الأحد، 7 يونيو 2015

الإيمان بالله هو السعادة


في غمرة الحياة الدنيا يجهل كثير من الناس المعنى الحقيقي للسعادة أو بمعنى آخر: الحياة الطيبة, وفريق آخر يرى السعادة بمقياس مائل, حتى يخيّل إليه أنه قد حصّل السعادة بما جمع وأوعى, وحقيقة الأمر أنما هؤلاء في سراب. ويكفى لتذكيرهم بخطئهم قول الله تعالى:{ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُون}.
فلتحصيل الحياة الطيبة والفوز بالسعادة أسباب لا تخفى على العاقل, ولكن الموفق من بادر إليها وجعلها نصب عينيه. وتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة التي توجب له السعادة كما رغب في ذلك نبي الله صلى الله عليه وسلم بقوله:" اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ، أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَإِنَّهُ مُيَسَّرُ لِعَمَلِ السَّعَادَةِ." أبوداود والترمذي وأحمد        
 فمن ذلك: معرفة الله والعلم بحقه سبحانه على خلقه، ليتبين للعبد قربه من الله أو بعده، وصدقه في إيمانه من عدمه.
وتقوية الإيمان في القلب: بمعرفة الله تعالى من خلال مطالعة أسماء الله وصفاته في القرآن والسنة, والافتقار إلى الله أن ينير بصيرته بهذه المعرفة, مع المداومة على تدبر القرآن الكريم.
فإنّ لمعرفة صفات الله تعالى وأسمائه أثراً كبيراً في زيادة الإيمان وتقويته في قلب المؤمن خصوصاً عند مواجهة الحوادث والفتن وتغير الأحوال.
ومما يثبت الإيمان في القلب ويقويه خشية الله, ودوام مراقبته, والعلم بأن الله جل وعلا مطلع على العبد في كل أحواله ولحظاته فإنه سبحانه سميع بصير, عليم بخواطر العقـول وتقلب القلوب وخائنة الأعين وما تخفي الصدور.
والمؤمن بالله حقاً, يؤمن بأنّ الله تعالى هو الملك القـدير, السميع البصـير, العليم الحكيم. وأنه عز وجل هو الحيٌ القيومٌ, الذي ليس له شريك ولا يستحق سواه من العبادة والتعظيم أدنى مثقال. قد تنـزّه سبحانه عن الشبيه والند والمثال, وتفرّد بالحيـاة الحقيقـة والكمال والعظمة والجلال. يؤمن بذلك كله, ويعمل بموجبه، ويزن عبادته بميزان الإخلاص, ومراقبة مولاه, وإتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم, والحرص على مرضاة ربه تعالى, والبعد على مساخطه ونواهيه. ثم يسبّح الله ويمجده بلسانه وقلبه, ويحمد ربه على قضائه وقدره, حلوه ومره. ويستسلم لأمر الله تعبداً ومحبة، وتعظيماً, ويتقرب إليه بطاعته, رغبةً ومحبة ممزوجة بخشيته وإجلاله.
ويعلم علم اليقين: أن الله مستحق للحمد والثنـاء. أهلٌ للتعظيـم والإجلال والتنـزيه والتسبيح.{ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا }. وأنه تعالى العلي العظيم, الغني الكريم, العزيز الحكيم, المتعالي عن الشركاء والنظراء. قـد استوى على عرشه العظيم استواء يليق بجلاله وعظمته, وهو مع ذلك عليم بخلقه مطلع عليهم, محيط بهم ,لا تخفي عليه من أمورهم خافية, كما قال جل وعلا:{هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.
ومتى وفـق الله العبد للإخلاص وتحـقيق التوحيد, وتعظيم الله في أسمائه وصفاته وعَبدَ الله على بصيرة ونور من القرآن والسنة مجانباً سبيل المجرمين من الضالين والمنافقين؛ فإنه ترجى له السعادة في الدنيا والآخرة. قال الله سبحانه: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ}.
 وهم الذين يقول الله لهم يوم القيامة :{يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ* ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ *يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ}.
وقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عنهم:" إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لأَهْلِ الْجَنَّةِ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ يَقُولُونَ لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ فَيَقُولُ هَلْ رَضِيتُمْ فَيَقُولُونَ وَمَا لَنَا لاَ نَرْضَى وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ فَيَقُولُ أَنَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ قَالُوا : يَا رَبِّ وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ فَيَقُولُ أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلاَ أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا". البخاري ومسلم
وأما من أهمل ذلك فقد نسي نفسه, وأضاع حظه من الخير, وباء بالخسران المبين.  قال الله تعالى:{ وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما أصاب من مصيبة..

         ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله..          من الذي لم تصبه الضراء..؟ من ذا الذي سلِم من الابتلاء.. ؟!  ... - آدم عليه السلام عاش في ...