتار، وتؤكل الأوراق والجراء وتسمى الكعابيش.
* نباتات عطرية: الضيمران وهو الريحان البري./ السُكب.
*نباتات غير عشبية : الرين/ العشر/الطرف/السنا/ المرخ/التنضب/ الحمض/الحلفا/ مساويك الجن/ الغاقة وهي نبتة عجيبة يقال أن الثعابين تنفر منها ولا تقربها. وفيها علاج لسم الحنش.
* أشجار معمرة معروفة في أغلب المناطق:
 الأثل / السدر/ القضب / الأراك/ السلم / السمر.










السبت، 16 مايو 2015

حديث: وله مثل أجر من صلى معه.

  هل من ردد مع المؤذن وقال مثل ما يقول يكون له مثل أجر من صلى معه.؟
 فقد جمع بعضهم بينه وبين حديث قل كما يقولون.." وبنى عليه فضيلة أن من قال كما يقول المؤذن فله مثل أجر من صلى معه.
·       عن البراء رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: إن الله وملائكته يصلون على الصف المقدم، والمؤذن يغفر له مد صوته، يصدقه من سمعه من رطب ويابس، (وله مثل أجر من صلى معه). رواه أبوداود والنسائي وأحمد، وهو صحيح.
لكن جملة (وله مثل أجر من صلى معه) ضعفها الشيخ شعيب الأرنؤوط في تخريج المسند ، وكذلك الشيخ مقبل الوادعي في كتاب أحاديث معلة ظاهره الصحة ص: 67.
·       والحديث الآخر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله رجل: إن المؤذنين يفضلوننا. فقال صلى الله عليه وسلم: "قل كما يقولون فإذا انتهيت فسل تعطه". عن عبد الله بن عمرو أخرجه أبو داود والنسائي وغيرهما وحسنه الألباني.
فإنما في هذا الحديث التوجيه بسؤال الله فإن الله يعطيه سؤله. ولم يذكر أن من قال كما يقول فله مثل أجر من صلى معه,ولا علاقة له بما قبله. والله أعلم.

25/7/1436

الأربعاء، 13 مايو 2015

من وصايا رسول الله

                         
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله, وبعد:
فإن من أجلِّ نعم الله على المؤمنين هدايتهم للإيمان وتنـزيل السنة والقرآن على نبيه محمد r, وقد نبّه الله إلى ذلك وأمتنّ به فقال سبحانه وتعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ } .
فكل إنسان يبحث عن الأمان، ويسعى جاهداً ليعيش في سعادة واطمئنان. ولكن الحياة الدنيا مطبوعة على الكدر والعناء، وخيرها ممزوج بالشر في كثير من الأحيان. لا يدوم سرورها، ولا يصفو من التكدر عيشها هكذا هو حال الدنيا .
ولكن من رحمة الله بعباده ولطفه بهم أن  بيّن لهم طريق السلامة من كل شر، ونادى نبيه r ألا هلم إلى سبيل النجاة. فما ترك شيئاً من الخير إلا دل عليه ولا شيئاً إلا حذر منه.
       فعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعظنا رسول الله r  موعظة بليغة وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا يا رسول الله: كأنها موعظة مودع، فأوصنا. قال:" أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبدٌ، وإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة".
       فيا أيها المسلم: متى ادلهمت عليك الخطوب وتشعبت بك الدروب فتذكر وصايا الناصح الأمين , فالأولى:وصيته بتقوى الله والتمسك بسنته r.
       ففي تقوى الله الأمان من كل بلاء في الدنيا والآخرة، وفي الاعتصام بالسنة نجاة من الضلال والبدع التي تقود إلى الهلاك والعذاب.
       كيف يهلك من جعل كتاب الله إمامه وهاديه، فاهتدى بهداه؟

أم كيف يضل الله من استمسك بسنة رسول الله واستضاء بسناه.{يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا }.{ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا
النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }.{ وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم
به لعلكم تتقون}.
        إن إتباع صراط الله إنما يكون بتقوى الله تعالى، فالسعيد من اتقى الله وعمل بما في كتاب الله.
فقد نال الرشد والهدى من أخذ بحظه من ذلك , وأمن من الضلال والردى.
       والوصية الثانية بعد تقوى الله: "السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين ففيها سعادة الدنيا، وبها تنظم مصالح العباد في معايشهم، وبها يستعينون على إظهار دينهم وطاعة ربهم".( جامع العلوم لابن رجب)

يقول الله عز وجل: { أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا
الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ  }.
       ثم الوصية الثالثة: التمسك بالسنة والحفاظ عليها: يقول النبيr : "يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا: كتاب الله و سنة نبيه r ".(مالك والبيهقي والحاكم)
فالاعتصام بكتاب الله وسنة نبيه فيه النجاة من البدع والأهواء في الدنيا، والأمن من العذاب يوم القيامة.
       فإن من شفقة رسول الله r أن أمر أمته بالاعتصام بسنته فقال: "فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ" .
       "والسنَّة هي الطريقة المسلوكة، فيشمل ذلك التمسُّك بما كان عليه هو وخلفاؤه الراشدون من الاعتقادات والأعمال والأقوال، وهذه هي السنَّة الكاملة، ولهذا كان السلف قديماً لا يطلقون اسم السنَّة إلاَّ على ما يشمل ذلك كلَّه". (جامع العلوم لابن رجب:2/120)
فالواجب امتثال كل ما أمر به النبيr , واجتناب كل ما نهى عنه، والمبالغة في التمسك بالسنة والمحافظة عليها. والحذر من مخالفة أمره r والإعراض عن سنته وهديه, فقد قال الله تعالى:{ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ  } قال الإمام أحمد:" أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك لعله إذا رد بعض أمره أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك" (الإبانة لابن بطة، جـ1، ص260).
و"أمر رسول الله r سبيله، هو منهاجه وطريقته وسنته وشريعته فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله، فما وافق ذلك قبل، وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله كائناً من كان (تفسير ابن كثير، جـ6، ص97).
فمن أعظم التمسك والعمل بسنة المصطفى r الرجوع إليها مع كتاب الله تعالى عند التنازع وردّ الأمور إليها، لا إلى قوانين البشر، ولا يتحقق إيمان لأحد إذا لم يكن احتكامه للكتاب والسنة، قال تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخرِ}.
وكما قال العلماء فالرد يكون إليه r في حياته وإلى سنته بعد مماته، وقال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}، وقال جل وعلا: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الخيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا}.
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله:"إن سنة النبي كالقرآن في وجوب العمل بها حسب ما يقتضيه الدليل من ايجاب أو استحباب, أو إباحة, أو كراهة أو تحريم". (رسالة التمسك بالسنة ص 10).
      فالرغبة عن السنة والزهد فيها, أوترك العمل بها خصوصاً ما كان منها على سبيل الفرض خطر عظيم, وأخطر من ذلك الاستهزاء بها, فإن في ذلك سوء أدب مع الله تعالى الذي أرسل نبيه r وأنزل عليه وحيه فقال سبحانه: { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }.
       ومن المعلوم أن أقرب الوسائل إلى الله:تقوى الله وإنما يكون ذلك بالعمل بكتابه عز وجل وملازمة سنة رسوله r، والوقوف معها في الظاهر والباطن ودوام الافتقار إلى الله وإرادة وجهه بالأقوال والأفعال. فلا شك أن الرشد والسعادة في الاهتداء بهدي النبي r، وأن الغواية والضلال في مخالفة هديه.
فمن آمن بالله مخلصاً له الدين، واعتصم بسنة النبيr  فهو المهتدي والسائر على الصراط المستقيم، وكان ذلك علامة على حبه للنبي r, فقد جاء رجل إلى رسول الله r فقال: يا رسول الله كيف تقول في رجل أحب قوماً ولم يلحق بهم؟ فقال رسول الله r "المرء مع من أحب". فمن كان محبًّا صادقًا لرسول الله r، فليتخلق بأخلاقهr, وليهتدي بهديه.
   ومن ابتغى إلى الحق والهدى سبيلاً غير سبيل محمد r فلن يدرك ما أراد، وسيقوده شيطانه وهواه إلى عذاب الجحيم.
فاستمسك أيها المسلم بسنة نبيك r، متذكراً قوله:"إن من ورائكم أيام الصبر، للمُتمسك فيهن بما أنتم عليه أجرُ خمسين منكم، قالوا: يا نبي الله أو منهم؟ قال: بل منكم".
 وتعرّف على  ما لنبيك r من الحقوق والواجبات فأدّها على أكمل وجه, فإن طوق النجاة من الفتن والأهواء في  الاعتصام بسنته rوالاهتداء بهديه.

                                       20/4/1432

تعليق على مقالة الددو.

  تعليق على مقالة الددو.  وتنبيه لما وقع فيه من محاذير.  ________________ بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله . وبعد:  فقد قال...