لا شك أن الجميع يدرك الحاجة الملحة للأعمال الخيرية
المبنية على أسس واضحة ومدروسة.
والمساهمة في الأعمال الخيرية بالنفس والمال , وإخراجها من
حيز الرُؤى والتنظير إلى الوجود والتفعيل, وتنظيمها وتطويرها كل ذلك من التعاون
على البر والتقوى الذي ندب الإسلام إليه, والنفقة في هذا المضمار مما تجدر
المسابقة فيه, والحرص من كل ذي سَعة عليه. وقد رغب الله في الإنفاق في أوجه البر
عموما فمن ذلك قوله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ
مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ
وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ},
وقوله سبحانه:{إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ
قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ}.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله
عليه وسلم قال :" إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة , إلا من صدقة
جارية, أو علم ينتفع به, أو ولد صالح يدعو له".
قال البغوي رحمه الله:" هذا الحديث يدل على جواز الوقف على وجوه الخير واستحبابه, وهو
المراد من الصدقة الجارية".(شرح السنة1/300)
لهذا ينبغي توعية الناس ودعوتهم للمساهمة في أعمال البر عامة
وخصوصاً ذات النفع المتعدي منها: كعمارة المساجد, وإنشاء الأوقاف الخيرية
الاستثمارية, والمشاركة فيها. ودعم جمعيات تحفيظ القرآن الكريم, والمدارس الخيرية
, وجمعيات البر , والإغاثة, وإنشاء المستشفيات والمستوصفات التي تقدم العلاج
المجاني أو تساهم فيه , وكذلك الصناديق التي تدعم المشاريع الخيرية, أو تقدم لها القرض الحسن.
ومن ذلك أيضاً: الصدقة على الفقراء والمساكين, والدعوة إلى
الله, وفتح المعاهد والمراكز العلمية والإنفاق عليها, وكفالة الدعاة وطلاب العلم
الفقراء, والمساهمة في نشر العلم, والقنوات الفضائية, ونحو ذلك مما يحتاج إلى
موارد مالية كافية ودائمة, ومشاريع استثمارية وقفية؛ فكم من أعمال دعوية تعثرت,
ومشاريع خيرية توقفت؛ لعدم توفر الدعم المالي الكافي.
فالمال عصب الحياة, وهو قوام كثير من المشاريع الدعوية
والعلمية التي تنشر دين الإسلام على مذهب السلف, وتقف سدا منيعاً ضد حملات التنصير
والإلحاد؛ فيثمر ذلك نهضة إسلامية مبنية على أسس صحيحة وقوية.
وبعد: فالاستثمار الأمثل للمال هو
المتاجرة مع الله في مثل هذه الأعمال الخيرية, من خلال المشاريع القائمة
والعناية بها تنظيماً وإدارة, أو المبادرة باستحداث ما تدعو الحاجة إليه؛ كي يستمر
العطاء ويعم النفع, ويعظم الثواب.
وبالله التوفيق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق