نِعمَ أجر العاملين
الإيمان اعتقاد وقول وعمل..
وكلما استكثر المؤمن من الطاعات كلما ازداد إيمانا، وينقص إيمانه ويضعف كلما عصى الله وخالف أمره. وكلما تقرّب إلى الله، كلما أحبه ربه وقرّبه إليه. في الحديث القدسي قال الله عز وجل:"ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه". (البخاري: ٦٥٠٢)
وقد بشّر الله المؤمنين الذين صدّقوا إيمانهم بالعمل الصالح ببشارات عظيمة وأعد لهم جنات النعيم: فمن ذلك قوله عز وجل:{وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}.
وجعل الله الإيمان والعمل الصالح سبباً للفوز بالجنة ونعيمها فقال:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ}. ومعنى قول الله جل وعلا: { يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ} أي: بسب إيمانهم يدخلهم جنات النعيم، وقال الله سبحانه:{ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ}.
فقرن الله بين الإيمان والعمل الصالح، ونفى الخوف والحزن عن أوليائه المؤمنين الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح فقال تعالى:{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}. وتفضل عليهم ربهم سبحانه بتوفية أجورهم فقال تعالى:{وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ}.
وأعد الله لعباده المؤمنين الحياة الطيبة وجزاهم على أعمالهم أحسن الجزاء فقال عز وجل:{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
فمن تدبر الآيات التي ورد فيها ذكر الإيمان مقرونًا بالعمل الصالح أدرك ضرورة تصديق القول بالعمل.
فالواجب على المؤمن أن يصدّق عملُه قولَه، فإنّ العمل الصالح الذي حسُنتْ فيه النية ووافق السنة هو ثمرة الإيمان الصادق والدليل عليه. وكما قرر ذلك العلماء من أهل السنة:
أنّ الإيمان: اعتقاد وإقرار بالقلب، وقول باللسان ، وتصديق بعمل الجوارح والأعضاء.
ويشهد لذلك ويؤيده أنّ الله سبحانه ذكر بعض خصال البر وشُعب الإيمان، وأخبر أنها من أعمال المتقين الذين صدقوا في تقواهم وإيمانهم فقال سبحانه: { لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِوَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ
وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ
وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ.أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}.
فلننظر إلى ما يحصل فيه التقصير من أعمالنا فلنتق الله فيه، ولنبادر إلى تكميله وإصلاحه، ولنعبد الله بإخلاص ومحبة وتعظيم شكراً لنعمه سبحانه التي أسبغها علينا، ورجاء ما وعدنا من الفضل العظيم.
فأدعو نفسي وإياك إلى الاستكثار من الطاعات، واستباق الخيرات، وتدبر ما دعانا الله إليه واغتنامه، يقول سبحانه وتعالى:{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ* أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}.
فجعل الله تعالى هذا النعيم جزاء للعاملين المتقين الذين نوّه بهم وذكر طرفًا من صفاتهم وأعمالهم.
فمن تمام تقوى الله: شكره على نعمة الهداية والاجتهاد في تغذية الإيمان بمختلف أنواع البر من الأعمال الصالحة الخالصة له تعالى، فمن تحقق له ذلك فليبشر بتمام النعمة والفوز والكرامة، قال الله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ إِنَّا لَا نُضِیعُ أَجۡرَ مَنۡ أَحۡسَنَ عَمَلًا • أُو۟لَـٰۤئكَ لَهُمۡ جَنَّـٰتُ عَدۡنࣲ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهِمُ ٱلۡأَنۡهَـٰرُ یُحَلَّوۡنَ فِیهَا مِنۡ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبࣲ وَیَلۡبَسُونَ ثِیَابًا خُضۡرࣰا مِّن سُندُسࣲ وَإِسۡتَبۡرَقࣲ مُّتَّكِـِٔینَ فِیهَا عَلَى ٱلۡأَرَاۤئكِۚ نِعۡمَ ٱلثَّوَابُ وَحَسُنَتۡ مُرۡتَفَقࣰا }..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق