17 جمادى الأولى, 1436
|
..أما
تورق الأشجار بعد الخريف
يقال أن الكبير رجلاً كان أو امرأة يحتاج إلى العاطفة في كبره
أكثر منه في شبابه. والسبب أن الشباب غني بذاته, وهو زمن العاطفة والأحلام.
لكن مع مرور السنوات من عمر المرء تكثر مشاغله وتتنوع بينما تأخذ
قواه في الضعف تدريجيا. ثم يشعر بفراغ وجداني قد لا يفطن لمسببه. ولكنه يجد تأثيره
عليه واضحا في تعامله مع محيطه, فيكثر غضبه، ويسرع انفعاله، وقد تتغير بعض طباعه
وتصرفاته, فيطرأ عليه مثلاً حب العزلة، ولو لبعض الوقت. فيبحث عن سبب لذلك فلا
يدركه غالبا، ومن الناس من لا يهتم لذلك ويظن أن هذا أمر لازم, وعام في الناس كلهم
فيستسلم لذلك, وهذا من الخطأ. مع أن علاج ذلك سهل وميسور، وقليلٌ من يتفطن له.
والحقيقة أن هنالك أسباباً متداخلة وعديدة كطبيعة الإنسان والحالة
الأسرية والمادية وغير ذلك مما يؤدي إلى الشعور بالعزلة أو ضيق الطبع وسرعة
الانفعال بل واضطراب السلوك الذي يوثر بدوره على صحة الإنسان كما أثر على نفسيته.
وأبرز طرق العلاج، مساران:
المسار الأول: الاهتمام بالجانب التعبدي وزيادة الوقت للعبادة من
الحصة اليومية. وهذا كفيل بإذن الله بعلاج كل المشكلات أو جُلّها، لما للعبادة
ومناجاة الله عز وجل من الأثر العظيم على نفس الإنسان، وبعث الطمأنينة في قلبه وفكره
وشعوره بالاستقرار النفسي.
والمسار الثاني: تغذية الجانب العاطفي. وبيان ذلك أن الزوجين إذا
تقادم العهد بهما، تضعف الشهوة لديهما. ويجف الشعور بالعاطفة شيئا فشيئا، وتبدأ من
هنا مرحلة التحولات الصعبة التي تقدمت الإشارة إليها، من الاضطرابات النفسية
والصحية.
ومن علاج ذلك:
إحياء الجانب العاطفي بين الزوجين. تقول لي كيف ؟ أقول لك: هناك خلل
يسير وقع فيه أحدكما. أو كلاكما، وهو أنكما لما ضعفت الشهوة، جفت مشاعر العاطفة
نتيجة لذلك، وهنا مربط الفرس، فعليكما بسقي شجرة الحب من جديد, وتغذية العاطفة بكل
ما تستطيعان.
ـ النظرة المعبرة الحانية .
ـ الابتسامة الساحرة.
ـ الكلمة الرقيقة بصريح الحب.
ـ المداعبة والتقبيل.
هذه الأمور اليسيرة تسقي جذور الحب القديمة فتورق من جديد كما تورق
الشجرة في الربيع بعد ذبولها في الخريف وجفافها في الشتاء.
واصل السير على المسارين:
زيادة الوقت الذي تقضية في العبادة بمختلف أنواعها.
وتغذية الجانب العاطفي المذكور آنفا.
وستكون النتائج بإذن الله طيبة والآثار محمودة.
وبالله التوفيق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق