الاثنين، 1 يوليو 2019

الحوار المفيد


من الطبيعي اختلاف وجهات النظر وتباين المدارك والثقافات.
فعند اقتناع شخص ما بفكرة أو مسألة مهمة، فإنه ليس من السهل أن يتخلى عنها، أو يؤمن ببطلانها.
فإن من أصعب الأمور معالجة وجهات النظر المتباينة.
والسبب غالبا يرجع إلى أن الإنسان يشعر أن قناعاته جزء من شخصيته، فأي محاولة لتغييرها يرى أنها تسفيه لرأيه، فيواجه ذلك بموقف صلب يصعب زحزحته عنه.
ومن المحتمل إن جَدّ النقاشُ معه أن تكون لذلك نتائج مؤسفة، فقد يرى فيك خصما له فتسوء العلاقة بينكما بسبب ذلك.
لهذا يجب إدراك أهمية المسألة موضوع النقاش، فإذا كانت الضرورة تدعو إليها كالأمور الدينية، فهنا لابد من بيان الحق بدليله وبالحكمة والموعظة الحسنة، نصيحةً واحتساباً، يقول الله سبحانه:{يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا}.
مع الدعاء للشخص المحَاور بأن يشرح الله صدره للحق.
وأما إن كانت المسألة ممايسوغ فيه الاختلاف، فيبين القول الصواب بطريقة ودية وسهلة، فإن حصل الاقتناع فبها ونعمت، وإلا فلا داعي للاستمرار في ذلك، بل يُحتمل الخلاف حينئذ ويقبل على أنه مجرد وجهة نظر، ولكل إنسان قناعته، ويحترم رأيه.
ينسب للشافعي رحمه الله أنه قال:"قولي صواب يحتمل الخطأ وقولك خطأ يحتمل الصواب".
فالواجب الإبقاء على العلاقة والحفاظ على المودة كما قيل: اختلاف وجهات النظر لا يفسد للود قضية.
فالحوار المفيد هو ماكان الغرض منه إظهار الحق واتباعه.
ومتى كان القصد من ذلك مجرد الانتصار للنفس أو التشبث بالرأي، أو أفضى ذلك إلى إساءة الظن والتجريح، فهنا يجب التوقف عن الحوار، عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت".
فكثيرا ما يقع الجدال في مسائل غير ذات أهمية لكنها تُعطى أكبر من حقها، فينتج عن ذلك أمور لا تحمد عقباها.
فما الداعي لذلك؟
يقول الشاعر.
نحن بما عندنا وأنت بما
عندك راضٍ، والرأي مختلف.
فأبق على نفسك، ووفرّ جهدك، واعتنّ بالأمور المهمة، ودع عنك أمر العامة.
واحتفظ بعلاقة جيدة مع معارفك وأقاربك وأصدقائك ولا تدخل مع أحد في نقاشات غير ذات جدوى، بل قد تضر أكثر مما تنفع.
….……………………………
محمد بن علي الشيخي
١٤٤٠/١٠/٢٧

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

خاطرة

         خاطرة   اليوم كما نرى تعج الساحة بالكثير من المشاركات بين كتابات ومقاطع فيديو.. وتحتوي على السمين والغث، والخير والشر.. واختلاط الص...