الصورة القاتمة التي تبدو للناظر اليوم حقيقة واقعة، لا أحد ينكرها.
ولكنها تعتبر حالة عارضة وزائلة، نعم ، تمُرُّ اليوم الأمة المسلمة بمنعطفٍ حادٍ وخطر، وتعيش مرحلةً عصيبة، تواجهها الأخطار فيها من كل حدب وصوب، من تكالب الأعداء، وطعنات الأدعياء، وطائفة من المسلمين في غفلة عن ذلك، مشغولون بالشبهات، وآخرون أضحوا صرعى الشهوات، وكثير منهم في غفلة عما يدبره العدو لهم من المكائد.
والعجيب كيف تبلدت المشاعر، وصُرفت الهمم عن استصلاح الأحوال ، وغيّبت الحقائق، وأُلهيت الأمة عن مُصابها، ثم أُخِذ بزمامها إلى تفاهات الأمور- إلا ما شاء الله - وخُدعت عن مستقبلها ومصيرها.
ولا يعني ذلك أن الشر غالب على الخير، وأن الأمر يدعو لليأس. كلا، كلا. فالصالحون كثير، والمصلحون قائمون بما أوجب الله عليهم، وإن اعتراهم شيء من الفتور أو الضعف.
ولكن اليقظة مطلوبة، والحذر واجب، والعمل الجاد المحكم أوجب، والأمل مرتقبٌ لغدٍ أفضل وقريب بمشيئة الله تعالى."وما حصل من خلل أو تقصير فبسبب تفريطنا في جنب الله"!
غير أن الخير لا يزال في هذه الأمة إلى قيام الساعة، وسيظل دين الإسلام قدرها، وستبقى بإذن الله عزيزة منصورة مانصرت دين الله. فبرغم ما أصيبت به من مصائب عظيمة ومتوالية، "إلا أنها صمدت في وجه العواصف العاتية، بدلالة تجدد كيد أعدائها وعجزهم عن استباحة بيضتها وإفنائها، بل إنها بدأت تأخذ زمام المبادرة وتدعو لدينها، حتى انتشر في كثير من بقاع الأرض وعلا شأنه.
"ولك أن تعجب من عظيم صُنعِ الله، حين زعم نصارى أوربا وقادتها أنه بحلول عام ٢٠٠٠ميلادي ستصبح أفريقيا قارة نصرانية، وهانحن قد تجاوزناه، وهم عاجزون رغم حملاتهم التنصيرية الضخمة المدعومة من دولهم بالمليارات، ينشئون بها الكنائس والمشافي والمدارس، فيأتي دعاة مسلمون بجهود فردية ومبالغ زهيدة تطوعية، فينشرون عقيدة التوحيد ويهدمون العقائد الباطلة، وليس وراءهم دول تدعمهم ولا ميزانيات تسعفهم ولكنه وعد الله بنصر دينه وتثبيت أوليائه". يقول عز وجل:{وَلَقَد سَبَقَت كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا المُرسَلينَ* إِنَّهُم لَهُمُ المَنصورونَ* وَإِنَّ جُندَنا لَهُمُ الغالِبونَ}. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : "
ليبلُغنَّ هذا الأمرُ ما بلغ اللَّيلُ والنهارُ، ولا يترك الله بيت مَدرٍ ولا وبر إِلَّا أَدخله الله هذا الدِّين بِعِزِّ عزيزٍ، أَو بِذُلِّ ذليلٍ، عزًّا يُعِزُّ الله به الإسلام، وذُلًّا يذِلُّ اللَّهُ به الْكُفر ".
فهذا وعد الله الذي لايخلف الميعاد.
…………………………………
محمد بن علي الشيخي
١٤٤٠/٨/٢٦
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق