عند مفترق الطرق.
من فضلك توقف لحظة عند مفترق الطرق!
الطريق على اليمين آمن ومستقيم،
والطريق الأيسر كثير التعرجات ومحفوف بالمخاطر.
فأيهما تسلك؟
تماما مثل السير في طرق الدنيا كذلك السير إلى الله.
فعلى اليمين التقوى والهدى والسنة والمنافسة في الطاعات ، ثم نعيم الجنة.
وعلى الشمال الكفر والضلال والبدعة والمعاصي والسيئات، ثم عذاب النار.
فعند مفترق الطرق، خذ الاتجاه الآمن ولا تجازف بطريق ينتهي بك إلى الهلاك.
تنبّه وتذكّر: {وَأَصحابُ اليَمينِ ما أَصحابُ اليَمينِ * في سِدرٍ مَخضودٍ * وَطَلحٍ مَنضودٍ * وَظِلٍّ مَمدودٍ * وَماءٍ مَسكوبٍ * وَفاكِهَةٍ كَثيرَةٍ..}.الآيات. هذا :{وَأَصحابُ الشِّمالِ ما أَصحابُ الشِّمالِ * في سَمومٍ وَحَميمٍ * وَظِلٍّ مِن يَحمومٍ..} الآيات.
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:" خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا خَطًّا، ثُمَّ قَالَ : " هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ ". ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَ : " هَذِهِ سُبُلٌ، عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ".ثم تلا الآية{وَأَنَّ هذا صِراطي مُستَقيمًا فَاتَّبِعوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبيلِهِ.}.(المسند٢٠٧/٧)
فعند مفترق الطرق..!
إذا رأيت أناساً يجترحون السيئات فتجنب طريقهم، وسابق إلى الطاعات.
وإذا رأيتهم يتسابقون إلى تحصيل متاع الدنيا، فنافسهم أنت فيماهو أغلى وأبقى.
فإن قصّر جهدك أن تبلغ ماترجو فسابق بنيّتك، واجعل سعيك لمعاشك من عبادتك، وتاجر مع الله تعالى بطاعته فالتجارة معه لن تبور.
وضع نصب عينيك أن حقيقة الدنيا هي كما وصف الله تعالى بقوله:{وَاضرِب لَهُم مَثَلَ الحَياةِ الدُّنيا كَماءٍ أَنزَلناهُ مِنَ السَّماءِ فَاختَلَطَ بِهِ نَباتُ الأَرضِ فَأَصبَحَ هَشيمًا تَذروهُ الرِّياحُ وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ مُقتَدِرًا}.
فلما كانت متاعا زهيدا زائلا أرشد الله تعالى إلى ماهو أنفع وأبقى، فقال سبحانه:{ المالُ وَالبَنونَ زينَةُ الحَياةِ الدُّنيا وَالباقِياتُ الصّالِحاتُ خَيرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوابًا وَخَيرٌ أَمَلًا}.
وتدبر قوله تعالى:{اعلَموا أَنَّمَا الحَياةُ الدُّنيا لَعِبٌ وَلَهوٌ وَزينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَينَكُم وَتَكاثُرٌ فِي الأَموالِ وَالأَولادِ كَمَثَلِ غَيثٍ أَعجَبَ الكُفّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهيجُ فَتَراهُ مُصفَرًّا ثُمَّ يَكونُ حُطامًا وَفِي الآخِرَةِ عَذابٌ شَديدٌ وَمَغفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضوانٌ وَمَا الحَياةُ الدُّنيا إِلّا مَتاعُ الغُرور}.
كم أرجو أن ندرك جميعا الفرق الشاسع بين ما وفقنا الله له من فضله، وبين مافات من زهرة الحياة الدنيا، موقنين أنها لو كانت تعدل عند الله جناح بعوضة ماسقى الكافر منها شربة ماء.
فلنحذر الاغترار بها وبخداع الشيطان، يقول الله جل وعلا:{يا أَيُّهَا النّاسُ إِنَّ وَعدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الحَياةُ الدُّنيا وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الغَرورُ}.
تذكر أيها الموفق السابقين إلى معالي الأمور الذين قال الله عنهم: {أُولئِكَ يُسارِعونَ فِي الخَيراتِ وَهُم لَها سابِقونَ}، فاتخذهم قدوة وابذل قصارى جهدك لعلك تلحق بهم.
وتأمل مصير رجلين أحدهما أنعمُ أهل الأرض ممن هو من أهل النار، والآخر أشدهم بؤسا في الدنيا ممن هو من أهل الجنة. قال النبي صلى الله عليه وسلم:"يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ يُقَالُ : يَا ابْنَ آدَمَ، هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ ؟ فَيَقُولُ : لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ. وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا فِي الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيُصْبَغُ صَبْغَةًفِي الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ : يَا ابْنَ آدَمَ، هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ ؟ فَيَقُولُ : لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ، مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ، وَلَا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ ". (صحيح مسلم: ٢٨٠٧)
فاختر لنفسك أي الطريقين أحب إليك فاسلكه، وخذ الزاد من هنا:
{وَسارِعوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّماواتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقينَ.* الَّذينَ يُنفِقونَ فِي السَّرّاءِ وَالضَّرّاءِ وَالكاظِمينَ الغَيظَ وَالعافينَ عَنِ النّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ المُحسِنينَ* وَالَّذينَ إِذا فَعَلوا فاحِشَةً أَو ظَلَموا أَنفُسَهُم ذَكَرُوا اللَّهَ فَاستَغفَروا لِذُنوبِهِم وَمَن يَغفِرُ الذُّنوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَم يُصِرّوا عَلى ما فَعَلوا وَهُم يَعلَمونَ* أُولئِكَ جَزاؤُهُم مَغفِرَةٌ مِن رَبِّهِم وَجَنّاتٌ تَجري مِن تَحتِهَا الأَنهارُ خالِدينَ فيها وَنِعمَ أَجرُ العامِلينَ}.
فاستعن بالله وتوكل عليه، واستعذ به من كيد الشيطان والنفس الأمارة بالسوء.
اللهم!
إياك نعبد وإياك نستعين،فاهدنا الصراط المستقيم..
……………………………..محمد بن علي الشيخي
١٤٤٠/٤/٢٤
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق